لاشك أن التلفاز ركن أساسي في كل منزل، بل أصبح يلعب دور البطولة المطلقة لدى الكثيرين في ضبط الأجندة اليومية والتحكم في العلاقات الاجتماعية، وعلى الرغم من أهميته إلا أنه أصبح مثار جدل وخلاف متواصل بين الدارسين وعلماء النفس والاجتماع الذين يرى بعضهم أن التلفاز هو أحد الأسباب الرئيسة لتفكك الأسر وانهيار العلاقات الاجتماعية، فيما يرى آخرون أن الاستغناء عنه سيدمر هذه العلاقات، حيث ستزيد نسبة الاكتئاب لدى الأفراد، ما سيولد خلافات ومشاجرات بينهم.
وقد أشارت دراسات حديثة إلى أن الامتناع عن التلفاز لمدة خمسة عشر يوماً في بيت من بيوت مجتمعاتنا الراهنة سيؤدي إلى نتائج مذهلة من جهة ارتفاع وتيرة التواصل بين أفراد الأسرة، وميل هؤلاء الأفراد لإعادة إحياء صلاتهم الاجتماعية المقطوعة خارج الأسرة، إلى جانب زيادة إنتاجية الأفراد في العمل أو التحصيل العلمي، وميلهم لقراءة الكتب، وارتفاع معدل الاهتمام بالجانب الروحي، وتزايد القدرات على التأمل والتخيل.
أما الإشكالية الثانية فكانت في تعدد الفضائيات التي تبعها تعدد الرغبات وتباينها من قبل أفراد الأسرة الواحدة، ما ولد خلافاً بينهم يتمثل بمن يتحكم بالريموت كنترول؟ وهل الحل هو تعدد أجهزة التلفاز في البيت الواحد؟ وهل هذا الحل سيفقد التلفاز جوه الحميمي الذي يجمع الأسرة حوله؟ "سيِّدتي نت" يستطلع بعض الآراء حول هذا الموضوع.
منغصات الحياة الزوجية.. طريق إلى السعادة!
خلافات زوجية
البداية كانت مع مريم المطيري (معدة برامج) التي أخبرتنا بأن التلفاز قد يسبب خلافات زوجية وانفصال قد يدوم لمدة أسبوع، وحدثتنا عن مشكلة التلفاز في بيتها قائلة: "التلفاز أصبح سبب المشاكل بيني وبين زوجي وابنتي الصغيرة، فابنتي تحب مشاهدة قنوات الأطفال 24 ساعة، أما زوجي فهو مدمن أفلام "الأكشن" الأجنبية بكل معنى الكلمة لدرجة جعلتني أكرهها، فحتى يوم الجمعة وعلى أوقات الصلاة أقول له: دعنا نستمع إلى الخطبة، فلا يرد عليّ، مما يؤدي إلى مشادة كلامية دائمة".
وتضيف: "حاولت التخلص من إلحاح ابنتي بأن اشتريت لها "DVD" وتلفاز مسجل عليه أفلام كارتون حتى تجلس أمامه طوال النهار، وبهذا تخلصت من مشكلتها، ولكن بقيت المأساة الكبرى زوجي الذي يحكّم رأيه دائماً، ويتحكم هو بالريموت كنترول، ولا يترك لي فرصة المتابعة إلا أثناء الفواصل التي يعرف زمنها بالثانية، ويعرف متى يعود لمحطته، وأفكر في أحيان كثيرة بشراء تلفاز خاص بي لابتعد عن سيطرة زوجي، إلا أنني أشعر بأن هذا الأمر قد يبعدني عنه أكثر".
الإخوة الأعداء
ويختلف الوضع قليلاً في منزل عائلة الإعلامي محمد الرديني الذي يقول: "قبل زواجي وفي منزل أسرتي كان لا يوجد "ستلايت"، والمبدأ ليس هو أنني أنتمي لعائلة محافظة، ولكن نحن نشأنا على احترام الوقت، والبعد عن كل ما يعيق هذا المبدأ، ومع ذلك يوجد عراك شديد بين أفراد الأسرة في الأحقية بمتابعة التلفاز من قبل إخوتي وأخواتي ما بين متابع للمباراة، وآخر متابع لنشرة الأخبار، وما بين ألعاب "بلاي ستيشين" أو فيديو أو غيرها، وكان الحل هو الحد من هذه الإشكالية بتوفير جهاز تلفاز لكل فردين ممن تتوافق ميولهم التلفزيونية من أفراد العائلة للتخلص من العراك اليومي".
ويضيف: "من وجهة نظري، إن هذه الطريقة التي يستخدمها بعض الآباء أو الأمهات في وضع جهاز تلفاز لكل شخص ربما تكون سبباً لعزوف أفراد الأسرة عن الاجتماع العائلي، ومتابعة سلوكياتهم، وربما تعودهم على الانطواء، لكن عندما وضعنا جهازاً لكل شخصين كنا نأمل بأن تبقي العائلة مترابطة نوعاً ما بعيدة عن الخلافات الدائمة".
أما الإعلامي سليمان السالم فيقول: "بالنسبة لأسرتي فأبنائي الصغار دائماً ما يبحثون ويصرون على الرسوم المتحركة، خاصة تلك التي تقدم لهم إبهاراً بصرياً عالي الجودة، أما الشباب فلهم رغباتهم الشبابية بعكسي تماماً، حيث أفضل قنوات الطبيعة والبحث العلمي التي تدعو إلى التفكر كـ "discovery "، ويرى الحل في الخلاف الدائم هو التنازل عن بعض الرغبات في سبيل البقاء معاً في مكان واحد أمام شاشة واحدة مع تقبل اختلاف الرغبات بين الجيلين، فنحن يوماً ما كنا نختلف مع أهلنا حول نفس الموضوع".
اكتشفي تصرفاتك التي تشعر زوجك بالاختناق
الرأي الاجتماعي
يخبرنا دكتور علم الاجتماع بإدارة التربية والتعليم إبراهيم العنزي عن رأيه بالموضوع قائلاً: "لاشك أنّ التلفاز حالياً أصبح عنصراً هاماً داخل المنزل، فهو وسيلة "وناسة" كما يقولون، وهو من الوسائل التي تؤدي إلى سعة الصدر والتسلية في المنزل، وأنا أرى أنه أحد أهم سبل الاتفاق والاجتماع داخل المنزل وبين أفراد الأسرة الواحدة، فقد تفرقهم المشاغل، ولكن تجمعهم الجلسة أمام شاشة التلفاز". وحول قضية الخلاف على التلفاز يقول: "أرى أنّ الخلاف الذي قد يسببه اختلاف الرغبات بين الأفراد هو خلاف محدود، حيث يوجد عدد من المواد الإعلامية المعروضة التي يمكنها أن تجمع إليها جميع أفراد العائلة الواحدة".
ويضيف: "لاشك أن تعدد الأجهزة في المنزل الواحد وسيلة لحل هذه الخلافات، بل هو ضرورة وأمر واقع تفرضه علينا عاداتنا وتقاليدنا التي تقتضي وجود أكثر من مجلس في البيت الواحد، لمنع الاختلاط في حال وجود الضيوف".
المزيد: