أدى انتشار فيروس كورونا حول العالم إلى تعزيز مخاوف البعض من أن يتحول الأمر إلى كارثة، وأصبحوا يُبْدُونَ ردود فعل بصورٍ مبالَغٍ فيها وغير محسوبة؛ لذا التقت «سيدتي» بالكاتبة والأخصائية النفسية لتعديل السلوك والمستشارة الأسرية والمحلِّلة الشخصية، كريمة الداعور؛ لتقدِّمَ لنا نصائح نفسية لمواجهة انتشار هذا الفيروس.
نصائح نفسية
قالت الداعور: فيروس كورونا هو إعصارٌ وبائي يمتد بمداد يجتاح العالم بأكمله؛ فيعتصر النفس البشرية بهلع يُخلخل أركانها نفسيّاً وتُجبر قسراً على التقيُّد جسديّاً؛ فعندما يتحول هاجس الوقايةِ إلى وساوس باستجاباتٍ سلوكية وجسدية وعاطفيةٍ بإدراكٍ مملوء بخوف من مجهول يتعدى الحد الطبيعي؛ فإن ذلك يعوق القيام بوظائف الحياة، وذلك يحدث بنقل إعلامي غير دقيق يشيع وينشر ويُضخِّم بالشكل الدراماتِيكي؛ ليخلق عند الفرد أعراضاً وهمية مُشابهة لأعراض الوباء الحقيقية بصورةٍ ذهنيةٍ لتَصَوُّرٍ بالغ الحد؛ ليحتدّ على النفس، وقد يصل لحد الفوبيا؛ فتُصبح هناك أعراض نفسية جسدية سيكوسوماتية «Psychosomatice Disorders»، وذلك من جَراء تصديق النفس لتلك الصورة الذهنية، للدرجة التي يستجيب الجسد لها؛ فترتفع درجة حرارته، ويشعر بأعراض الوباء من انزعاج معوي وصُداع وفقدان شهية، وتلك الإستراتيجية الاحترازية المُتَّخذة في الوقاية من ذلك الوباء -سواء بالعزل أم بالحَجْرِ الصحي- ستخلِّف من ورائها آثاراً وَخِيمَةً، وتختلف حِدَّتُهَا تبعاً لنمط تلك الشخصية؛ حيث إن إحساس الفرد المعزول بأنه ينتظر شيئاً قد يؤدي إلى وفاته، هو في حد ذاته الموت البطيء للنفس، باستنفادٍ نفسي عاطفي وإجهاد بسبب شعور الغضب والتوتر والملل؛ مما قد يؤدي إلى اضطراب ما بعد الصدمة «Post-Teaumatic stress Disorder» أو حالة من الاكتئاب «Depression».
ولهذا، من اللازم التدخُّل والتركيز على كُل ما يحدث للنفس؛ خاصةً أن ذلك النوع من الخوف والتوتر المضطرب «وبخاصة تلك الشخصية القلقة» له دور في تنشيط إفراز هرمونات الأدرينالين والكورتيزون، وهما لهما أهمية بالغة للجهاز المناعي، الذي نحتاجه أشد الحاجةِ لمواجهة تلك الكارثة الوبائية؛ حيث إنها تُصيب من لديهم ضعف في جهاز المناعة «وهذا ما يجعل كبار السن هم الأكثر عُرضةً للإصابة، إلى جانب من لديهم أمراض دائمة».
نصائح لمواجهة تلك الفوبيا الفكرية
١- البُعد بقدر الإمكان عن الأخبار عامة والأخبار غير الموثوق بها خاصةً، وعدم التركيز والإجهاد المُتيقظ فيما يُشاع، وتشتيت الفكر والانشغال عنها، وخاصة لذوي الشخصية القلقة؛ حتى لا يتعزَّزَ الخوف بداخلهم ويزيد.
٢- اتِّباع التعليمات المذكورة من الجهات المختصة والالتزام بها؛ للوقاية والحد من انتشار المرض، وذلك بعدم التجمُّعات والاختلاط في الأماكن العامة، والالتزام بالمكث في المنازل.
٣- النظافة والتعقيم بغسل اليدين 40 مرة، ولبس الكمامات، وغير ذلك من الإجراءات الاحترازية عند ملامسة أسطح الأشياء، لا سيما في الخارج.
٤- تقوية جهاز المناعة بالحد من القلق والتوتر؛ لتأثيرهما على الهرمونات -كما ذكرنا آنفاً-، وتناول الأطعمة والمشروبات المضادة التي تساعد على تقوية المناعة.
٥- ممارسة الرياضة، وكذلك ممارسة تقنية الاسترخاء؛ لتأثيرهما الفعال على النفس والجسد صحيّاً، ولمنَ يُعاني من الوساوس.
٦- خَلْق أجواء لتهدئة النفس والفكر بقدر الإمكان، وذلك لمَن هم في العزل والحَجْرِ الصحي، كأن يكون هُناك تواصل مع الأهل وغير ذلك؛ مما يُساعد في الحَدِّ من الإحساس بالوحدة، وعدم التفكير في المرض وحاله.
٧- الاشتغال على النفس بتقويم الاعتقاد بالفكر المُهيمن بتلك الصورة الذهنية التي تكوَّنَتْ في أعماق النفس؛ فتكون تلك الاستجابات السلوكية دون الشعور بها، وهو علاج لاجتياح الوساوس بصورة مَرضية غير طبيعية؛ فتعوق المرء عن الحياة، وتستنزف أعصابه، وهو ما يُسمى في علم النفس CBT العلاج المعرفي السلوكي؛ فإذا تفاقم الأمر أنصح بالتوجُّه للمختص النفسي.
٨- وأخيراً، السكينة والرضا والإيمان بالقضاء والقدر، واليقين بأنه لن يُصيبنا إلا ما قد كتبه الله لنا، والدعاء بالأدعية التي ترفع البلاء، مثل: «اللهم ارفع عنّا البلاء؛ فإننا نعوذ بعظمتك أن نُغتال من تحتنا ومن بين أيدينا؛ فسبحانك مُدبر الأمور؛ فيا إلهي إن كان سخطاً فبرحمتك نستغيث، وإن كان ابتلاءً فلا تجعلنا من القانطين، نستغيث بلُطفك فلا تردَّنا خائبين، وكُفَّ عنّا بلاءً عظم بعظيم الذنبِ، وفرِّجها علينا وعلى الأمة الإسلامية والعربية يا الله».