بمناسبة اختيارها عاصمة للثقافة الأفريقية عام 2020، ينطلق برنامج الاحتفال بـ مراكش في نهاية كانون الثاني الجاري، بحفل افتتاح كبير يجمع فنانين ومثقفين مغاربة، وأفارقة، وعروضاً وبرامج واحتفالات فنية مختلفة، كما تستعد المدينة المغربية لاستقبال زوار جدد من أنحاء العالم؛ ليتعرفوا على المدينة القديمة ومعالمها وقصورها ومتاحفها التاريخية وفنها التقليدي.
ذلك بعد أن جرى خلال اجتماع منظمة المدن المتحدة والحكومات المحلية في أفريقيا اعتبار مدينة مراكش المغربية أول عاصمة للثقافة الأفريقية في 2020، وتصنف منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونسكو” ساحة جامع الفنا والمدينة القديمة في مراكش، ضمن قائمة التراث الثقافي العالمي، وتتميز المدينة كذلك بجمالها الطبيعي والنباتي.
مراكش أول عاصمة ثقافية أفريقية
كانت مراكش عاصمة لدولتي المرابطين والموحدين، وتلقب بالمدينة الحمراء لغلبة اللون الأحمر على بنائها العريق، وتقع جنوبي المغرب عند سفوح جبال الأطلس، وتعرف كذلك بعاصمة النخيل.
تزخر مراكش بمعالمها التاريخية مثل الأسوار القديمة الممتدة لنحو تسعة كيلومترات، وقبة المرابطين التي تعد من روائع المعمار المرابطي، بالإضافة إلى الحدائق والأعمدة ومسجد الكتبية ومدرسة ابن يوسف، وحدائق المنارة.
وتعد ساحة جامع الفنا والمدينة القديمة إرثاً ثقافياً لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة(اليونسكو)، وهذا أيضاً سبب في وقوع الاختيار على مراكش كأول عاصمة ثقافية أفريقية.
المعالم التاريخية والسياحية في مراكش
بالحديث عن هذه المدينة، أفادت عواطف البرادعي، من اللجنة التي سترافق البرنامج الثقافي لمراكش: «مراكش كانت دوماً واحة في المغرب والغرب وجنوب الصحراء. إنها مدينة عجيبة بفضل جمالها الطبيعي، والتنوع كبير في النباتات. فهي تجمع بين الصحراء والثلوج».
وقد تم اختيار مراكش كأول عاصمة ثقافية أفريقية، لأن المدينة تُعد نافذة لأفريقيا الحضرية المعاصرة، وتمثل في آنٍ واحدٍ تنوع الثقافة الأفريقية. وطوال 2020 ستعكس العديد من المعارض والمهرجانات والفعاليات الأخرى هذه الواجهة.
تجتذب سنوياً ملايين الزوار من العالم، وهذا تحول أيضاً إلى مشكلة؛ لما تسبب به من غلاء في أسعار العقار. وهذا لا يعود فقط إلى العدد الكبير من السياح الذين يرغبون في المبيت في المدينة القديمة، بل للأجانب والمغاربة الأثرياء الذين اشتروا بيوتاً فيها. فسكان مراكش العاديون يعيشون من ازدهار المدينة ويعانون منه في الوقت نفسه.
ومن المدينة القديمة، صلب مراكش الشرقية والتقليدية لا تفصلنا إلا خطوات قليلة عن الحداثة. فحتى الفن الطليعي يجد في موطناً له في مراكش: ففي الجانب الآخر من أسوار المدينة توجد قاعات العروض والمحلات الجميلة ومتاجر الفنون.
كما تحتضن مراكش، حدائق ماجوريل الشهيرة التي اكتشفها إيف سان لوران وصديقه "بيير بيرجي"، كواحة تستحق الإنقاذ من التلف، وهي مفتوحة اليوم للزوار، ويزورها أكثر من 800.000 شخص سنوياً. وفي 2017 تم تدشين نصب تذكاري في مراكش لـ"إيف سان لوران"؛ حيث افتتح متحف على شرفه بمشاركة زوجة الملك لالة سلمى التي ظهرت بلباس من تصميم الفنان الراحل.
وبعد أشهر تم تبديل الملابس الأصلية بأخرى من أجل حمايتها، ويتمكن الزوار من اكتشاف أشياء جديدة. وهنا يتعدى الأمر عالم الموضة، كما يقول مدير المتحف بيورن دالشتروم، الذي يؤكد على المحيط الذي نشأ فيه ذلك الفن،
حيث أن "إيف سان لوران" عشق مراكش؛ إذ إنه الفنان الوحيد الذي يرتبط اسمه بالمدينة. «المدينة منحت إيف سان لوران الإلهام الضروري. إنها مكان للعيش والعمل بالنسبة إلى الفنان الذي يبقى إلى حد ما ابن المغرب، وأعتقد أن المراكشيين يربطون أشياء به».
والمتحف تم تصميمه بالتالي كموقع لقاء للناس والثقافات، كما يقول المدير دالشتروم، وعلى مساحة 4000 متر مربع يوجد متسع لقاعة معارض ومكتبة للبحث وقاعة محاضرات.
كما تعد مراكش أيضاً مدينة الموسيقى، نتيجة المهرجانات الموسيقية العديدة التي تستضيفها.