تعتبر المنطقة التاريخيّة من أحياء محافظة الطائف الأكثر قدماً، وهي تروي قصص التاريخ والناس الذين عاشوا فيها، وتتضمّن حارات السليمانية وفوق وأسفل، وكلّها يطوّقها سور ذو ثلاث بوّابات (الريع والعباس والحزم). كانت تنامت مجتمعاتها ومبانيها عبر السنوات على محيط قرية الهضبة القديمة، لتشكّل في مجملها المنطقة التاريخيّة راهناً. ولا يزال عبق الماضي وشذى ذكراه يفوح في أرجاء المكان.
الأحياء الثلاثة
يصف المؤرّخ عيسى بن علي القصير المنطقة المركزيّة (أو التاريخيّة)، فيقول إنها "تحتوي على 3 حارات، هي: حارة فوق التي تقع وراء باب الريع للداخل إلى البلدة، وحارة أسفل مسكن الأمراء والأشراف تقع خلف باب الحزم، وحارة السليمانية التي تقرب من باب ابن عباس يراها الداخل من هذا الباب إلى يمينه، بيد أن الحارة أُزيلت في التوسعة الحديثة".
ويضيف المؤرّخ أن"الحارة الأوسع والأكبر لناحية عدد السكّان هي حارة أسفل، تليها حارة فوق، فالسليمانية". ويوضح أن" الضواحي على مقربة من السور، تشمل ضاحية قروى والسلامة والمثناة وضاحية معشي، ثم استحدثت ضاحية العزيزية. وتعدّ الأخيرة راهناً من أكبر الأحياء داخل النطاق العمراني وسط المدينة".
تابعوا المزيد: وجهات يقصدها الزوار في رمضان
مساجد شهيرة في المنطقة
وعلى امتداد مساحة المكان، شيد العديد من المساجد. يشير المؤرّخ وعضو اللجنة العلمية لمركز تاريخ الطائف، وعضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى، الدكتور سليمان بن صالح آل كمال إلى أن "السور بني في سنة 1214 هـ. من الحجر واللبن، وبقي صامداً زهاء 150 سنة تقريباً، محيطاً بالأحياء الذي لم يكن يتجاوز عدد قاطنيها أربعة آلاف نسمة".
إلى ذلك، تشمل المساجد الأكثر شهرةً: مسجد العباس الذي أسّس على علو الهضبة في زمن الخليفة الناصر لدين الله العباسي، مشتملاً على أربعة أروقة في الجهة القبلية ومنبر خشبي مكوّن من عشر درجات، وأمامه باب، وإلى يمينه محراب من رخام. وللمسجد المذكور ثلاثة أبواب، وأدوار علمية، فقد تعاقب عليه عدد من العلماء، وهو كان منارة في العلوم، بخاصّة في شهر رمضان المبارك، ومكان توقف للحجاج في طريقهم إلى مكة المكرمة.
أما مسجد الهادي أسفل الهضبة فقد بني في سنة 1050 هـ. على هيئة مستطيل، وله بابان قبلي وجنوبي، وفي وسطه صهريج معد لجمع ماء المطر. وموقعه معروف في برحة القزاز بمنطقة السوق المركزي، فيما يعلو مسجد باعنتر قرية الهضبة.
وخصّص لهذه المساجد، في أحياء الطائف القديمة، ومنها: مسجد الريع ومسجد الهنود ومسجد بن عقيل السقاف ومسجد شمس، العديد من الأوقاف.
وذكر آل كمال أن "السور أزيل في سنة 1367 هـ. جرّاء التمدد العمراني والتطوير الذي طال المدينة في العهد السعودي الزاهر، فأصبحت القرى المحيطة به، ومنها المثانة وقروى والسلامة و... من الأماكن التي تتكامل فيها الخدمات البلدية المختلفة، وتكوّن في مجملها رقعة مدينة الطائف".
تابعوا المزيد: المساجد الإسلامية وجهة المهتمين بتصاميم العمارة المبهرة