يحتفل العالم اليوم، باليوم العالمي للملكية الفكرية؛ للاطلاع على الدور الذي تلعبه حقوق الملكية الفكرية في تشجيع الابتكار والإبداع. ومنذ إطلاق اليوم العالمي للملكية الفكرية عام 2000، يسلط الضوء في 26 أبريل من كل سنة؛ من خلال التطرق لشعار معين على الطريقة التي تشجع بها حقوق الملكية الفكرية الابتكار والإبداع، وشعار هذا العام 2020 «لنبتكر لمستقبل أخضر».
وتضع حملة اليوم العالمي للملكية الفكرية 2020 الابتكار والحقوق التي تدعمها في صميم الجهود الرامية إلى تشكيل مستقبل قليل الانبعاث الكربوني، ففي جميع أنحاء العالم يتزايد الاعتراف بضرورة العمل؛ من أجل الحفاظ على البيئة، حيث بدأت الشعوب والشركات والحكومات في اتخاذ الإجراءات اللازمة للتصدي لتغير المناخ.
ففي أوروبا مثلاً، وضعت المفوضية الأوروبية هدفاً في أن يصبح الاتحاد الأوروبي محايداً من حيث أثره الكربوني بحلول عام 2050، بل إن بعض المدن والمناطق تود التحرك بشكل أسرع، فـ«كوبنهاجن» تهدف إلى أن تصبح أول مدينة في العالم محايدة من حيث أثرها الكربوني بحلول عام 2025.
وفي الدورة الـ25 لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ المعقود في مدريد بإسبانيا، خلال شهر ديسمبر 2019، تم الكشف عن أن الغطاء الجليدي في جرينلاند يذوب بشكل أسرع سبع مرات مقارنة بفترة التسعينيات، وأن ربع سكان العالم مهددون بالتعرض لمشكلات متعلقة بإمدادات المياه.. كما توضح بيانات صادرة عن وكالة (ناسا) للفضاء، خلال العقد الماضي، أن العالم شهد أحَرّ خمس سنوات سُجلت على الإطلاق منذ عام 2010.
ومع دخولنا في عقد جديد، يشعر الناس بتأثير تغير المناخ في جميع أنحاء المعمورة، فنحن نسمع كل يوم تقريباً عن حوادث خطيرة مرتبطة بالمناخ (أعاصير وفيضانات وحالات جفاف وحرائق غابات) وعن الدمار الذي تسببه، وعن ظواهر قد تكون بالفعل مرتبطة بتغير المناخ، بل ويتوقع أنها قد تصبح أكثر تواتراً وأكثر شدة.
وكانت الجمعية العامة المنظمة العالمية للملكية الفكرية قد حددت في عام 2000 يوم 26 أبريل من كل عام للاحتفال باليوم العالمي للملكية الفكرية، وهو تاريخ دخول اتفاقية «الويبو» حيز النفاذ في عام 1970، بهدف إذكاء فهم الجمهور للملكية الفكرية في ازدهار الموسيقى والفنون.
وأشار فرانسس غري، المدير العام للمنظمة، في رسالة له، إلى أنه يجري إحياء اليوم العالمي للملكية الفكرية هذا العام في ظروف غير مسبوقة، مشيداً بجميع من يعملون في الصفوف الأولى لمواجهة وباء فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، وقال: «لقد شهدت الأشهر الأخيرة تعرض حياة مليارات الأشخاص حول العالم إلى اضطراب جذري، ومع ذلك، يمكننا أن نستلهم من الإرادة البشرية الدؤوبة للتغلب على الشدائد وإيجاد حلول مبتكرة للتحديات العالمية المعقدة».
وأضاف: «إننا نشهد كل يوم ظهور مبادرات مشجعة، حيث تتضافر الحكومات والصناعة والأوساط الأكاديمية لدعم جهود الابتكار للخروج من الأزمة الحالية، وإن استجابتنا للأزمة الحالية شهادة على حكمتنا الجماعية وبراعتنا وإبداعنا لمواجهة تلك التحديات وبناء مستقبل آمن ومستدام وأخضر، بينما نتطلع إلى ذلك المستقبل، نرى أن الابتكار القائم على الملكية الفكرية والتفكير الابتكاري أمران أساسيان لمواجهة التحديات العالمية التي تواجهنا».
ونوّه بأن الابتكار يفتح الباب أمام حلول ومناهج جديدة نحتاجها لبناء مستقبل مستدام وأخضر، فمثلاً في زيادة الطلب العالمي على الطاقة، نرى في مؤشر الابتكار العالمي لعام 2018 «الابتكار يمد العالم بالطاقة»، أنه من المتوقع أن يزيد الطلب العالمي على الطاقة بنسبة 30% بحلول عام 2040، وفقاً لوكالة الطاقة الدولية (IEA).
وأوضح أنه لن يتم التمكن من إنشاء أنظمة للطاقة النظيفة اللازمة لتلبية ذلك الطلب وتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وتعزيز النمو الاقتصادي، إلا من خلال تشجيع الابتكار ودعم تطوير أنظمة متينة للملكية الفكرية تحفزه وتدعمه، وتلك هي المعادلة المعقدة التي تواجه راسمي سياسات الطاقة. واليوم، تبلغ حصة الطاقة المتجددة في الإنتاج العالمي حوالي 15%. وحسب ما ورد في مؤشر الابتكار العالمي لعام 2018 يجب أن تبلغ نسبة الطاقة الأولية العالمية المتأتية من مصادر الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة الحرارية الأرضية، حوالي 85% بحلول عام 2025.
وأوضح غري أنه لتحقيق ذلك، علينا التفكير ملياً في كيفية إنتاج الطاقة وتخزينها وتوزيعها واستهلاكها، كما لابد من تنفيذ سياسات تدعم التطور والنشر السريعين لتكنولوجيات الطاقة المتجددة التي تمكّن جميع القطاعات من اكتساب المزيد من الكفاءة في استخدام الطاقة وإضفاء الطابع «الأخضر» على عملياتها، داعياً إلى توجيه الأذهان إلى ما يمكن لكل منا القيام به؛ ليكتسب المزيد من القدرة على الصمود والمزيد من المسؤولية في مواجهة التهديدات المحدقة بالصحة العالمية وبالكوكب قاطبة.
كما دعا إلى التفكير في الدور الذي يمكن أن يؤديه الابتكار ونظام الملكية الفكرية في دفع الجهود العالمية التي تُبذل من أجل بناء مستقبل أخضر يعزز رفاهية البشرية، متابعاً: «يمكننا أن نبتكر من أجل مستقبل أكثر إشراقاً واستدامةً».
ويشكل تلوث الهواء أكبر التهديدات البيئية في العالم، إذ يتسبب في وفاة ما يصل إلى 9 ملايين شخص في جميع أنحاء العالم سنوياً، وذلك وفقاً لمنظمة الصحة العالمية.. ويشترك تلوث الهواء وانبعاثات الغازات الدفيئة في نفس السبب الجذري، وهو حرق الوقود الأحفوري.
وسيتطلب تحقيق الأهداف ذات الصلة بنقاء الهواء، إصلاحاً جذرياً لهياكل الطاقة والهياكل الصناعية، كما سيتطلب أيضاً وسائل نقل أنظف ومباني موفّرة للطاقة.. وسيساهم إحراز تقدم في هذه المجالات مساهمة كبيرة في كبح تغير المناخ.