سطّر الأطباء السعوديون الموجودون حالياً خارج المملكة أسمى معاني العطاء الإنساني والمسؤولية الطبية، حين وقفوا ضمن الصف الأول في مواجهة فيروس كورونا المستجد «كوفيد ـ 19» رغم الظروف الصعبة والانتشار الواسع للفيروس غير عابئين بالمخاطر المحيطة بهم مشاركين زملائهم الأجانب في مكافحته.
"سيدتي" تواصلت مع عدد من هؤلاء الأبطال ليحكوا لنا عن تجاربهم في علاج المرضى هناك:http://المسؤولية الطبية
سفيرة الإنسانية
الدكتورة عُلا رياض بن حمد، طبيب مقيم في جراحة التجميل والترميم في فرنسا والتي قضت فيها مدة خمس سنوات، و2020 هي آخرها، تعمل كجراح تجميل وإعادة بناء مقيم في مستشفى نيكر للأطفال في باريس، وكانت ستنتهي فترة تدريبها في أبريل ولكن تم تمديدها حتى نهاية مايو بسبب تفشي COVID-19 وقد تتضاعف هذه المدة.
تقول: "أعمل حاليًا في مجال الجراحة التجميلية للأطفال وهذا يشمل العمل مع أولئك الذين ولدوا بتشوهات أو الذين لديهم حوادث مثل عضات الكلاب، هذه الحوادث شائعة في الوقت الحاضر لأن الأطفال محصورون في منازلهم، ولأن أعراض مرض كورونا لا تظهر جلية على الأطفال، فإن إمكانية تعرض الممارس الصحي للعدوى تزداد بمجرد تعامله مع أحد الأطفال المصابين".
الخطة البيضاء
وبيّنت بن حمد بأن مستشفيات فرنسا في الوقت الحالي تطبق ما يُسمى بـ (الخطة البيضاء)، وتقتضي بأن الطبيب من أي قسم أو تخصص قد يجد نفسه في الصف الأمامي لمعالجة مرضى كورونا، وذلك من أجل تغطية الحاجة والمساعدة في التصدي للفيروس، تقول: "بالنسبة لي لم أتردد في مشاركة زملائي الفرنسيين فذلك التزام أخلاقي وإنساني تعلمته من حكومة مملكتنا الرشيدة".
واجب مهني
الدكتور حسان الحبيب، طبيب الزمالة الكندية في العناية المركزة للكبار والعناية المركزة العصبية والحوادث، بجامعة تورنتو، يقول: "تقديم العلاج لحالات الكوفيد هو من صميم عملي حيث أن العناية المركزة هي المكان الأساسي لعلاج هذه الحالات لحين التوصل للقاح، ورغم أن الحكومة السعودية عبر الملحقية في اوتاوا وفرت إمكانية الإجلاء، إلا أننا كأطباء سعوديين وكواجب مهني انساني واصلنا العمل جنبًا إلى جنب مع الكادر الطبي الكندي في محاربة المرض، ولن نتوانى عن الالتحاق بزملائنا في السعودية متى ما دعت الحاجة إلى ذلك".
معاناة العوازل البلاستيكية
وعن مشاركته في التصدي لوباء كورونا يقول: "دوري كطبيب عناية مركزة يتطلب علاج ومتابعة دائمة للمصابين (المكفودين)، وفي خضم الإجراءات الاحترازية من عزل في الغرف فإننا نتواجد بشكل دائم مع المرضى وهنا تكمن خطورة انتقال العدوى فقد نُصاب إذا لم نحافظ على قواعد السلامة، وتزيد فرصة اكتساب الفيروس جراء تطاير الرذاذ من المرضى عند ادخال أنابيب التنفس الصناعي، لذلك فنحن مقيدون تحت عدة طبقات من العوازل البلاستيكية للمحافظة على أرواحنا وأرواح الآخرين".
إنسانية الطبيب
وأضاف: "في مثل هذه الأزمات الصحية تبرز القصص الإنسانية، ومن أكثر المواقف التي أثرت بي هناك كانت التواصل مع طفلتين وإخبارهم بأن والدتهم تحتضر، بعد إصرار والدهم بأن يتم ذلك عن طريق الطبيب، فكان عليّ إعلامهم بطريقة مناسبة لأعمارهم في اجتماع دام أكثر من ساعتين أثناء مناوبة ليلية، لتخفيف الضغط النفسي عليهم، واعطاء المعلومة بشكل تدريجي، حتى لحظة وفاة والدتهم، وفي ذات الوقت كانت ابنتي البالغة من العمر تسعة أعوام تحت التخدير الكامل لإجراء عملية جراحية طارئة في الرياض وأنا في دولة الابتعاث".
السعودية العظمى
وختم حديثة "افتخر بالتكاتف السعودي بين القيادة والمؤسسات الصحية والمجتمع في المملكة، فقد وصلت أصداء هذا المستوى من الوعي والإنجاز إلى الأوساط الطبية الكندية وكانت محل اهتمامٍ ونقاش، لتكون الإجراءات السعودية غير مسبوقة مقارنة بدول كان يعتقد البعض بأنها السبّاقة".
أمثل المملكة
أما الدكتور وليد خالد طيب استشاري جراحة عظام الأطفال في مدينة شتوتجارت بألمانيا، فيقول: "التزمت أخلاقياً بمساعدة زملائي في ألمانيا في علاج مرضى كورونا فلا ينبغي أن أتخلى عنهم في هذه المحنة"
وأضاف أن مجرد شعوري بأني أمثل دولة السعودية في كل قول وفعل يدفعني للفخر، وأقول لزملائي الأطباء في المملكة أثبتم للعالم جدارتكم وتميزكم ونحن نفتخر ونثق بكم".
عدوى محتملة للطبيب
وتقول الدكتورة فرح الشريم، وهي طبيبة مقيمة في سنتها الرابعة بقسم التخدير في جامعة تورنتو بكندا، حتّم عليا واجبي الإنساني والمهني أن أكون ضمن خط الدفاع الأول في مواجهة هذا الوباء، وعملي كطبيبة مقيمة بقسم التخدير فرض عليّ التواصل المباشر مع حالات المرضى وتحديدًا مصابي كوفيد ١٩ المعرضون لأزمات تنفسية شديدة، وهذا الأمر يتطلب الاقتراب من وجه المريض لإجراء عملية تمرير أنبوب التنفس الصناعي بالمجرى التنفسي"
وتكمل: "وفي أولى تجاربي مع الحالات المشتبهة وبعد عملية (تنبيب) لمشتبه به أصبت بأعراض الكوفيد، الأمر الذي أجبرني للخضوع للفحوصات الطبية والعزل الكامل لعدة أيام لحين تأكيد النتائج والتي جاءت سلبية ولله الحمد".
شرف المهنة
وتضيف:" لم أكن أتخيل يومًا ما أن أترك ابني وفلذة كبدي لأشهر دون أن أراه، أو حتى أن أكون إلى جانبه في بعض المناسبات، فهو يمكث مع والدتي في المملكة، وفي هذه الايام تغيبت عن عيد ميلاده من أجل مهامي الطبية التي يمليها علي شرف المهنة"
عطاء ومسؤولية
وقف الأطباء السعوديون خارج المملكة في الصفوف الأمامية لمواجهة فيروس كورونا جنباً إلى جنب مع زملائهم الأجانب مسطرين أسمى معاني العطاء والمسؤولية الطبية.