إذا كنتِ تلاحظين سلوكيات عدوانية على طفلك، مثل العض والضرب والركل وغيرها، فكلها مؤشر خطير على تحول في سلوكيات طفلك وتعامله مع غضبه، رغم أنه لا يوجد طفل عنيف بطبيعته، ولذلك من المهم أن تفهمي الأسباب لكي تتمكني من الوصول لحل، فالأطفال يتعلمون ويمكن تطوير مهاراتهم وتدريبهم على التحكم في أنفسهم بشتى الطرق، لكن هناك أسباباً محتملة تختبئ خلف سلوك طفلك العنيف في المنزل أو المدرسة أو النادي، وما أحوج الآباء في هذه الأيام ومع الحجر المنزلي ودعوة سيدتى(مرحبا بيتي) إلي التعرف على طرق تربوية سليمة لمعالجة عدوانية الطفل .معنا الدكتورة فؤادة هدية أستاذة علم نفس الطفل للتوضيح والإرشاد.
حقائق عليك التعرف عليها
الأولى: السلوك العدواني عند الطفل سلوك غير مرغوب فيه يصدر عن الأطفال بطرق مختلفة منها الضرب أو العض أو يقوم بإيذاء الآخرين نفسياً كإطلاق الكلام البذيء. والعدوانية هي عبارة عن الطريقة التي يعبّر عنها الطفل بردّة فعله لموقف معين وتكون ردة الفعل طبيعية؛ لأنّ الطفل يقوم هنا بحماية نفسه من الأطفال أو الكبار الآخرين، والعدوانية سلوك مكتسب لدى الطفل نتيجة للملاحظة والتقليد.
الثانية: السلوك العدواني تصرف سلبي يقوم به الطفل الذي قد يكون تصرفاً مقصوداً أو غير مقصود نتيجة عدم الرّضا عن الشخص المقابل أو الذي يتم التعامل معه. وهو أحد صور العنف لدى الأطفال، ويقصد به تعمد إيذاء الآخرين، (كالضرب والصدم) أو على أشكال معينة مثل الحوادث الانفعالية أو كليهما معاً أو على الظواهر المرافقة للحوادث الاجتماعية (كالغصب والإكراه).
الثالثة: وعلى المستوى الأخلاقي يشير إلى استخدام قوة غير مقبولة لإيقاع الأذى بالأشخاص والممتلكات، ويوصف الطفل المنحرف (العدواني) الذي يتسم بالعنف بأنه غير سعيد وضعيف الإنجاز والمشاكسة، كما يرفض التدليل والمداعبة، ويحدث هذا التصرف في معظم الأحيان بسبب سوء الرعاية المنزلية والتفرقة بين الأبناء.
أشكال العدوان
يتّخذ العدوان بين الأطفال أشكالاً عديدة، كأن يدافع الطفل عن نفسه ضدَّ عدوان أحد أقرانه، أو يعارك الآخرين باستمرار لكي يسيطر على أقرانه، أو يقوم بتحطيم بعض أثاث المنزل في لحظة غضبه، ولا يستطيع السيطرة على نفسه.
ويبدأ العدوان ابتداء من العام الأوَّل، نلاحظ أنّ العديد من الأطفال يعمدون إلى العنف من وقت إلى آخر، وقد تكون العدوانية وظيفية عندما يرغب الطفل في شيء
ما بشدة، فيصرخ أو يدفع أو يعتدي على أي إنسان أو شيء يقف في طريقه، وقد تكون العدوانية متعمَّدة عندما يضرب الطفل طفلاً آخر بهدف الأذى.
وعند حوالي عمر أربع سنوات، تخفُّ العدوانية الوظيفية بشكل ملحوظ مع تطور القدرات الفكرية والنطق عند الطفل، بينما تزداد العدوانية المتعمّدة بين أربع وسبع سنوات، علماً بأنّ نسبة حدوث العدوانية خلال احتكاكات الأطفال قليلة مقارنة بنسبة المبادرات الايجابية التي تحصل بينهم.
العوامل المؤثرة على العدوان ودور الأهل
أهمها: الإهمال، الانتقام، وسائل الإعلام، وهنا يأتي دور الأهل في التعامل مع السلوك العدواني عند الأطفال؛ حيث إن عليهم دعم الأطفال وإعطاءهم كماً هائلاً من الاهتمام والدعم النفسي، عدم تركه وحده لمواجهة الأمور الصعبة بل توجيهه بأن يكون في الطريق الصحيح، ومحاولة عدم جعل الطفل يفكر في هذه الأُمور بشكل كبير من خلال وضع مشتتات.
ولا تتركي طفلك يبكي لفترة طويلة حتى لا تتراكم الصدمة لديه وشجعيه في الحديث عن مشاعره، وعلى الوالدين مراقبة تصرفات أطفالهم وإعطاء الطفل الثقة بالنفس ومحاولة عدم تغير أُسلوب البيئة المحيطة بقدر المستطاع، واسعيْ لتجنب مشاهدة الطفل لأيّ نماذج حول العدوان، ودربيه على التعبير عن نفسه لإحساسه بالثقة.
السلوك العدواني سلوك خطير على الطفل بحد ذاته وله أضرار خطيرة جداً على طريقة بناء شخصيته، وطريقة تعديل هذا السلوك ستنقذ حياة الطفل، قد تكون هذه العدوانية سلوكاً غريزياً؛ لذا علينا أن نتوجه نحو تهذيب هذا السلوك بطرق متعددة منها: توفير علاقات بيئية مليئة بالحب والمساواة والتسامح والتعاون مع توفير جو أسري سليم.
إشباع حاجات الطفل الفسيولوجية، والتعامل مع السلوك العدواني عند الطفل بهدوء دون اتباع أُسلوب الغضب والعنف مع تجنب إحساس الطفل بالفشل الزائد وعدم استخدام أُسلوب الاستهزاء أو أسلوب التدليل الزائد في توفير جميع مطالب الطفل، ولكن إمكانية تأجيل مثل هذه المطالب لوقت آخر مع الانتباه بالقيام بها لعدم إحساس الطفل بالإهمال.
كما يجب على الآباء تدريب أنفسهم على ضبط النفس أمام الأطفال؛ لأن الأطفال في مرحلة الطفولة المبكرة يعتمدون على التقليد في بناء شخصيتهم، إضافة إلى عدم التدخل في جميع شؤون الطفل لعدم جعله يشعر بالضغط من قبل الأهل، مع استخدام
أسلوب المساواة والتسامح والعدل مع جميع الأطفال في المنزل لعدم الشعور بالتميز.
أهم أسباب عدوانية الأطفال
افتقار طفلك إلى المهارات اللغوية التي تمكنه من التعبير عن نفسه بسهولة، إذا كان طفلك لا يستطيع التعبير عن رفضه لشيءٍ ما بلسانه سيستخدم يديه أو قدميه، فاللغة لم تسعفه في التعبير؛ لذا يلجأ إلى لغة الجسد عندها. على سبيل المثال: عندما يأخذ أخوه اللعبة من يده وهو لم تتطور مهاراته اللغوية بطريقة كافية كي يقول له: "لا تأخذ لعبتي"، عندها يستخدم القوة ويضرب أخاه للتعبير عن استيائه.
الأطفال في سن المدرسة تحديداً لديهم تضارب كبير في عواطفهم وما يشعرون به، ومن المرجح أن يعمدوا للضرب أو العنف بدلاً من الكلام العاقل، فتضارب المشاعر نتيجة للتغيير الحادث في حياتهم أو تعرضهم لمواقف جديدة يمكن أن يحولهم لأشخاص عنيفين تجاه الآخرين. قد يعتقد طفلك أن العنف والاعتداء بالضرب هو الطريقة الوحيدة لأخذ ما يريد، وبالفعل هذا يحدث أحياناً عندما يجرب طفلك أكثر من طريقة للفت انتباهك أو لفت انتباه أصدقائه، ولا يستجيب أحد إلا عندما يستخدم الأسلوب العنيف.
قد يكون طفلك في مرحلة البحث عن طريقة للحصول على ما يريد ممن حوله، وإذا وجد أن الضرب أو العنف طريقة فعالة فهو أمر خطير، لأنه سيفهم عندها أنها الطريقة الوحيدة للتعامل مع الآخرين ليستجيبوا له. وقد يتحول عندها لشخص متنمر، على سبيل المثال: إذا استخدم طفلك الضرب –ضرب الأصغر- كي يُجبرك على شراء لعبة من المحل واستسلمتِ له في النهاية، سيتعلم عندها أن الضرب طريقة جيدة للحصول على ما يريد.
طرق تسيطرين بها على غضبك مع طفلك
للتعامل مع الطفل العنيف والعنيد لابد من وضع قواعد لتعامل الطفل مع الآخرين، حيث إنه مع تجربة أي سلوك جديد يكون الطفل بانتظار رد الفعل لمعرفة ما هو مسموح وما هو غير مسموح، ما هو السلوك الإيجابي والسلوك السلبي.
تأكدي أن طفلك يعلم القواعد الأساسية للتعامل من خلال مواقفك الصارمة معه عند الاعتداء عليكِ أو على أي شخص آخر، يجب أن يتعلم أن الضرب والعض والاعتداء الجسدي أمر غير مقبول وخاطئ.
غضب وعنف طفلك ينبع من شعوره بمشاعر سلبية، وإذا تدرب على التعامل مع مشاعره السلبية بطريقة صحيحة فسيكون سهلاً عليه التوقف عن الاعتداء والعنف.
ومن الأساليب التي تساعدك في ذلك القصص والحكايات، والتعامل بالقدوة وتربية الحيوانات الأليفة، كما أن التحفيز والتشجيع عندما يتعامل طفلك مع غضبه بطريقة إيجابية ويعبّر عن استيائه بالكلمات أو النظرات يجب أن تُثني على ذلك، وعندما يشعر الطفل بإيجابية ما يفعل واستحسانه منكِ سيقوم بفعله مراراً وتكراراً.
علمي طفلك السيطرة على النفس وكلنا نفقد السيطرة على أنفسنا في أوقات كثيرة، ولكن ضبط النفس والسيطرة على المشاعر واستخدام العقل قبل إبداء أي رد فعل، من أهم المهارات التي يجب عليكِ العمل على غرسها في طفلك منذ السنوات الأولى.
تجنب الكلام العنيف؛ لا يمكنك وصف طفلك بأوصاف، مثل: العنيف أو الشقي أو غيرها من الألفاظ التي تُشعر طفلك بأنه شخص سيئ ولن يبذل مجهوداً في تحسين نفسه، استخدمي أساليب أكثر حكمة للسيطرة على ردود فعلك وألفاظك مع طفلك.
أهمية القدوة الحسنة
نعم ! إذ يجب أن تكوني قدوة حسنة لطفلك، فإذا كنتِ عنيفة مع أطفالك ومع من حولك، فمن المستحيل أن يستمع طفلك إلى نصائحك حول أمر أنت لا تقوين على فعله، فإذا كنتِ تريدين تدريب طفلك على ضبط النفس يجب أن يراك تفعلين ذلك في المواقف المختلفة داخل المنزل وخارجه، كي لا يُصاب بالانفصام.
ممارسة الرياضة، اشتركي لطفلك في لعبة رياضية يُخرج فيها طاقته ويسيطر فيها على غضبه بطرق مختلفة يتعلمها من المدربين، واحرصي عند اختيار اللعبة على أن يكون مرتاحاً فيها ويحبها، والأهم أن يكون المدربون متخصصين في التعامل مع الأطفال بشخصياتهم المختلفة.
تفهم المشاعر من أهم طرق التقرُّب إضافة إلى الإقرار بمشاعره في كلمات واضحة ومحددة، مثل: "أنا أشعر بك وأعلم أنك غاضب كثيراً لأن أخاك كسر لعبتك المفضلة، لكن ضرب أخيك ليس حلاً للمشكلة"، عانقي طفلك وأشعريه بحبك واجعلي طاقة الحب هي المسيطرة على مجريات الأمور، وعندما يتوقف عن العنف سيتوقف لأنه مقتنع، بدلاً من أن يتوقف لأنه خائف منك.
احتوي طفلكِ عند الغضب، فالتعامل مع الطفل العدواني العنيد مشكلة قد تواجه أي أم، ولكن تذكري دائماً عزيزتي أن التربية تبدأ من المنزل، وأن السيطرة على سلوكيات طفلك تبدأ من قدرتك على السيطرة على نفسك وانفعالاتك أنتِ ووالده