يكشف تغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي عن اعتمادنا على العالم الطبيعي في كل شيء، من الطعام الذي نتناوله إلى الهواء الذي نتنفسه...لكن الطبيعة تحمل أيضاً الحل لمشاكل أخرى، وتلهم الاكتشافات العلمية بمجموعة من الطرق غير المتوقعة.
قال ليكس أموري من معهد المحاكاة الحيوية: «إن الطبيعة هي مصدر إلهام للعلم؛ لأنها اكتشفت الطريقة التي تدعم بها الأرض الحياة»...«من الضروري أن ننظر إلى المخططات البيولوجية التي نجحت على مدى آلاف السنين؛ لإطلاق أفكار رائدة بشكل أسرع»؛ وفقاً لوكالة france 24.
أبحاث استوحت أفكارها من الطبيعة
استعرض تقرير نشره موقع «فيز. أورغ» (Phys. org) مجموعة مختارة من أهم الأبحاث العلمية لعام 2020، التي استُوحيت أفكارها من الطبيعة؛ بدءاً من فاكهة الدوريان كريهة الرائحة، التي يمكنها شحن السيارات الكهربائية؛ وصولاً إلى الإسفنج البحري الذي قد يساعد في بناء سفن فضاء أفضل.
الدبابير الطفيلية
قد تصبح إزالة الأورام والجلطات الدموية أمراً سهلاً، وذلك بفضل الإبر الجراحية المرنة والرفيعة جداً والقابلة للتوجيه، التي استُلهِمت فكرتها من الدبابير الطفيلية؛ حيث تضع الدبابير الطفيلية بيضها عن طريق إبرة مجوفة تسمى «المسرأ» تُغرَس في مضيفاتها مثل اليرقات.
وفي هذا العام، قام العلماء بدراسة الآلية التي تضع بها الدبابير البيض بوساطة «المسرأ» ذي الشفرات التي تتحرك بالتناوب إلى الأعلى والأسفل، ونشرت نتائج الدراسة في دورية «فرونتيرز إن بيوإنجنيرينغ آند بيوتكنولوجي» (Frontiers in Bioengineering and Biotechnology).
وألهم ذلك الباحثين تصميم إبرة تحاكي المسرأ في عملها، الأمر الذي سيتيح الوصول إلى الأماكن الغائرة في الجسم؛ لحقن دواء ما أو لإزالة الأنسجة الضارة؛ مما سيقلل من أضرار الجراحات الطبية ومن الوقت اللازم للتعافي.
عدسات من خيوط العنكبوت
تنسج العناكب شباكها الحريرية لأسر فرائسها، إلا أن دراسة نشرت في دورية «جورنال أوف أبلايد فيزكس» (Journal of Applied Physics) أشارت إلى إمكانية استخدام هذا الحرير لصنع العدسات البصرية القادرة على تصوير الفيروسات متناهية الصغر.
وقام العلماء بتغطية خيوط الحرير العنكبوتية بالشمع، ومن ثَم صقلها بصمغ الراتينج؛ إذ يأخذ الحرير شكل القبة عندما تتكثف المادة الصمغية، وهو ما يمكن استخدامه كعدسة ضوئية بحجم كرية دم حمراء، يمكنها تصوير الفيروسات الصغيرة أو التراكيب النانوية الدقيقة داخل الأنسجة البيولوجية، ويمكن استخدام هذه العدسة بأمان داخل الجسم؛ نظراً لكونها مصنوعة من مادة طبيعية غير سامة.
ناطحات سحاب من الإسفنج
أظهرت دراسة نشرت في دورية «نيتشر ماتيريالز» (Nature materials) أن البناء شبكي الشكل لأحد أنواع الإسفنج الموجود في أعماق المحيط الهادي، والمعروف باسم سلة زهرة فينوس، يمكنه أن يلهمنا تصميم جيل جديد من ناطحات السحاب والجسور الطويلة والسفن الفضائية الأخف وزناً.
إذ كشفت الدراسة أن البنية الأنبوبية لهذا النوع من الإسفنج الذي تتوازى فيه الدعامات الهيكلية وتتقاطع مثل رقع الشطرنج؛ مانحةً الإسفنج نسبة من «القوة إلى الوزن» هي الأعلى مقارنة بأية بِنَى تقليدية أخرى، ويصف جيمس ويفر، أحد مؤلفي الدراسة حسب التقرير المنشور على موقع «فيز. أورغ»، هذه الأنواع من الإسفنج البحري بأنها «مازالت تلهمنا الكثير».
بطاريات من الفاكهة النتنة
قد يرى البعض فاكهة الدوريان لذيذة، غير أنها كريهة الرائحة بشكل فج؛ مما يتسبب بمنعها في فنادق جنوب شرق آسيا، إلا أن هذه الفاكهة كانت على موعد آخر مع الشهرة العلمية هذا العام.
فقد أشارت دراسة علمية نُشرت في «جورنال أوف إنيرجي ستوريدج» (Journal of Energy Storage) إلى إمكانية استخدامها في شحن الهواتف المحمولة والسيارات الكهربائية.
وتمكّن العلماء من صنع مواد مسامية وخفيفة جداً، تعرف بالهلام الهوائي (Aerogel) من هذه الفاكهة، ويقول فينسينت جوميز، المؤلف المشارك في الدراسة، إن هذه المواد تعمل «كمكثفات فائقة يمكنها تخزين كميات كبيرة من الطاقة داخل بطاريات صغيرة الحجم بشكل سريع»، وهو ما يُمكّنها في النهاية من توفير الطاقة وتوزيعها بسلاسة لشحن الأجهزة الإلكترونية في ثوان قليلة.
مبانٍ من الخيزران
قد يعدّ الخيزران مادة بناء متعددة الاستخدامات، لكنه ليس قوياً بدرجة كافية، وفي دراسة أجريت هذا العام ونشرت في دورية «إيه سي إس نانو» (ACS Nano)، أزال فيها العلماء مادة الليغنين العضوية المكونة للنسيج الخشبي في الخيزران، ثم تم تسخين الخيزران في المايكرويف؛ مما أكسبه قوة مضاعفة.
جعلت إزالة الليغنين الخيزران أكثر مرونة، وساعدت على الكشف عن ألياف السيليلوز النانوية، كما أن التسخين الحراري المتجانس باستخدام المايكرويف، ساعد على تكثيف الخيزران وذلك بإزالة الماء منه دون تدمير بنية الخيزران الهيكلية، وهو ما قد يعزز من استخدام الخيزران بديلاً أخف ومستداماً؛ عوضاً من المواد الملوثة الأخرى لبناء المنازل والجسور.