في ظل تفشي فيروس كورونا عالمياً وانتشاره بين البلدان بسرعة قياسية، يعيش الناس في هونغ كونغ محنة كبيرة لأنهم يجدون صعوبة بالغة في العثور على الأقنعة الواقية التي تساعدهم على مواجهة هذه الفيروسات القاتلة والعائمة في الجو، خاصة وأنهم سبق أن عاشوا تجربة صعبة أثناء تفشي فايروس (سارس) في عام 2002 وما يزال السيناريو المرعب عالقاً في أذهانهم.
وقد وجد التجار والباعة في هذه الأزمة الصحية فرصة كبيرة لجني الأرباح الطائلة، مع تزايد الطلب على هذه الأقنعة التي لا تكاد تكفي لسد الحاجة والطلب المتزايد على شرائها، وقد وصلت أسعار الأقنعة في هذا البلد إلى أرقام غير مسبوقة تزيد أحياناً على 150 دولاراً أمريكياً للقناع الواحد، في حين إن سعرها الأصلي لا يتجاوز بضع سنتات، وما بين العرض والطلب يقع الناس في هونغ كونغ فريسة الاستغلال والشراهة في الربح.
طوابير طويلة وأقنعة قليلة
ومع تزايد الإشاعات والتضخيم في أعداد الإصابات وخطورتها، بات الناس في ترقب لأي خبر عن وصول شحنة من الأقنعة تتوفر لدى أحد الباعة، ولكنهم سرعان ما يصابون بخيبة أمل لأن هنالك من يأتي ويشتريها كلها؛ من أجل أن يزايد على سعرها لاحقاً، وهذا ما دعا البعض إلى شراء الأقنعة المستعملة التي يجري تبخيرها وإعادتها إلى رفوف البيع في المتاجر الصغيرة، حيث لا يكلف بعضهم نفسه عناء تنظيفها، وتبقى ملوثة بالبقع أو بقايا شمع الأذن، وهي بالنسبة للزبائن أحد الحلول التي يلجؤون إليها بعد أن يقفوا في طوابير منذ ساعات الصباح الأولى، وقد ينتهي بهم الأمر إلى لا شيء؛ لأن الأقنعة محدودة الأعداد، كما أن هنالك من لا يكتفي بشراء قناع واحد، ويبدو أن السلطات الصحية المحلية لا تقدم كثيراً من الدعم؛ بسبب الضغوط التي تعرضت لها بعد أشهر من الاحتجاجات السياسية، التي هدمت الثقة بينها بين الناس، وأوقعتهم في حالة غضب وإحباط شديدين.
أنانية وشراهة في الشراء
وفي هذا الصدد يشير (جوان بونكر) وهو صحفي ومؤسس صفحة على موقع Facebook إلى تباين أسعار الأقنعة التي تبدأ من عشرة دولارات للقناع لتصل إلى 150 دولاراً أمريكياً رغم أن السعر الحقيقي لا يتجاوز الدولار الواحد وأن الأسعار قد زادت إلى الآلاف بالمئة، فيما يؤكد الرسام الشهير (بيت روس) والذي عاش في هونغ كونغ طوال حياته، على عدم استطاعته الحصول على قناع، لذا فإنه لجأ إلى غسل اليدين بشكل منتظم ومستمر لأنه على تماس مع الناس، وغالباً ما يقترب منه الزبائن ويعطسون بوجهه، وهذا ما يثير قلقه بشكل كبير.
وفي حديث لقناة سكاي نيوز Sky News أشار أحد الموظفين إلى شراهة البعض، وأكد بأنه رأى رجلاً يشتري نحو 400 قناع من آلة البيع في المستشفى، ورغم أن الناس كانوا غاضبين من هذا التصرف الأناني، إلا أنه استمر في الشراء حيث تأتي هذه الممارسات في ظل صمت السلطات الصحية، وعدم شروعها بتوزيع أي قناع على الناس، في حين أن الأمر كان مختلفاً عند انتشار فايروس السارس، قبل ثمانية عشر عاماً، حيث قامت الحكومة حينها بتوزيع ملايين الأقنعة المجانية ومعقمات اليد في جميع أنحاء البلاد وخاصة في المدارس وبيوت المسنين.
تاجر هندي يرد الجميل
من جانب آخر زادت مبيعات الأقنعة من خلال مواقع الإنترنت، ومنها موقع eBay وإن كانت الأسعار مرتفعة كما أن الطلبات قد لا تصل بالسرعة المطلوبة، ولكن وسط كل هذا الارتباك والهلع والتصرفات الأنانية لعب أحد رجال الأعمال الهنود الذي يدير سلسلة صغيرة من المتاجر دوراً إنسانياً كبيراً، حيث قام بشراء مائتي ألف قناع وقام بتوزيعها مجاناً على الناس في رد للجميل كما يقول، حيث إنه يعيش في هونغ كونغ منذ 15 عاماً لم يصادف خلالها أي نوع من العدوانية أو العنصرية من الناس، وقد فعل الشيء نفسه كثير من المسافرين العائدين للبلد، وهم محملون بالحقائب الممتلئة بالأقنعة، التي كانوا يوزعونها مجاناً، أو يبيعونها بأسعار مخفضة جداً.
الأزرق والأخضر
أما القناع الثاني الذي يتخذ اللونين الأزرق والأخضر فى الغالب، والذي اعتاد الناس على رؤيته لدى الجراحين فلا يحقق سوى حماية محدودة جدًا، وأوضحت الباحثة فى الأمراض المعدية، راينا ماكنتيري، أن هذه الأقنعة لا تحمي إلا حين يتعلق الأمر بالتعرض لرذاذ أو قطرات كبيرة الحجم نسبيًا، أما الجزيئات الصغرى التي تحمل المرض فقادرة على اختراقه.
وفى ظل تفشى الفيروس، ينصح الخبراء بالحرص على غسل اليدين بالماء والصابون بين الحين والآخر، فضلاً عن عدم لمس الفم والعينين باليدين قبل غسلهما، إضافة إلى ضرورة تغطية الفم والأنف بمنديل أثناء السعال أو العطس، وذلك وفقًا لما نقلته شبكة «سكاى نيوز» الإخبارية، اليوم الخميس.
فوائد ارتداء القناع
وفى وقت سابق، أجرت الباحثة دراسة حول فوائد ارتداء القناع الأول أي «N95» من قبل الأمهات اللائي يقمن برعاية أطفال مرضى، فوجدت أنه استطاع أن يحميهن من الأذى، لكن هذه الحماية تحققت فقط لدى من واظبن على إبقاء القناع طوال الوقت أثناء وجودهن فى مكان واحد مع المرضى الصغار، وهو أمرٌ يصعب القيام به لمدة طويلة.
يشك علماء الفيروسات في فاعلية ارتداء الكمامات ضد الفيروسات المحمولة بالهواء، ولكن هناك أدلة تشير إلى أن الأقنعة يمكن أن تساعد في منع تلامس اليد مع الفم.
وقال الدكتور ديفيد كارينجتون من جامعة سانت جورج في لندن لموقع « بي بي سي: «الأقنعة الجراحية الروتينية للجمهور لا توفر حماية فعالة ضد الفيروسات أو البكتيريا التي تنقل في الهواء»
وأضاف: «معظم الفيروسات» تنتقل عن طريق حملها في الهواء، والأقنعة عادة ما تكون فضفاضة وواسعة للغاية، ولا يوجد بها فلتر للهواء وترك العين مكشوفة، ومع ذلك، يمكن أن تساعد الأقنعة في تقليل خطر الإصابة بفيروس عن طريق العطس أو السعال، وتوفر بعض الحماية ضد انتقال اليدين.
ففي الوقت الحالي، يقول مسؤولو الصحة العامة وفقا لتقرير موقع «The newYork time» إنه لا توجد حاجة لارتداء أقنعة الوجه في الولايات المتحدة، لكنهم يوصون بها في الصين مكان تفشي الفيروس، وخاصة للأشخاص الذين يعتقدون أنهم قد يكونون مرضى.