تعديل سلوك المراهق أمر حتمي في مرحلة المراهقة ؛ فما إن يشعر المراهق بعلامات رجولته وملامحها الجلية تبدو عليه، إلا وتتعالى نبرة إحساسه بذاته، وتكثر طموحاته ومعها محاولاته للتغيير والرفض والاعتراض وكان الأجمل أن يتجه كل هذا نحو الأفضل، وهذا ليس بغريب؛ فالتعامل مع الابن المُراهق، من أصعب التحديات التي تواجه الآباء والأمهات في رحلة النمو، حيث يصل ابنك أو ابنتك إلى سن يشعرون فيه بأن صوتهم يجب أن يصل للعالم أجمع، وما يُصاحب ذلك من تغير سلوكي قد يحتاج لتعديل، وهنا يأتي دور الأب في التوجيه والرعاية ؛ والذي يبذل جهده ليقدم لابنه كل ما لديه من توجيهات وإرشادات وخبرة،ورغم هذا تبقى هناك سلوكيات تحتاج إلى تعديل، ومن أجلها وضع التربويون قواعد ومبادئ وطرقاً لخصتها لنا الدكتورة فاطمة الشناوي أستاذة الطب النفسي والمحاضرة بالتنمية البشرية في نقاط مبسطة
قواعد لتعديل سلوك المراهق
أولا: المراهق يتفاعل مع التغيير ويزداد قبوله له كلما أتيحت له فرصة أكبر لمناقشته والتحاور بشأنه مع الأكبر سناً والأكثر حكمة، وهو الوالد أو ولي أمره ؛ ولا يمكن للتغيير أن ينجح ويستمر بالكلام وحده، ولكن بالممارسة والتطبيق، والأمر يتطلب متابعة جادة وواعية من جانب الوالد، "تناول الدواء دفعة واحدة لن يُشفي من الداء" ومن الأفضل التدرج واستخدام إستراتيجية التجزئة، وحتى يتم هذا بنجاح على الأب أن يقوم بتعديل السلوك بالتدريج
ثانيا : التغيير يتطلب مرونة وله ثمن، علماً بأن ثمن التغيير مُعجل، وثمن عدم التغيير مؤجل، والأب العاقل من أتعب نفسه اليوم ليرتاح غدا ، لهذا لا تتعجل تعديل سلوكيات ابنك المراهق، فمن حقه معارضة بعض الجوانب؛ التذبذب بين الخطأ والصواب ظاهرة صحية يستحسن الاستفادة منها، وعدم إجهاضها،عليك ألا تقوم بدور المحاضرأوالمتفرج الصامت، بل المناقش الفعّال، محاولاً تعديل بعض العقبات، التي تطرأ على عملية التعديل
تعديل سلوك المراهق يحتاج لخبرة وتدريب
- كلما كان التغيير لا يهدد مصالح الأبناء المراهقين كان أكثر قبولاً لديهم؛ لذا على الوالد الراغب في التغيير الحرص على طمأنة الابن المراهق، وتطويع العملية التغيرية؛ لتحقق أقل خسارة ممكنة له، والتغيير يحتاج لخبرة وعلم وتدريب من جانب الوالد؛ حتى يستطيع إقناع المراهق بعملية تعديل السلوك وتقبلها والتآلف معها
- طريق التعديل طويل وشائك؛ لذا فالمراهق في حاجة إلى صديق مؤيد ليخفف عنه ويدفعه للأمام عندما يضيق صدره، وهذا لن يكون إلا إذا كانت هناك صداقة تربط بين الوالد وولده المراهق
- لكل تعديل مقاومة ظاهرة وأخرى خفية من جانب الآخرين، وعلى الابن أن يحرص على التعرف على هذا، ودور الوالد ترويض نفسه لتقبل هذه المقاومة ما دام في صالح الابن؛ حتى لا تتعاظم السلبيات وتزداد علامات الرفض والتمرد
- كلما ارتفعت طموحات الشاب المراهق وزاد مستواه الثقافي كان استعداده للتغيير والتعديل أكبر، وكلما كانت العلاقة إنسانية بين المراهق ووالده كان التعديل أكثر سهولة وتقبلاً
خطوات لتعديل سلوك المراهق
- للأم أقول: ابحثي عن المشكلة أولاً، حدديها ثم قومي بحلها، هل المشكلة في أسلوب الكلام؟ هل في الألفاظ المستخدمة؟ أم حركة اليدين مع الكلام هي التي تضايقك؟ ثم اعملي على حل كل مشكلة على حدة، فهي مرحلة قاسية على أبنائك مثلما عليكِتعرفي على اهتمامات ابنك المراهق؛ كوني على دراية كاملة بما يشغله؛ هل هو التليفون المحمول، أم التلفزيون، أم الإنترنت...إلخ، ولكي تُعالجي المشكلة، يجب أن يكون هناك مُقايضة ما على شيء ابنك يحبه
- قومي بمنعه مما يهتم به حتى يعدل من السلوك السيئ، فمثلاً إذا كان يستخدم في الكلام لغة سيئة دائماً، فستكون طريقة المقايضة حرمانه من شيء يحبه أو إعطاءه شيئاً يرغب فيه، مما يعطي ابنك الحافز لكي يُطيعك ويلتزم بقواعدك، حتى وإن لم يكن موافقاً على تلك القواعد
-
هل تمتلكين عصا سحرية؟
- قد تعتقدين أنكِ تمتلكين العصا السحرية التي ستحل جميع مشاكل ابنك المراهق، لكن للأسف ذلك غير حقيقي، على الأقل ليس في كل الأوقات، كوني حساسة ومرنة في التعامل مع المشاكل، وأصلحي طريقة تعاملك معها مع الوقت
- لا يمكنك أخذ ما يهتم به ابنك فترة طويلة مثلاً، وتتوقعين أنه سيظل راغباً به وعاملاً من أجله، كوني واقعية وخذي المسألة تدريجياً، وكلما كبر عمر المراهق طال وقت العملية، فمثلاً المراهق ذو الـ13 عاماً قد يستغنى عن تليفونه المحمول لمدة يومين لا أكثر، لكن على عكس ذي الـ16 عاماً الذي قد يستمر لمدة أسبوع بدون مشكلة
تعديل سلوك المراهق...لا يعني اختفاءه
- كوني على علم بأنكِ تهذبين وتعدلين من سلوك ابنك، وليس بالضرورة أن يختفي هذا السلوك، فإذا ما حرمته من ألعابه في المساء ثم بعد يومين أعاد تكرار السلوك السيئ نفسه، كرري العملية حتى يتعلم أن السلوك الجيد سيأتي عليه بما يريد، والسيئ سيتعسه
- قد لا يكون التليفون المحمول كل اهتمام ابنك المراهق، أو قد تكون خطة ذكية منه ألا يظهر نقاط ضعفه تجاه أشياء معينة، ولا يريد أن يعطيك إحساساً بالرضا بكونه متشوقاً لتليفونه المحمول، كوني ثابتة على موقفك وأصري ألا يكون هناك تليفون محمول حتى يعدل سلوكه في الوقت الذي تحددينه
- استمعي لكل كلمة يلفظ بها ابنك فكلامه يُظهر ما يخفيه من صراعات بداخله، ثم تكلمي معه عن ما يضايقه وساعديه، حتى يعرف أنه يمكنه أن يلجأ إليكِ في أي وقت، وأنكِ ستحتوينه وتُساندينه
-
القدوة أفضل طريق لتعديل سلوك المراهق
أحياناً يكون الصبر هو أفضل الطرق لحل المشكلة، وتذكري دائما أن بداخل المراهقين ثورة من المشاعر والانفعالات، ومن الممكن أن يقوموا بأشياء فقط لإزعاجك، فإذا كان السلوك السيئ أو التصرف صغيراً ولا يزعجك حقاً، فتجاهليه... وإذا ما تطور فالجئي إلى أسلوب التعديل
كوني قدوة، اعملي ما تأمرينه به، فإذا كان يزعجك صراخ ابنك فلا تصرخي أنتِ، أعطي ابنك مساحة يتحرك فيها، فلا تكوني له بالمرصاد كلما أخطأ، إذا ما التزم بالقواعد، شجعيه بإظهار أن ذلك هو السلوك المتوقع منه، وكافئيه أيضاً.
نصائح لتعديل سلوك المراهق
- لابد من ابتعاد الأبوين عن السلوكيات غير المناسبة كالتدخين والكذب وما إلى ذلك،لما له من أثر كبير في تعديل سلوكيات المراهق السيئة
- مراقبة المراهق ومعرفة رفاقه وأصحابه ثم تحديد السلوكيات السلبية عنده، ثم تحذيره ومحاولة إبعاده عن تلك الصحبة بالوسائل المناسبة.
- إشغال المراهق بالمفيد حتى يمتلئ وقته، مثل ممارسة الرياضة أو قراءة كتاب أو تعلم لغة وهواية جديدة.
- حل المشاكل التي يعاني منها الابن، باعتبار أن الضغوط النفسية قد تسبب أحياناً لجوء المراهق إلى الانحراف.
التعاون مع المدرسة
لامانع من اللجوء إليها في تغيير بعض سلوكيات الابن، كما يفيد في حل هذه المسائل الاتصال بأهل الصاحب الذي أثر على الابن المراهق في هذه السلوكية السيئة.
تنمية الجانب الديني لدى المراهق، باعتباره الوازع الأكبر والحصن الأمين للبناء في مختلف مراحل عمر الإنسان وتحديداً في هذه السن.
التركيز على الإخلاص في العمل الشخصي والمهني، مما يستنفد طاقته ويدفعه إلى الأمام فتزداد ثقته بنفسه ويبتعد عن السلوكيات الخاطئة
لا تستهين بمشاكل ابنك
المراهق يشعر أحياناً بالاكتئاب نتيجة التغيرات الجسدية والنفسية التي تحدث في هذا العمر، لذلك على الآباء عدم الاستهانة بمشاكلهم، فالمراهق يميل إلى تضخيم مشاكله ويشعر دائماً بأنها من أعقد المشاكل التي قد تواجهه
كثيراً ما يشعر المراهق بالظلم، وحتى يسهل علاجه وتعديل سلوكه على الآباء التقرب وفهم مشاكله ومشاعره ومحاولة حلها، وتقديم المدح له والاستماع الجيد عند حديثه
لا يجوز للآباء مواجهة ابنهم المراهق بغضب، فذلك يثير المراهق ويجعله ينفعل أكثر ويتعامل بعنف مع الآخرين، وعليكم تعليم الأبناء كيف يمكن السيطرة على الغضب
الكذب صفة سيئة
وللأسف فهي تغلب على المراهقين، ولكنها مكتسبة وليست فطرية، ويكذب المراهق في كثير من الأحيان لحماية خصوصيته، وليس لفعله شيئاً خاطئاً، يكذب حين يشعر بشيء من التدخل في أموره الشخصية، فيحاول أن يمنع الآباء من معرفة ما يقوم به
على الآباء محاولة تخليص أبنائهم من العزلة والخجل في التعامل مع الأشخاص، وعليهم مدح المراهق على الأفعال الحسنة والرفع من ثقته بنفسه، فهذا يساعده على التقرب منهم بصورة حسنة