اتفق العديد من الباحثين على أن نمو الطفل لا يكون بالاعتماد على الطعام والتغذية السليمة والشراب والعناية والاهتمام بقدر ما يرتكز نموه على شعوره النفسي بالأمان والطمأنينة والذي يستمدهما من أمه..عبر كلماتها ونظراتها ولمساتها- على جلده..والتي تنطق بكل الحب وتبعث في قلب الصغير بكل الطمأنينة...كيف يحدث هذا وما السر وراء طمأنينة الطفل؟ معنا الدكتور مجدي بدران، استشاري طب الأطفال وعضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة للشرح والتوضيح.
الطمأنينة..باللمس والاحتضان وهرمون "الأوكسيتوسين"
اللمس يلعب دوراً حاسماً في نمو الطفل؛ حيث وجد أن تدليك الرضع يزيد الوزن أسرع من الرُضع غير المدلكين.
والاحتضان أعلى أنواع اللمس، يكسب الطفل الشعور بالأمان و الإحساس بالدفء، ويزيد الثقة بالنفس، ويقلل من التوتر، ويساعد الطفل على النوم
هرمون الأوكسيتوسين هو هرمون الاحتضان (العناق)، يفرز بواسطة الفص الخلفي للغدة النخامية، وهو الذي يدفع الإنسان ليحتضن من يحب
ويساعد في إدرار اللبن من ثدي الأم المرضع، كما يساعد الأوكسيتوسين الطفل علي تنمية المشاعر الودية بداخله، والعطف على الآخرين
يعرف الأوكسيتوسين أحياناً بهرمون الحب؛ لأنه ينطلق عندما يترابط الناس اجتماعياً، ويلعب دوراً في إحساس الطفل بالترابط النفسي والإحساس بالطمأنينة
الطمأنينة لشعوره بأنه مع من يحب
ويكون ذلك لأنه:
1 - يربط في ذهن الطفل بين المشاهد والوجوه و الأصوات والرائحة، ما يجعل الطفل يشعر بالطمأنينة لوجوده مع من يحب
2 - العناق يزيد من الأوكسيتوسين، ويقلل كيمياء الغضب، و يقلل من ضغط الدم الانقباضي في المواقف العصيبة
3 - حرمان الطفل من الاحتضان يترك آثاراً عميقا تمتد لسنوات، فهو يحسن المزاج، ويرفع المناعة، ويزيد من التقارب بين أفراد الأسرة
4 - كلما ارتفعت مستويات الأوكسيتوسين في الأم خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل، كلما زاد لديها سلوكيات الترابط مع طفلها
5 - حضن الأم الدافئ للوليد يكسبه مظلة من الطمأنينة التي تمتد سنتين، كما يقلل حضن الأم للرضيع من البكاء، ويعزز نموه وتطوره
6 - هو يحفز الرضاعة الطبيعية لدى الأم ويزيدها، ويساهم في تحقيق الاستقرار والطمأنينة في قلب الرضيع
الطمأنينة.. بالرعاية والمحبة من الوالدين
الطمأنينة النفسية والروحية أهم بكثير من الطمأنينة الاقتصادية والمالية، فقد يحتمل الولد الفقر والألم والخطر إذا توفر له الأمان النفسي والروحي.
وظيفة الآباء توفيرها لصغارهم، وينصح به كونه ينشئ طفلاً معافى نفسياً قادراً على العطاء والمحبة للعيش تحت مظلة أسرة يرعاها الوالدان بالحب والحنان، من أهم عناصر الطمأنينة لأولادنا؛ لأن الشجار الدائم بين الوالدين يعقد الولد، ويسحب بساط الآمان والطمأنينة السعيدة من تحت قدميه.
الطمأنينة بالعائلة المجتمعة
يداخل الولد شعوراً بالاستقرار والاطمئنان عندما تكون الروابط العائلية متينة ومتماسكة، بحيث يستطيعون ذكر وتذكر أسرهم مجتمعة وهي تمارس بعض النشاطات معاً، والفرق كبير بينهم وبين الأولاد الذين يفتقرون إلى هذا الإحساس مستقبلاً.
الطمأنينة بالتربية المناسبة
هي تربية الأولاد على احترام والديهم، واحترام الآخرين من إخوة ورفاق، ومن ثمة يتلقون احترام كل هؤلاء، وحيث تكون التعليمات ذات طابع مقنع وحازم، فمثل هذه التربية السوية التي تمارس بمحبة وعدل، تحلُّ الاطمئنان في حياة الولد.
الطمأنينة بالاحتضان والهزهزة والمداعبة
آثار الهزهزة ومداعبة خصلات الشعر والقبلة الدافئة تترك بصمات جذابة سحرية، تبعث على الرضا وراحة النفس، وتمد الطفل بالهدوء النفسي، والاطمئنان العاطفي.
الطمأنينة بالمحبة الدائمة من الأبوين
يكتسب الطفل أول شعور بالأمان في عالمه الجديد، إذا أحس بأن والديه يوليانه الاعتناء والمحبة، وهذه المحبة الثابتة تتضمن القبول، ولكي يزداد شعوره بالأمان لابد من أن يُحمل ويضم، ويتتم محادثته، بل يؤكد له بأنه محبوب.
الطمأنينة لشعور الطفل بالانتماء
الابن صغير كان أو كبيراً بحاجة أن يكون جزءاً من الأسرة أو الصف أو الفريق، أو أي جماعة يتفاعل معها، وهذا الإحساس بالانتماء يوفر له الأمان والشعور بالقيمة والاعتبار عند الآخرين
فمتى شعر الولد بأنه جزء من عائلة ينتمي إليها، وأن لـه موقعاً عندها، ينشأ لديه شعور بأنه مقبول ومحبوب، وذو قيمة..فتكون الطمأنينة
ومشاعر الإنتماء تتولد بالاشتراك وبمشاطرة الهموم المشتركة، وائتمان الآخرين على تولي المسؤوليات، والتركيز على الولد بدلا من التركيز على الهدايا، ما يمنحه شعوراً بالإنتماء
والولد يطمئن حين يدعوه والده، وحين تقدر آراؤه، ويدخل في الحسبان عند قيام الأسرة بنشاط اجتماعي أو ترفيهي، وحين تشمله مسؤوليات العائلة