حددت منظمة الصحة العالمية المراهقين بأنهم الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 10 و19 عاماً، وهي تمثل واحدة من التحولات الحاسمة في عمر الطفل، وتتميز بسرعة هائلة في وتيرة نموه وتغيره؛ بحيث لا تسبقها في ذلك سوى مرحلة الرضاعة.
لذا هناك شخص واحد من بين 6 أشخاص في العالم في سن المراهقة، وهو ما يعني أن هناك 1.2 مليار شخص تتراوح أعمارهم بين العاشرة إلى التاسعة عشرة.
وأكثر المراهقين ينعمون بصحة جيدة، ومع ذلك ينال المراهقين نصيب كبير من الوفيات والعلل والأمراض، ويمكن أن تقف الأمراض حائلاً أمام قدرة المراهقين على النمو والنماء لتحقيق كامل إمكاناتهم، وتعاطي الكحول أو التبغ، وقلة النشاط البدني، وممارسة الجنس دون وقاية، و/أو التعرُّض للعنف، كلها أمور قد تُعرِّض صحة المراهقين للخطر في الوقت الحاضر، ليس هذا فحسب؛ بل تؤثر غالباً على صحتهم لسنوات قادمة، ويمتد أثرها ليشمل صحة أطفالهم في المستقبل.
ويكتسي تعزيز الممارسات الصحية أثناء مرحلة المراهقة، واتخاذ الخطوات الرامية إلى زيادة حماية الشباب من المخاطر الصحية، بأهمية بالغة للوقاية من المشكلات الصحية في مرحلة البلوغ، ولبنية البلدان الأساسية الصحية والاجتماعية في المستقبل.
وفيما يلي القضايا الصحية الرئيسية:
الحمل والولادة في وقت مبكر
تأتي المضاعفات المرتبطة بالحمل والولادة في المرتبة الثانية بين أسباب الوفاة في أوساط الفتيات بين سن الخامسة عشرة والتاسعة عشرة على الصعيد العالمي.
وما يقرُب من 11% من جميع الولادات في العالم، تضعها فتيات بين سن الخامسة عشرة والتاسعة عشرة، تعيش غالبيتهن الساحقة في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط، ووفقاً للإحصاءات الصحية العالمية في عام 2014، بلغ معدل الولادات العالمي بين المراهقات 49 ولادة لكل 1000 فتاة في هذا العمر، فيما تتراوح المعدلات القُطرية بين ولادة واحدة إلى 229 ولادة لكل 1000 فتاة، وهو ما يشير إلى انخفاض ملحوظ منذ عام 1990، وينعكس هذا الانخفاض على انحسارٍ مماثل في معدلات وفيات الأمهات اللائي تتراوح أعمارهن بين 15 و19 سنة.
فيروس الإيدز
تشير التقديرات إلى أن الوفيات الناجمة عن فيروس الإيدز في أوساط المراهقين آخذة في الارتفاع، وهذه الزيادة التي حدثت بشكل أساسي في الإقليم الأفريقي، ربما تعكس الحقيقة أنه على الرغم من بقاء مزيدٍ من الأطفال المصابين بالفيروس على قيد الحياة وبلوغهم مرحلة المراهقة؛ فإنهم لا يحصلون جميعاً على الرعاية والدعم اللذين يحتاجان إليهما ليظلوا ينعمون بصحة جيدة، وللوقاية من انتقال العدوى بالفيروس، وفي أفريقيا جنوب الصحراء، لا يعلم سوى 10% من الشباب و15% من الشابات بين 15 و24 سنة أنهم مصابون بفيروس الإيدز.
الأمراض المعدية الأخرى
انخفضت وفيات المراهقين وإعاقتهم بسبب الحصبة انخفاضاً كبيراً، بنسبة 90% على سبيل المثال في الإقليم الأفريقي بين عامي 2000 و2012، ويعود الفضل في ذلك إلى تحسُّن التطعيم في مرحلة الطفولة، لكن لايزال الإسهال وعدوى الجهاز التنفسي السفلي والتهاب السحايا، من بين الأسباب العشرة الأولى التي تودِي بحياة المراهقين بين 10 سنوات و19 سنة.
الصحة النفسية
الاكتئاب هو السبب الأول للإصابة بالمرض والإعاقة في أوساط المراهقين، ويمكن مساعدة الأطفال والمراهقين في تعزيز تمتُّعهم بصحة نفسية جيدة، عن طريق بناء مهاراتهم الحياتية وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي إليهم في المدارس وسائر المؤسسات في المجتمع، ومن المهم أيضاً أن تكون هناك برامج تساعد في تقوية الصلات بين المراهقين وأسرهم؛ فإذا حدثت المشكلات، ينبغي الكشف عنها ومعالجتها على يد عاملين صحيين أكْفَاء يهتمون بهذا الأمر
العنف
العنف هو أحد الأسباب الرئيسية للوفاة، وتشير التقديرات إلى أن هناك 180 مراهقاً يموتون كل يوم بسبب العنف بين الأشخاص، ومن الأمور التي تساعد في الوقاية من العنف، تعزيز إقامة علاقات حانية بين الآباء والأطفال في وقت مبكر في حياتهم، وتقديم التدريب على مهارات الحياة، والحد من الحصول على الكحول والأسلحة النارية، ويمكن تقديم المساعدة في التعامل مع العواقب الجسدية والنفسية إذا ما حصل ضحايا العنف من المراهقين على الرعاية الفعالة التي تُظهِر التعاطف معهم.
الكحول والمخدرات
يُمثِّل تعاطي المراهقين للكحول على نحو ضارٍ مصدر قلق كبير في الكثير من البلدان، ومن بين الإستراتيجيات الرامية إلى الحد من تناول الكحول على نحو ضارٍ، وضْع حدٍّ أدنى للسن الذي يُسمَح عنده بشراء الكحول وتناوله، وتنظيم الطرق التي يتم من خلالها استهداف الشباب وتسويق المشروبات الكحولية لهم، كما يُشكِّل تعاطي المخدرات في صفوف المراهقين بين 15 و19 سنة مصدر قلق.
الإصابات
تُعَد الإصابات غير المتعمدة سبباً رئيساً للوفاة والإعاقة بين المراهقين، وفي عام 2012 قضى حوالي 120000 مراهق نحبهم بسبب الحوادث على الطرق، وهناك توصية بضرورة تطبيق نظام الترخيص المُتدرِّج للسائقين الجُدد، دون التسامح أبداً في حالة القيادة تحت تأثير الكحول.
ويُعَد الغرق أيضاً أحد أسباب الوفاة الرئيسية في أوساط المراهقين؛ ففي عام 2012 مات غرقاً 60000 مراهق، ثلثاهم من الذكور، كما أن تعليم الأطفال والمراهقين السباحة تدخُّل مفيد للوقاية من الغرق.
سوء التغذية والسمنة
يبلغ الكثير من الفتيان والفتيات في البلدان النامية مرحلة المراهقة وهم يعانون من نقص التغذية؛ مما يجعلهم أكثر عُرضة للإصابة بالمرض والوفاة مبكراً، ويزداد عدد المراهقين الذين يعانون من الزيادة في الوزن أو السمنة في كل من البلدان ذات الدخل المنخفض والمرتفع على حدٍّ سواء.
ممارسة الرياضة والتغذية
ويُعَد اتباع عادات صحية في الأكل وممارسة الرياضة في هذا العمر، من الأسس اللازمة للتمتُّع بصحة جيدة في مرحلة البلوغ، ومن المهم أيضاً للجميع وللأطفال والمراهقين على وجه الخصوص، الحد من تسويق الأغذية الغنية بالدهون المشبعة والدهون المهدرجة والسكريات الحرة أو الملح، وتوفير الأغذية الصحية وإتاحة الفرص لممارسة النشاط البدني.
تعاطي التبغ
شرعت الغالبية العظمى ممن يتعاطون التبغ اليوم، في القيام بذلك عندما كانون في مرحلة المراهقة، ومن الأهمية البالغة حظْر بيع منتجات التبغ إلى القُصَّر، وزيادة أسعار هذه المنتجات من خلال رفع الضرائب، وفرض حظْر على الإعلان عن التبغ، وضمان توافر بيئات خالية من التدخين، وعلى الصعيد العالمي، يتعاطى واحد على الأقل من بين 10 مراهقين صغار «بين 13 و15 سنة» التبغ، غير أن هناك مناطق يرتفع فيها هذا الرقم كثيراً، ويبدو أن تدخين السجائر يتناقص في أوساط صغار المراهقين في بعض البدان ذات الدخل المرتفع.