يُعد مسجد قباء بالمدينة المنورة أول مسجد في الإسلام، فقد أسسه الرسول صلى الله عليه وسلم واختطه بيده عندما وصل إلى المدينة المنورة مُهاجراً إليها من مكة المكرمة، وشارك في وضع أحجاره الأولى ثم أكمله الصحابة رضوان الله عليهم.
وكان الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم يقصد مسجد قباء بين الحين والآخر ليُصلي فيه، ويختار أيام السبت غالباً، ويحض على زيارته.
ووردت في فضل المسجد والصلاة فيه العديد من الأحاديث النبوية الشريفة، ومنها: (من تطهّر في بيته وأتى مسجد قباء فصلى فيه صلاة فله أجر عمرة).
ويُعد المسجد من أكبر مساجد المدينة المنورة بعد الحرم النبوي، وتُقام فيه جميع الصلوات وصلاة الجمعة والعيدين، وهو مقصداً لزوار وسكان المدينة المنورة، لفضل الصلاة فيه.
وقد جُدد المسجد في عهد الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه ثم عمر بن عبد العزيز الذي جعل له رحبة وأروقة ومئذنة، وهي أول مئذنة تُقام فيه، وفي سنة 435هـ جدده أبو يعلى الحسيني وفي سنة 555هـ جدده جمال الدين الأصفهاني وجدده أيضاً بعض الأعيان والمحسنين في سنة / 671 و 733 و 840 و 881 /هـ وفي عهد الدولة العثمانية جُدد عدة مرات آخرها في زمن السلطان عبد المجيد.
وفي العهد السعودي لقي المسجد عناية كبيرة فرُمم وجُددت جدرانه الخارجية وزيد فيه من الجهة الشمالية سنة 1388هـ، وفي عام 1405هـ أمر خادم الحرمين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود رحمه الله بإعادة بنائه ومضاعفة مساحته مع المحافظة على معالمه التراثية بدقة، فهُدم المبنى القديم وضُمت قطع من الأراضي المجاورة من جهاته الأربع للمبنى الجديد، وامتدت التوسعة وجعل له أربع مآذن عوضاً عن مئذنته الوحيدة القديمة، كل مئذنة في جهة وبارتفاع 47 متراً.
وبُني المسجد على شكل رواق جنوبي وآخر شمالي تفصل بينهما ساحة مكشوفة ويتصل الرواقان شرقاً وغرباً برواقين طويلين، ويتألف سطحه من مجموعة من القباب المتصلة منها 6 قباب كبيرة، و 56 قبة صغيرة، وتستند القباب إلى أقواس تقف على أعمدة ضخمة داخل كل رواق، وكُسيّت أرض المسجد وساحته بالرخام العاكس للحرارة، وظُللت الساحة بمظلة آلية صنع قماشها من الألياف الزجاجية تُطوى وتُنشر حسب الحاجة.
وبلغت مساحة المصلى وحده 5035 متراً مربعاً، فيما بلغت المساحة التي يشغلها مبنى المسجد مع مرافق الخدمة التابعة له 13500 متر مربع، كما ألحق بالمسجد مكتبة ومنطقة تسويق لخدمة الزائرين.