يسود في تونس اعتقاد بان الشباب ينبذ العمل الفلاحي اذ صار يفضل حياة المدينة و وظائفها المكتبية على حياة الريف و يثير هذا الاعتقاد مخاوف الأجيال المتقدمة في السن و التي تتساءل في حيرة عن مستقبل هذه المهنة و من سيحمل المشعل من بعدها.
أسماء القماطي شابة تونسية(28 سنة) تقطن بمحافظة الكاف( شمال غرب تونس)استطاعت أن تكذب هذا الاعتقاد بعد أن اختارت أن تكون فلاحة تعمل في مجال تربية الأبقار رغم صغر سنها و رغم أنها امرأة.
تتحدث أسماء القماطي ل"سيدتي نت "عن تجربتها في العمل الفلاحي و تؤكد أنها درست اختصاص الانجليزية في الجامعة لكنها و مباشرة بعد اتمام تعليمها اختارت أن تبعث مشروعا فلاحيا خاصا بها بعيدا عن وظائف الادارة و المكاتب "المملة" على حد تعبيرها.
لم يتجاوز حينها سنها 24 سنة لكنها صممت على المضي في الطريق الذي اختارته رغم معارضة العائلة و الوالد خاصة ،فبدوره يمتهن والدها الفلاحة و يعرف جيدا أي صعوبات ستواجهها خاصة كونها امرأة.
استطاعت أسماء أن تقنع عائلتها بالفكرة و تقول" عشقت الفلاحة منذ صغري فوالدي فلاح و كنت دائما اشعر بارتباط وثيق مع الأرض التي تعودت على ملامسة ترابها منذ كنت طفلة صغيرة...عبّر اخوتي عن نفورهم من هذه المهنة لذلك كنت أتساءل من سيعتني بها مستقبلا اذا تركها كل الشباب".
تكوين خاص
ولأنها لم تكن تملك معارف و مهارات كبيرة في هذا العالم فقد طرقت باب مدرسة للتكوين في مجال الفلاحة أين تعلمت أبجديات العمل.
بمساعدة صغيرة من والدها انطلق مشروع الفتاة الشابة بتربية بقرتين فقط و بعد مضي أربع سنوات أثبتت أسماء أنها قادرة على النجاح في هذه المهنة التي عشقتها فبادلتها العشق.
مع مرور الأيام تضاعف عدد الأبقار و نجحت أسماء في تجاوز كل عراقيل البدايات بما في ذلك نظرة المجتمع المحبطة" تقول في البداية استخف بي الجميع كانوا يعتقدون أنني سأهجر عالم الأبقار مراهنين على أن الملل سيصيبني لكنني صممت على النجاح ".
تابعي المزيد: مريضة سرطان تفقد ساقها وتصبح عارضة أزياء شهيرة
الفلاحة الانثى
قبل بعث مشروعها الفلاحي الخاص بها عملت اسماء القماطي في مجال عروض الأزياء لفترة قصيرة لكنها قررت ترك هذا العالم عن طواعية لتتفرغ لعالم الأبقار و رغم ذلك تصر على العناية بشكلها.
اختارت أسماء ان تواصل حياتها كامرأة شابة بالموازاة مع عالم تربية الأبقار اذ لا تفوت الفرصة للاعتناء بمظهرها الذي كثيرا ما جلب اهتمام المحيطين بها ،و عكس الفكرة السائدة عن عالم الفلاحين ترتدي أسماء لباسا عصريا و تذهب للكوافير لتسريح شعرها بشكل مستمر و تضع طلاء الأظافر حتّى خلال ساعات العمل.
تقول أسماء "لم انس أنني امرأة و اخترت أن أحافظ على مظهري السابق و أن اعتني بجمالي و أنوثتي التي أنساها فقط عندما أكون بصدد العناية باحدى بقراتي''.
تشارك أسماء متابعيها يومياتها على موقعي فيسبوك و انستغرام و تنشر باستمرار صورا لها أثناء العمل و صار لها متابعون كثر.
في البداية تقول كانت تصلني تعليقات ساخرة بعضهم أكد أنني ابحث عن الشهرة و البعض الآخر استبعد ان أكون تونسية و هناك من علق قائلا "هذه كواليس تصوير فيلم هذا الأمر ليس حقيقيا".
و مع مرور الأيام و السنوات تعوّد الجميع على صور أسماء الفلاحة العصرية التي تخاطب بقرتها و تلامسها بحنو و عطف الأم.
تقول أسماء" اعشق بقراتي بعد أن كنت سابقا أخشى حتى ملامستهن اليوم قد اقبل احداهن من فمها".
تغيرت شخصية أسماء القماطي بعد أربع سنوات من ممارسة مهنة تربية الأبقار و اليوم لم تعد تلك الشابة التي لا تبحث الا عن المرح و الترفيه و التسوق فقد أصبحت لها طموحات و مشاريع كثيرة ترغب في أن تحققها مستقبلا ، و بنجاح أسماء قد تكون فكرة أن الفلاحة عالم لا يليق بالمرأة تغيرت.
تابعي المزيد: كيف تصبحين عارضة أزياء مشهورة؟