تسعى "الهيئة العامّة للسياحة والتراث الوطني" إلى تسجيل بعض المواقع على لائحة اليونسكو للتراث العالمي (الدائمة)، بهدف الحفاظ على الثراء التاريخي الذي تكتنف عليه، وإبرازها للعالم، كما تأهيلها وفق معايير عالميّة متخصّصة. وتشتمل القائمة الإرشاديّة المؤقتة لمواقع التراث العالمي، في السعودية على الوجهات العشر الآتية.
1. درب زبيدة
يعدّ درب زبيدة واحدًا من طرق الحجّ الأكثر شهرةً في العالم الإسلامي حتّى قيام الدولة العثمانيّة، وهو شاهد على تحوّلات حضاريّة وثقافيّة، الأمر الذي أكسبه أهميّةً استثنائيّةً، بخاصّة مع وجود آثار لا تزال قائمة إلى اليوم، ومرشّحة لتصنيفها على لائحة اليونسكو للتراث العالمي.
سُمّي الطريق بدرب زبيدة نسبة إلى السيّدة زبيدة بنت جعفر، زوجة الخليفة العبّاسي هارون الرشيد، وذلك نظير الأعمال الخيريّة، التي قامت بها، إضافة إلى المحطّات الكثيرة التي أمرت بإنشائها على امتداد الطريق، حسب معلومات الكاتب سعد الراشد في كتابه درب زبيدة طريق الحج من الكوفة إلى مكّة المكرمة. ومعلومٌ أن درب زبيدة كان من الطرق التجاريّة قبل الإسلام، وازدادت أهميّته مع بزوغ فجر الإسلام، وبلغ ذروة ازدهاره في عصر الخلافة العبّاسية الأول، حيث أنشئت عليه المحطّات والاستراحات، كما زوّد بالآبار والبرك والسدود والقصور والدور والخدمات المنوّعة. ونفذ مسار الطريق بطريقة هندسية فريدة، حيث رصفت أرضيّته بالحجارة في المناطق الرمليّة، مع وجود علامات ومواقد توضع مساء على طريق زبيدة، وذلك ليهتدي بها المسافرون.
تابعوا المزيد: أهم الأنشطة السياحية والمغامرات في الجبل الأخضر
2. قرية الفاو
تعدّ قرية الفاو التي تقع في جنوب غرب الرياض من المواقع الأثريّة الأهمّ على مستوى المملكة، وفي أرض الجزيرة العربية، مع تاريخ عريق يمتدّ إلى خمسة قرون ماضية، وهي تتقاطع مع وادي الدواسر وسلسلة جبال طويق.
وفق "الهيئة العامّة للسياحة والتراث الوطني"، فإن قرية الفاو تمتاز بموقعها على الطريق التجاري القديم المعروف بطريق نجران – الجرهاء، وكانت تُعرف كمركزٍ تجاري وملتقى القوافل التجاريّة، وفيها أكثر من 17 بئرًا حيث اشتغل أهلها بالتجارة والزراعة، مع نسج علاقاتٍ وثيقة مع الممالك التي كانت في جنوب الجزيرة العربيّة، مثل: سبأ وحمير وحضرموت، ما سهّل الحركة التجاريّة في المنطقة. وقد وجدت نقوش تدلّ إلى أن هذه القرية استمرّت عاصمةً لمملكة كندة من القرن الرابع قبل الميلاد وحتى أوائل القرن الرابع الميلادي.
تشير النقوش والكتابات إلى أن هذه المنطقة نمت بشكلٍ تدريجي من منطقة عبور للقوافل التجارية إلى نقطة أو محطّة تجاريّة هامّة، فقد كانت القوافل التجاريّة تنطلق منها، متجهة إلى مناطق الخليج العربي، وإلى بلاد الرافدين، وبلاد الشام، والحجاز فأصبحت الفاو مركزًا اقتصاديًّا ودينيًّا وثقافيًّا.
3. رجال ألمع
قرية رجال ألمع التي سبق أن فازت بـ"جائزة الأمير سلطان بن سلمان للتراث العمراني"، وذلك سنة 1427 هـ. وجهة سياحيّة هامّة، وتوفر الكثير من نقاط الجذب التاريخي والثقافي والتراثي، من دون الإغفال عن الطبيعة الرائعة وضيافة أهلها وثقافتهم.
مرّت القرية في مراحل عدة من التطوير؛ أوّلها كان المسرح المفتوح والممتدّ على مساحة 615 مترًا مربّعًا، ويتسّع لحوالي ألف متفرّج، بالإضافة إلى أماكن التسوّق التي تعرض منتجات القرية، وزيادة الرقعة الخضراء بحوالي 7 آلاف متر مربع، مع استحداث 15 مظلّة وجلسات عائليّة على مداخل البلدة، ورصف وإنارة الطريق المؤدي من الشارع العام إلى البلدة مرورًا بحديقة الجسر.
4. قرية ذي عين الأثريّة
تستقطب قرية ذي عين الزائرين المحليين والدوليين المهتمّين في الاطلاع على تاريخها، وهي الواقفة شامخةً بمبانيها الأثريّة المتناسقة بشكل هرمي على قمّة الجبل الأبيض، مع حضن شلّال ينبع من العين العذبة، وتفوح رائحة الكادي العطرة من مزارعها، من دون الإغفال عن كرم أهلها الذين يستقبلون زائريهم بالترحيب وكرم الضيافة.
القرية هي إحدى قرى تهامة زهران، وتتكوّن من 85 منزلًا تراثيًّا، مشيّدة على قمّة جبل أبيض، وتشتهر بزراعة الموز البلدي والكادي والنخل الباسق، كما بجودة الصناعات اليدويّة، وبعين ماء عذبة جارية على مدار العام تسقي الأراضي الزراعيّة.
5. بئر حما
تعرف بئر حما أيضًا باسم "آبار حمى التاريخيّة"، وتبعد عن مدينة نجران حوالى 130 كيلومترًا في اتجاه الشمال، وتعد من أهم وأقدم محطات طرق القوافل القادمة من جنوب الجزيرة العربية إلى شمالها. في موقع حما التاريخي التابع إلى محافظة ثار، والعائد تاريخه إلى الألف السابع قبل الميلاد حتّى الألف الأول قبل الميلاد، متحف مفتوح يزخر بالنقوش والرسوم والكتابات الثمودية.
ولا تزال آبار حمى تتضح بالماء العذب حتّى يومنا، وذلك منذ أن كانت محطّة تزوّد بالماء للقوافل التي كانت تنقل البخور والبهارات من جنوب الجزيرة العربية إلى الشام ومصر وبلاد الرافدين.
بين جنبات آبار حمى أكثر من 34 معلمًا أثريًّا، ما بين مساكن بدائية وإنشاءات أثريّة، كما تحيط بالموقع كهوف وجبال، وذلك من كلّ الجهات، مع ملاحظة وفر في الكتابات والنقوش عليها.
6. خط سكّة حديد الحجاز
صُمّم خط سكّة حديد الحجاز في الأصل لتسريع سفر الحجّاج المسلمين من دمشق إلى مدينتي مكّة المكرمة والمدينة المنوّرة المقدّستين سنة 1900، وذلك لمسافة 600 كيلو متر مربع بحلول 1908، لكنه انتهى إلى أطلال بعد أقل من عقدين من بداية تشغيله. ويمكن رؤية بقايا الطريق، اليوم، عبر شمال غرب المملكة العربية السعودية في هيئة سكك حديد تغطيها الأتربة والرمال، مع محطات مهجورة وقاطرات صدئة. فخلال الحرب العالميّة الأولى، تعرّضت أجزاء من الخط للهجوم من قبل توماس إدوارد لورانس وحلفاؤه العرب، وبحلول سنة 1918، وبعد أقل من عقدين من بداية المشروع، تحولت السكك الحديد إلى أنقاض. وتم التخلي عن المسار بشكل غير رسمي بحلول 1920.
إشارة إلى أنّه يمكن الوصول إلى أكبر جزء من بقايا السكك الحديد في المدينة المنورة وتبوك، حيث تم تشييد أكبر محطات الخط، والتي رمّمت منذ ذلك الحين. وتساعد إضافة القاطرات ومراكز المعلومات للزائرين في التعرّف إلى تاريخ السكك الحديد القصير والمؤثّر. كما يوجد متحف يضم القطع الأثرية والمخطوطات والصور الفوتوغرافيّة من هذه الحقبة الزمنية.
7. طريق الحجّ المصري القديم
كان حجّاج مصر، ومن يرافقهم من حجّاج المغرب والأندلس وأفريقيا، يسلكون هذا الطريق إلى مكّة المكرمة، متجهين من شبه جزيرة سيناء للوصول إلى أيلة (العقبة) أول محطة في الطريق، وبعد أيلة تمر قوافل الحجاج على حقل، ثم الشرف فمدين (مغائر شعيب – البدع).
وكان لحجّاج مصر طريقان بعد مدين، أحدهما داخلي والآخر ساحلي؛ يتجه الطريق الداخلي إلى الجنوب الشرقي، ويمرّ بشغب ثمّ بدا ومنطقة وادي القرى، حيث يلتقي في السقيا (الخشيبة) بطريق الحج الشامي ليسير معه إلى المدينة المنوّرة. أمّا الطريق الساحلي، فيمر على محطات عدة بعد مدين، منها: عينونا وضباء والوجه والحوراء وينبع والجار... وصولًا إلى مكّة المكرّمة. وكان الطريق الداخلي هو الأكثر استخدامًا خلال القرون الثلاثة الهجريّة الأولى، ثم زاد استخدام الطريق الساحلي بعد ذلك التاريخ.
8. طريق الحجّ السوري القديم
من طرق الحجّ التي تستعدّ للتسجيل على لائحة اليونسكو، طريق الحج الشامي أو السوري الذي كان يربط بلاد الشام بالأماكن المقدسة في مكة والمدينة، وكان يعرف باسم التبوكية نسبة إلى بلدة تبوك التي يمر بها. يبدأ مسار الطريق من دمشق ويمر ببصرى الشام (درعا)، وبمواقع أخرى أهمّها أذرعات، ومعان والمدورة (سرغ)، ثم يدخل الأراضي السعوديّة، ليمر على حالة عمار، ثم ذات الحاج بتبوك، فالأقرع والأخضر الذي تقع فيه محطة المحدثة، ثم محطة المعظم، فالحجر، والعلا وقرح.
9. واحة دومة الجندل
يرجع تاريخ واحة دومة الجندل إلى القرن السابع قبل الميلاد، فهي أنشئت منذ 2800 سنة، في محافظة دومة الجندل التابعة لمنطقة الجوف في شمال السعودية. مناخها صحراوي بارد شتاء، وحارّ صيفًا؛ يسجّل متوسّط درجات الحرارة في الصيف بالواحة من 38 درجة مئويّة إلى 42 منها، فيما تنخفض الحرارة شتاء إلى 7 درجات مئويّة.
تتمتّع الواحة بمقوّمات سياحيّة ساهمت في تبويبها تحت خانة مواقع التراث والتاريخ، مع الإشارة إلى أنّ "الهيئة العامّة للسياحة والتراث الوطني" وضعت أخيرًا، خطة تنفيذية لترميم المواقع الآتية: متحف الجوف الإقليمي وسوق دومة الجندل ومسجد عمرو بن الخطاب وقلعة مارد وحي الدرع، لتدخل بهذه المعالم ضمن المواقع السعودية المرشحة للتسجيل على لائحة اليونسكو للتراث العالمي.
10. عروق بني معارض للحياة البريّة
تشغل محميّة عروق بني معارض، والواقعة على الحافة الغربيّة من الربع الخالي، مساحة 12787 كيلومترًا مربّعًا، وتمتاز بتنوع موائل الحياة الفطرية فيها، وهي تسمح لزائرها بمشاهدة مشاهد صحراوية رائعة.
يأوي المكان الذي أعلن محميّةً سنة 1417 هـ. باقة إحيائية متنوعة في صحراء الربع الخالي بكثبانها الرملية الطولية التي ربما تكون الأعظم في العالم، وذلك على هضبة متقطعة من الحجر الجيري والطرف الجنوبي من جرف طويق ذي الوديان المكسوة نباتًا والسهول الحصوية والممرات التي تتخلل الكثبان الرملية.
وفق "الهيئة الوطنيّة لحماية الحياة الفطرية وإنمائها"، فإن محميّة عروق بني معارض هي آخر مكان شوهد فيه المها العربي في البراري، ولذا هي محور اهتمام برنامج مكثف وناجح لإعادة توطين المها العربي وظباء الريم والغزال الجبلي.
تابعوا المزيد: روعة 3 مساجد أوروبية بهندستها المعمارية