جاء شهر رمضان هذا العام مختلفاً بسبب فيروس كورونا وقوانين العزل الاجتماعي؛ حيث تعين على ١.٨ مليار مسلم حول العالم، التخلي عن التقاليد والعادات الثقافية لهذا الشهر الديني؛ حيث افتقد رمضان هذا العام اللقاءات الجماعية في المساجد لأداء صلاة الليل «التراويح»، وتجمع العائلة والأصدقاء على مائدة «الإفطار» عند غروب الشمس، وللأسف، إضافةً إلى بعض القيود على الاحتفال بالعيد نهاية رمضان المبارك، وهو الشهر التاسع من التقويم الإسلامي القمري، ويتضمن الصوم عن الطعام والماء من الفجر إلى الغسق لمدة 29-30 يوماً، وعلى الرغم من أن التقاليد الثقافية صوّرت رمضان على أنه شهر التواصل الاجتماعي، إلا أن المبادئ الدينية الصرفة تؤكد في الواقع أنه شهر الانضباط الذاتي وتصفية الروح.
وطُبّقت قيود واسعة النطاق في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك فرض حظر في تركيا على الخيام المصممة لتقديم وجبات إفطار مجانية سريعة، ووجبات السحور قبل الفجر، كما تم حظر الموائد الخيرية في مصر، وعلّقت السعودية تأشيرات الدخول للمسلمين الذين يسعون إلى الحج إلى مكة والمدينة، ولكن طبيعة الإسلام يمكن أن تساعد المسلمين على التكيف بشكل أفضل في ظروف الاختبار هذه.
وقررت السلطات في السعودية إقامة صلاة التراويح بالحرمين مع استمرار تعليق حضور المصلين، وتخفيف قيود حظر التجوال المُقرر لمواجهة فيروس كورونا، خلال أيام شهر رمضان.
وحذرت دار الإفتاء المصرية في بيان صدر مؤخراً، من تنظيم تجمعات كبيرة خلال شهر رمضان من أجل صلاة التراويح؛ مشددةً على ضرورة البقاء في المنازل؛ وفقاً لما نُشر في تغريدة على موقع «تويتر».
كما توقّفت الزيارات إلى الأماكن المقدسة في العراق وإيران.
يقول الدكتور مجدي عاشور مستشار مفتي الديار المصرية: «سيكون الأمر مختلفاً وصعباً في ظروف معينة، لكن الإسلام دين مرن جداً، وهو يغطي جميع الظروف؛ لذا فإن العبادة المعتادة التي نؤديها في المساجد، يمكننا القيام بها في المنزل، لا ضرر في ذلك بالنظر إلى الوضع، وخلال شهر رمضان نزيد من عبادتنا، ونعمل المزيد من الخير تجاه الآخرين، وبطريقة ما، بالنظر إلى أن الجميع الآن في المنزل بالفعل؛ فأنت تقوم بالعزل الذاتي أو في الحجر الصحي، وهو نوع من الظواهر الطبيعية التي تحدث عادة في رمضان على أي حال؛ حيث يصبح الناس أكثر تديناً وأقل اجتماعية على أي حال، إنه مختلف قليلاً عما يعتقده بعض الناس عن رمضان، إن الإجبار على ذلك ليس الوضع المثالي؛ فرمضان لا يقول لك: لا تذهب إلى العمل، أو لا ترَ أصدقاءك، ولكن في نفس الوقت، هناك تركيز على التفكير في الحياة، وقضاء المزيد من الوقت في التقوى».
وفي الواقع، تعني ممارسة الاعتكاف أن العديد من المسلمين اعتادوا على ظروفهم الحالية؛ حتى لو كانوا الآن في المنزل بدلاً من المسجد.
يذكر أنه لم تُجر دراسات حتى الآن لمعرفة ارتباط المرض بالصيام، مع التأكيد على قدرة الأشخاص الأصحاء على الصوم، ولكن على مرضى «كوفيد 19» أخذ رخصة شرعية للامتناع عن الصوم، وذلك بالتشاور مع أطبائهم؛ وفقاً لمنظمة الصحة العالمية.