الجو الروحاني لشهر رمضان المبارك، يفرض نفسه على سلوكيات الأفراد باعتباره شهر الصوم والعبادة، لكن الشباب يجدون أنفسهم في صراع بين مغريات الحياة والرغبة في السهر وارتياد المقاهي من جهة، وبين تأدية فروض العبادة والطاعة التي تستوجبها خصوصية هذا الشهر الفضيل.
إن لشهر رمضان خصوصية عالية بالنسبة له، ويحرص فيه على الصوم وختم القرآن، وتأدية الصلاة في وقتها، ومعها صلاة التراويح.
مغريات واضحة
التسمر أمام شاشات التلفاز لمتابعة أكبر كم من السيل الجارف للأعمال والبرامج التي بات منتجوها يتعاملون مع الشهر الفضيل على أنه شهر التربح والكسب الوفير، فلا يجد الصائم بعد أن يتناول طعام الإفطار وقتاً للعبادة وقراءة القرآن، والأصل في هذا الشهر أن نخصصه للتقرب إلى الله تعالى بالعبادات، وأنه لزاماً على الأهل أن يبعدوا أبناءهم عن هذه المغريات، بدمجهم في الأجواء الروحانية الخالصة خلال شهر العبادة.
الصداع
غالباً ما يعاني الصائم الذي تعوَد على شرب كميات كبيرة من القهوة والشاي، أو المدخن، من الصداع، ولمعالجة الأمر يتوجب على الصائم تخفيف شرب القهوة والشاي تدريجياً، قبيل حلول شهر رمضان واستبدالهما بالمشروبات الخالية من الكافيين، إضافة لضرورة تنظيم الوقت والنوم ساعات كافية يومياً.
الخمول والنعاس.. يرتبط شهر رمضان في ذهن الكثير من الناس بتزايد النعاس ويكثر الخمول والتعب، خاصة بعد تناول وجبة الإفطار، وذلك بسبب إما النقص في تناول السوائل والأملاح، أو الإفراط والتخمة من تناول الطعام الدسم، وللتخلص من هذا الإحساس يُنصح بتناول المزيد من السوائل وتجنب الإفراط في الأكل.
من الناحية الدينية، تقول الداعية الإسلامية دكتورة عبلة الكحلاوي، إن رمضان من الشهور التي تتجلى فيها مظاهر استسلام عبادالرحمن لأمر ربهم، ففي هذا الشهر يمتَنِعُون عن الحلال المباح الذي ترغب فيه النَفس، ناسين شهواتهم مبتعدين عن الطعام والشراب، حتى غروب الشمس، متمسكين بقيم الإسلام ابتغاء لمرضاة الله، حيث يقول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: «لو يعلَمُ العباد ما في رمضان لتمنت أمتي أن تكون السنة كلها رمضان».
وتضيف الكحلاوي، أن الشباب هم أكثر الفئات التي تحتاج إلى توجيههم بأن الأعمال الصالحة لا تقتصر على شهر رمضان فقط، وإنما قد يكون هذا الشهر هو بداية لإجبار النفس على اعتياد العمل الصالح، فإذا اعتاد الشاب على المواظبة على صلاة الفروض والنوافل وقراءة القرآن والبعد عن المعاصي طوال شهر رمضان؛ فإنه يمكنه أن يدرب نفسه على الاستمرار في هذا السلوك طول العام، بحيث يكون شهر رمضان هو بداية الانطلاق نحو الأعمال الصالحة.
وعن مدى قدرة الشباب على التغيير للاستفادة من شهر رمضان، فتؤكد خبيرة التنمية البشرية دكتورة هبة عبدالفتاح، أن رمضان هو شهر التغيير الفعلي، حيث اتفق علماء النفس على أن الإنسان يأخذ في بناء العادة ما بين 14 يوماً إلى 21 إلى 28 يوماً، وشهر رمضان 30 يوماً؛ أي أنه تعدى أكبر مدة للتغيير وبناء العادة، موضحة أن الإنسان يعتاد خلال شهر رمضان على عدد من السلوكيات الطيبة والتي تتحول إلى عادات له بعد انقضاء الشهر.
وتضيف أن الصيام له العديد من الفوائد في مجال تنمية الإنسان، حيث إن صيام ما يقرب من 15 ساعة يومياً يعلم الصبر والتحكم في الذات، كما أن التفاف الأسرة بطريقة جماعية على مائدة الإفطار والتحدث فيما يشغل بال الأسرة، يعد نوعاً من التنظيم للعلاقات الأسرية، بالإضافة إلى أن الصيام يدرب الإنسان على حفظ لسانه عن الخطأ ولغو الحديث، وفي هذا فن تواصل مع الآخرين.