برزت في الساحة الفنية السعودية، أخيراً، عديدٌ من الفرق السعودية الموسيقية الشبابية، التي وضعت بصمتها المميزة، محلياً وعربياً، وشدَّت إليها المستمعين والمشاهدين، الذين أبدوا إعجابهم بما تقدمه من أعمالٍ جميلة، عاطفية وتراثية.
وقد استطاعت هذه الفرق الانتشار في مواقع التواصل الاجتماعي، خاصةً يوتيوب، حيث حصدت مقطوعاتها الموسيقية ملايين المشاهدات.
وجاءت النهضة الثقافية، التي تشهدها السعودية حالياً، خاصةً بعد إطلاق وزارة الثقافة في البلاد، أفضلَ داعمٍ لأعضاء هذه الفرق، الذين يجدون كل مقومات النجاح لتقديم صورةٍ مشرِّفة عن الفن السعودي، عربياً وعالمياً.
وبمناسبة اليوم الوطني السعودي الـ90، التقينا في "سيدتي" عدداً من الموسيقيين والمطربين السعوديين من جيل الشباب، وسألناهم عن رأيهم في مستقبل الفن في البلاد، وخططهم المستقبلية لنشر الموسيقى السعودية في العالم.
بلادنا وفّرت لنا الفرص
بدايةً، التقينا سعيد السعد، الذي نشأ في بيئة فنية، وأحيا حفلاتٍ عدة في عموم البلاد، منها حفلته في العيد على مسرح مركز الملك فهد الثقافي، كما غنى لفنانين آخرين، وحصدت أغانيه نحو خمسة ملايين مشاهدة، لا سيما أغنيته "لهفة" مع شقيقه صالح، أول كليبٍ له، و"والله ما تروح" في 2017، و"عشر وجوه" في العام الجاري، فكشف عن أنه يطمح إلى تقديم فنٍّ، يناسب الهوية الثقافية لبلاده، قائلاً: "أعمل على تقديم أغنياتٍ سعودية وعربية أصيلة، تسهم في جذب جمهورٍ كبير، وتضع اسمي على خارطة الفن، محلياً وعربياً". مبيناً أن كثيراً من الشباب السعودي، اقتحموا مجال الفن، وحققوا نجاحات كبيرة، لا سيما في الـ "سوشال ميديا"، نظراً لما يمتلكون من مواهب، مثنياً على ما تقدمه السعودية من دعمٍ كبير لهم بالقول: "الحمد لله، نحن في مملكة العز والأمن والأمان، مملكة المستقبل التي تقدم لنا كثيراً من الفرص".
وعن الصعوبات التي تواجههم، أوضح سعد، أن الظروف المادية أبرز العوائق أمام الموسيقيين السعوديين لإبراز مواهبهم للجمهور، مشيراً إلى أنه يعمل على سنجل خليجي سيرى النور قريباً، من ثم سيقدم ميني ألبوم.
نحن مثل غيمٍ لطيف
أوضحت لمى خالد، التي بدأت الغناء في طفولتها عبر الـ "سوشال ميديا" مقدمةً أغنيات باللهجتين المصرية والخليجية، واللغة التركية، وشاركت في مهرجانات عدة، منها مهرجان إمارة الباحة، واستضافها الفنان أحمد حلمي في برنامجه "نجوم صغار"، وحصدت 16 مليون مشاهدة في يوتيوب، كما صدر لها كليب "رمضان" في 2017، و"فرحة العيد"، و"جابوه" مع محمد الشريف، و"أمي يا غلا الدنيا"، و"أهاتك" من كلمات الأمير خالد بن سعود الكبير، وهي تحاول إيصال رسالتها بصوتها وفنها، قائلةً: "أسعى إلى أن أكون كالغيم شيئاً لطيفاً خفيفاً في الحياة، وأعتقد أن مستقبلاً زاهراً ينتظرني وزملائي الشباب، الذين سيكونون أمل بلادي، وسنخدم سوياً الفن السعودي، وأتمنى أن أجد اهتماماً بموهبتي من الجهات المعنية، مثل وزارة الثقافة، وهيئة الترفيه".
جيلنا ذكي وقادر على الإبداع
الفنان عبدالعزيز الشريف أطلق أغنية "يا قلب" عام 2012، وأوبريت "جدة غير" في 2013 مع الفنان السعودي محمد طاهر، وعلي عويس أمام الأمير خالد الفيصل، وأغنيات "عيدك يا وطن"، و"أصبح"، و"مربرب" التي حصدت خمسة ملايين مشاهدة، و"هيا تعال" التي شاهدها ثمانية ملايين، وكليب "تخليني"، و"سمعني حبيبي" من ألحانه، "والزعامة" المهداة لنادي الهلال، و"القصيرة" التي شاهدها أربعة ملايين، و"عوفه" من ألحان وكلمات عبدالله سالم، الذي جمعه به أيضاً دويتو "واعزاه"، و"فراقك عسل"، كما شارك في برنامج "آراب أيدول" للمواهب، وأحيا حفلات عدة في مختلف مناطق البلاد، إضافة إلى حفلات خارجية في البحرين ومصر وفرنسا وسويسرا وبريطانيا. وفي موسم الرياض ضمن مهرجان الدراعة، كشف عن أنه يتطلع لتقديم مزيدٍ من الأغنيات الوطنية، خاصةً بعد النجاح الكبير الذي حصدته أغنية "فوق السحايب"، مبيناً أن الإنتاج هو العائق الأكبر أمام تقديم الشباب السعودي أعمالاً ذات جودة عالية، وقال: "مواهبنا الشابة تسعى إلى تقديم فنها الخاص، كلماتٍ وألحاناً، إضافة إلى التوزيع الموسيقي، والظهور بشكلٍ متجدد، يحاكي عصرنا الحالي، لكننا لا نعلم مَن منا سيصمد، وسيصل إلى هدفه، ويحقق النجومية مستقبلاً، ومَن سيتوقف، بسبب ظروف الإنتاج".
وعن مقومات تحقيق الإبداع الفني، أوضح الشريف، أن "هذا الأمر يحتاج إلى العمل دون ضغوطٍ، والتحرر من الخوف، وهذا تحديداً يرتبط بجودة الإنتاج"، كاشفاً عن أنه بإمكاناته البسيطة، وعمله الجاد، وصل إلى شريحةٍ كبيرة من المستمعين.
وحول مستقبله الفني، بيَّن أنه يتماشى مع أهداف "رؤية 2030" بالتركيز على التجديد والتطوير، مشدداً على أن "الحركة الفنية الشبابية السعودية، ستبقى مزدهرة، فهذا الجيل، هو جيل ذكي ومتميز، لكنه يحتاج إلى الدعم للوصول إلى العالمية".
سننهض بالموسيقى السعودية
ويبرز من بين المواهب السعودية أيضاً سوسن البهيتي، التي احترفت الغناء بالعربية والإيطالية والإنجليزية والفرنسية والروسية، وشاركت عام 2007 في مسابقة موسيقية في الجامعة الأمريكية بالشارقة، وحققت بتصويت الجمهور المركز الأول، كما غنت الأوبرا الألمانية في 2008 بترشيحٍ من دكتورها في الجامعة، ونجحت في هذا الفن على الرغم مما يتطلبه من شروط صوتية معقدة، حيث تدربت على يد مدربين من أميركا وألمانيا وبلجيكا لتصبح أول مغنية أوبرا سعودية ومدربة صوتٍ، وقدمت موهبتها في مسرحية "صيف 840" لمنصور الرحباني بالشارقة، وشاركت في حفلٍ بدبي، وأطلَّت في 2019 بأول حفلٍ موسيقي لها في بلادها عبر أوبرا "لا سكالا" الإيطالية، كما شاركت في موسم جدة، وفي فيلم "أنا وأنتو جدة" الوثائقي للحديث عن الفن والموسيقى والترفيه في المدينة الساحلية السعودية، وأدت النشيد الوطني في السفارة السعودية ببرلين احتفالاً باليوم الوطني، وأحيت حفلاً في موسم الرياض، وتم اختيارها لتمثيل السعودية في معرض إكسبو 2020 بدبي.
وفي حديثها لنا، أوضحت البهيتي، أنها تهدف إلى تقديم دورات تدريبٍ موسيقية بأعلى المستويات، وهذا ما دفعها إلى تأسيس مركز "The Soulful Voice"، وعن نشاطاته، قالت: "أعمل في المركز على تقديم دروس تدريبٍ في الصوت للفنانين، وقريباً سأقدم برامج تأهيلٍ لمدربي الصوت بعد اكتسابي الخبرة اللازمة في المجال من نيويورك، كما أعمل على تنسيق دوراتٍ تدريبية موسيقية، يقدمها مختصون عالميون في المجال، منهم أشخاصٌ حققوا جوائز EMMY، وGRAMMY العالمية، وأسعى إلى أن تكون هناك أكاديميات، ومعاهد، وشركات مختصة في مجال الموسيقى، تنهض بصناعة الموسيقى والفن في السعودية، وأحرص على أن أكون من مؤسسي النهضة الفنية في بلادي، وأول مَن يقدم أوبرا عربية عالمياً، بإذن الله".
وعن رأيها في المواهب الشابة السعودية، قالت: "شبابنا اليوم يمتلكون فرصاً ذهبية للبروز والتقدم في المجال الفني والموسيقي، إذ تدعم السعودية جميع مجالات الفنون، وتعمل على تطويرها بوصف ذلك جزءاً من رؤية 2030، كما تسعى إلى توفير فرص عملٍ جيدة في المجال".
وتطرقت البهيتي إلى مشروعاتها الفنية المستقبلية، كاشفةً عن أن عدداً من الموسيقيين في أوروبا وأميركا، تواصلوا معها كونها أول مغنية أوبرا سعودية، ما أتاح لها الفرصة لإعداد مشروعات مستقبلية معهم، موضحةً أن وزارة الثقافة دعمتها كثيراً، إذ دعاها الوزير الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان للمشاركة في حفل "لا سكالا الإيطالية"، فيما منحها المستشار تركي آل الشيخ فرصة إقامة أول حفلٍ رسمي لها ضمن فعاليات موسم الرياض الماضي، معبرةً عن اعتزازها وافتخارها بما تشهده من دعمٍ من مختلف الجهات في السعودية.
ينتظرنا مستقبل زاهر
أما عبدالله البدر، الذي عرفه الناس بأغنية "وياما حسيت" المغربية، و"راح الشتا" التي تجاوزت مشاهداتها الملايين، وسنجل "شفته من بعيد"، و"يمين الله"، قبل أن يحذفها جميعاً من قناته لاعتزاله المجال الفني لفترة، فكشف عن أنه توقف عن العمل لمدة عامٍ بسبب ظروفٍ نفسية، مرَّ بها، وما زال يجهل سببها، لكنه بمجرد تجاوزها، عاد بقوة عبر أغنيات عدة، منها "أيام المطر"، و"ما في أمل" من كلمات الشاعر قوس، و"خلك معي" التي وصلت مشاهداتها إلى أربعة ملايين، و"خلوني" التي افتتح بها عام 2020.
وأثنى البدر على الدعم الذي يتلقاه الفنانون في السعودية، مبيناً أنه يعشق وضع لمساته الفنية على بعض الأغنيات الشهيرة التي يقدمها بأسلوبه.
وعن طموحاته المستقبلية، قال: "أسعى إلى تقديم أعمالٍ مع أشهر المطربين، ووضع بصمةٍ خاصة بي لا تُنسى في المجال الفني، وأن أردَّ شيئاً مما قدمته لي بلادي التي وفرت لي ولزملائي كافة مقومات النجاح الفني، ما جعلنا نتجاوز أي عوائق في المجال". مشدداً على أن "مستقبل الفن السعودي زاهر لكثرة المواهب الوطنية، التي بدأت تفرض نفسها على الساحتين المحلية والعربية بأجمل الأغنيات".