صوموا تصحوا، يؤكد هذه المقولة خبراء التغذية، موضحين فضل الصيام على جسم الإنسان، ولكن هل تنطبق هذه المقولة على الأطفال؟! معظم الأمهات تحفزن أطفالهن على الصيام حتى ولو ليوم غير كامل ، هنا يرفض الدكتور إبراهيم المليجي، استشاري التغذية العلاجية– صيام الطفل الأقل من 7 سنوات نهائياً، على أن يبدأ بعد ذلك في الصيام لجزء من اليوم؛ حتى يصل إلى صيام اليوم الكامل في سن البلوغ. والآن إليكم التفاصيل؛ ليصبح الصيام صحياً مفيداً لجسم وعقل طفلك، بعيداً عن التخمة والسهر ليلاً.
أسباب تأخير الصيام
يؤكد الدكتور إبراهيم أن الله سبحانه وتعالى لم يفرض الصيام على الطفل إلا بعد البلوغ؛ وذلك لحكمته بمعرفة جسم الطفل الذي لا يمكن أن يفرض عليه الصيام قبل سن 7 سنوات؛ حيث يجب تعويد الطفل على الصيام بالتدريج من خلال فترات صيام قصيرة، فمثلاً يُفطر في الظهر ثم العصر، وهكذا، حتى يكون قد اعتاد الصيام يوماً كاملاً عند بلوغه، والذي يكون تقريباً في سن 12 سنة.
هناك بعض الأسر يأخذها الحماس، وتفرح بأطفالها الذين يصومون، لكن من الناحية الجسدية فهو مجهود كبير، خاصة في ظل الحر الشديد؛ حيث يفقد الطفل على أثره كميات كبيرة من المياه في العرق والبول، وهو في سن نمو لم تكتمل أعضاؤه لتتحمل، وهو ما يمثل خطورة على صحته.
ويضيف الدكتور إبراهيم المليجي
يجب أن تحرص الأم على تقديم الغذاء المتوازن للطفل، الذي يعوضه عن الصيام ويساعده على مقاومة العطش والجوع؛ ففي الإفطار يبدأ بحبتين من التمر، ثم كوب مياه، وطبق صغير من الشوربة، ثم يقوم للصلاة حتى يعطي وقتاً للمعدة لترسل إشاراتٍ للمخ للتهيؤ لاستقبال باقي الإفطار.
ثم يتناول بعد ذلك أي نوع من البقوليات مثل اللوبيا أو الفاصوليا أو البسلة مع 3 أو 4 ملاعق أرز، وأخيراً أي نوع من البروتين، سواء صدر فرخه، أو قطعة لحم في حجم كف اليد، ومن المهم تناول الأسماك في أحد أيام الأسبوع، الغنية بالأوميجا 3 ، لابد من تحكم الطفل في كمية الطعام التي يتناولها فيما بين الإفطار ووجبة السحور؛ حيث تستطيع الأم أن تستغل الصيام في تنظيم طعام طفلها وتقليل كمياته، الأمر الذي لا تعيه بعض الأمهات وتركز على جذب أبنائها بكميات كبيرة من الطعام؛ ظناً منها أنها تعوضه.
لكن في الواقع فإن ساعات الإفطار ما بين المغرب والفجر توازي تقريباً الساعات التي نأكل فيها في الأيام العادية؛ لذا يجب التركيز بعد الإفطار على السوائل، فعلى الأقل يجب شرب 8 أكواب من الماء، أما العصائر فيفضل أن تكون الليمون أو التمر الهندي أو الكركديه دون سكر، ويجب الابتعاد عن المشروبات الغازية التي لا يستفيد منها الجسم».
وينصح بأنه لا يجب التركيز على الحلويات كلها، كما لا يجب أن تحرم الجسم من الحلويات، بل يجب صنع توازن عن طريق تناول الحلويات يوماً بعد يومٍ، وبكميات قليلة لا تتجاوز قطعتي قطائف، أو قطعة كنافة صغيرة. ويؤكد أخيراً أن الصيام يُزيل السموم من الجسم، ويُريح الجهاز الهضمي، كما أنه يزيد قلوية الدم الذي يرفع كفاءة معدل الخلية على الحرق، ونصح في نهاية حديثه الأمهات بعدم دفع الأطفال إلى الأكل أكثر من حاجتهم؛ حتى لا يُصابوا بالكسل والصداع والسمنة.
عدم انتظام النوم (السهر) أمر غير صحي
النوم المبكر يقوم بتنظيم الساعة البيولوجية لدى الصغار والكبار، فتنظيم الحياة من خلال تخصيص وقت لنوم الأطفال مبكراً إلى جانب تناول وجبات مفيدة يعود بالنفع على الأطفال، فالنوم المبكر يفرز هرموناً يحتاجه الأطفال لزيادة نموهم، ولكن للأسف هناك بعض الآباء الذين يشجعون أطفالهم على السهر؛ وذلك من خلال الجلوس معهم لساعات متأخرة حتى الفجر، بدلاً من تشجيعهم على النوم مبكراً.
الأخطار التي قد تطرأ على صحة الأطفال بسبب السهر.. أخطار كثيرة ؛ قد تصيب الأطفال الذين يتعرضون للسهر، أبرزها عدم انتظام الساعة البيولوجية لديهم، ما يتسبب ببطء في نمو الطفل، وإذا قام الطفل بالسهر؛ فهذا مؤشر جيد ليكون الطفل عصبياً بعد استيقاظه من النوم، حيث إنه لم يحصل على القسط المطلوب من النوم في الساعات الليلية، وبالتالي يؤثر السهر على نشاطه وعلى استيعابه، والتفاعل مع الأطفال الآخرين؛ لقلة إدراكه وتركيزه.
كيف يؤثر السهر على نمو الطفل واستيعابه؟
يصاب الأطفال عند سهرهم بالهذيان وتشتت الذهن، ويعود السبب في ذلك إلى تأثر الموصلات العصبية الكيميائية بالمخ، وينتج عن ذلك: كثرة النسيان، قلة الحفظ والفهم والاستيعاب، نقص القدرة على التعلم بفعالية، نقص القدرة على الاستجابة السريعة؛ بسبب نقص الخلايا المسؤولية عن الذاكرة في المخ، والتي تعرف بالمادة السوداء.
وقد يصبح الطفل كثير الحركة؛ بسبب انزعاجه، وبذلك تقل شهيته بسبب القلق المستمر والعصبية، ما يدفع الطفل لتناول الحلويات نتيجة خلل في الجسم، وخلل في إنتاج الطاقة، وزيادة الطلب على السكريات، وقد يصاب الطفل بزيادة في الوزن؛ بسبب كثرة تناوله للحلويات، وابتعاده عن المأكولات الصحية.
يؤدي السهر ليلاً لفترات طويلة إلى نقص هرمون «الميلاتونين» الذي يفرزه المخ أثناء النوم ليلاً، حيث يعمل على تقليل الاضطرابات النفسية والذهنية، ويقوم بالسيطرة على مشاعر التشاؤم والقلق، والميل إلى الوحدة والانعزال عن الآخرين، فالطفل عندما لا ينام الساعات الليلية الكافية يكون في اليوم الثاني عصبياً، ولا يحب التفاعل أو التحدث مع الآخرين.
كما يصاب الطفل بحالة من تعكر المزاج، والمبالغة في ردود الأفعال العاطفية والنفسية، والغضب السريع، والشعور بالإحباط والاكتئاب والتوتر، والطاقة السلبية الكبيرة، والأرق، والشعور بالحزن بلا سبب واضح، فينعزل عن المجتمع ولا يتفاعل مع الآخرين