بلا شك أنّ الوباء الذي حلّ على البشرية في عامنا الحالي، والذي يُعرف بـ«COVID-19» فيروس كورونا المستجد، ليس كبقية الأوبئة؛ إذ اضطرت العديد من حكومات العالم ومؤسسات المجتمع أنّ تواجه خطر انتشاره؛ من خلال فرض بعض الإجراءات الاحترازية، التي قد وصل البعض منها إلى التشديد وتطبيق العقوبات الصارمة، وذلك للحد من انتشاره وتفشيه.
وفي ظل ذلك، بقيت الأسر في الحجر المنزلي، ولجأ البعض إلى متابعة كل الأخبار المتعلقة بالإصابات والوفيات، والأنباء الصادمة وغير المحببة في غالبية الأوقات، من هنا برزت الكثير من السلوكيات والأفكار السلبية التي قد تُساهم في تدمير نفسية الفرد، وبالتالي التأثير على صحته ومناعته بشكل عكسي.
وفي ظل الحملة التي أطلقتها «سيدتي» بعنوان «مرحباً بيتي»، التقينا عدداً من المختصين؛ ليخبرونا عن كيفية التحلي بالروح الإيجابية في ظل هذه الأزمة العالمية، ونشر تلك الإيجابية على من حولنا.
ركّز على ما تملك!
بداية، يقول الباحث في القضايا التربوية والعلوم الإحصائية، الدكتور محمد بن حمد الحسن: «إنّ الحياة البشرية مزيج من الأفعال والأفعال المضادة التي تشكل خطوطاً يسير عليها الأشخاص، ومنها انقسم الأشخاص أثناء هذه الأزمة إلى فريقين، أحدهم تفاعل بشكل سلبي، والآخر بات إيجابياً في التعاطي مع قضايا مجتمعه المصيرية».
ويرى أنّ مفهوم الإيجابية يتلخص في القدرة بالتركيز على ما يملكه الشخص، والوعي بالوقت الذي يكون سعيداً فيه، والشعور بالامتنان بما لديه، والتفكير بإيجاد أمور حسنة في أكثر المواقف إيلاماً، كما أنّها قدرة الشخص على أن يكون عضواً مفيداً في المجتمع، وقادراً للتطلع إلى المستقبل بثقة.
كيف تُسهم بإيجابية؟!
وأضاف: «على الفرد المواطن وغير المواطن دور ينبغي القيام به، حتى يُساهم في بناء مجتمع إيجابي وسعيد، وذلك يتّم من خلال:
- أن يقوم الفرد ببناء أجواء إيجابية داخل أسرته أولاً، ومن ثمّ مجتمعه، وذلك من خلال التمسك بالقيم والمبادئ، ومنها الالتزام بالإرشادات وعدم الإضرار بالآخرين.
- تعزيز الشعور بالمسؤولية تجاه نفسه والبيئة المحيطة به.
- إدخال السرور والارتياح في نفوس الآخرين وطمأنتهم بالقدرة على تخطي العقبات والارتقاء بالمجتمع.
- حث الآخرين على التفاعل الإيجابي مع الأحداث.
- الثناء على مجهود الآخرين، سواءً كانوا أفراداً أو جهات مختصة، وعلى أدائهم الجيد.
- مراعاة التغيرات الوجدانية العاطفية لدى الأشخاص في شبكات التواصل الاجتماعي، ومحاولة التواصل معهم بشكل لطيف.
- الاهتمام بفئات المجتمع المختلفة؛ من خلال عمل مبادرات وأنشطة ونشرات تثقيفية وندوات بطابع إلكتروني في وقتنا الراهن؛ لتعزيز مفهوم التفكير الإيجابي، والذي بدوره يُساعد على خفض مشاعر التوتر والقلق لدى فئات المجتمع الأخرى.
استذكار الأزمات الماضية
وأخبرنا الكاتب والأخصائي الاجتماعي، الدكتور محمد الحمزة، أنّ الأشخاص في الوقت الحالي انقسموا إلى صنفين؛ الأول: مبالغون في الذعر، والثاني: متهاونون، وأشار إلى أنّ الإيجابية تكمن في استذكار الفرد للأزمات التي مرّت عليه في حياته، وكيف استطاع تخطيها، وذلك حتى يكتسب الثقة التي تخلق لديه الأمل على تجاوزها.
كما نوّه بأنّ هذه الأزمة فرصة ثمينة لتجديد الحياة ومحاولة فهم الآخر بشكل أعمق، فهناك مساحة حرة للبقاء معاً والتعارف من جديد بعيداً عن الضغوطات اليومية؛ كالعمل وغيره، كما أشار إلى إمكانية استغلال هذه الفترة بشكل إيجابي؛ من خلال إعادة ترميم العلاقات المتهالكة، وإعادة الدفء إلى الحياة العاطفية بين الزوجين، وأخيراً أخبر بأنّ علاقة الأبوين أو الزوجين ببعضهم بعضاً، ذات تأثير فعّال على الأبناء خصيصاً، وعلى من حولهم بشكل عام.