هل يصاب الأطفال بالاكتئاب؟ وما هي أبرز علاماته؟ وهل يساعد اكتشافه مبكراً في علاجه؟.. التقت «سيدتي نت» بالدكتور محمد هاني أخصائي الصحة النفسية واستشاري العلاقات الأسرية؛ ليحدثنا عن اكتئاب الأطفال والمراهقين، وقال إن اكتئاب المراهقين مرض مثل أي مرض آخر، ويمكن علاجه عند التعامل معه في الوقت المناسب.
فهم الاكتئاب غالبًا ما يتم الخلط بينه وبين التقلبات المزاجية و«السلوك الطبيعي للمراهقين»؛ فإن الاكتئاب هو أكثر من مجرد شعور مؤقت بالحزن.. هناك فرق بين «الشعور بالاكتئاب» والمعاناة من «الاكتئاب السريري».
يمكن أن يؤدي الإحباط والغضب والفقدان إلى الشعور بالاكتئاب، وهو شعور مؤقت.. الاكتئاب السريري هو اضطراب اكتئابي كبير يؤدي إلى نوبات طويلة من الحزن واليأس، ويؤثر على الأفكار والأفعال.. يكون الشعور بالحزن شديداً، لدرجة أن الشخص يفقد الاهتمام بالأشياء التي يستمتع بها عادةً.
الحزن يختلف الاكتئاب أيضاً عن الفجيعة، وهو الشعور الذي يشعر به المرء بعد وفاة أحد أفراد أسرته أو عند إنهاء علاقة مهمة، قد تستغرق عملية الحزن أسابيع أو حتى أشهراً، لكنها استجابة طبيعية لموقف سلبي في الحياة، ومع ذلك، يؤدي الاكتئاب إلى مجموعة من المشاعر السلبية الثابتة، ويترك الشخص يشعر بأنه عالق، قد يكون للمراهق سيطرة قليلة أو معدومة على مشاعره، وقد يشعر بأنه غير قادر على تجربة المتعة كما فعل سابقاً، الأهم من ذلك، يمكن أن يظهر الاكتئاب الإكلينيكي حتى عندما تكون الظروف مثالية، وغالباً ما يجعل الشخص يتساءل عن سبب شعوره بالطريقة التي يشعر بها، يؤثر الاكتئاب الشديد على حياة المراهق اليومية ودراسته وحياته الاجتماعية بشكل سلبي، وتجب معالجته مبكراً.
أسباب اكتئاب الأطفال المراهقين
- الاكتئاب مرض طبي شائع ولكنه شديد ويمكن علاجه، من الناحية الطبية، يعتبر اكتئاب البالغين هو نفسه اكتئاب المراهقين، ومع ذلك؛ فإن أسباب الاكتئاب والمحفزات تختلف قليلاً، يمكن أن يكون الاكتئاب عند المراهقين نتيجة لواحد أو أكثر من الأسباب التالية:
- الناقلات العصبية هي مواد كيميائية في الدماغ تحمل الرسائل من وإلى الدماغ، عندما تتعطل الكيمياء البيولوجية، تتأثر مستقبلات الخلايا العصبية ودوائرها سلباً، تشير الأبحاث إلى أن أية تغييرات في نمو الخلايا العصبية وعمل الدوائر العصبية، يمكن أن تسهم في الاكتئاب.
- يمكن أن يؤثر عدم التوازن الهرموني، وهو اضطراب في الأنظمة الهرمونية في الجسم، على كيفية عمل الناقلات العصبية، ويؤدي إلى الاكتئاب.
- الاعتداء الجسدي والعقلي، وفقدان أحد الوالدين، أو غيرها من الأحداث المؤلمة التي مر بها المراهق عندما كان طفلاً، يمكن أن تؤثر على كيمياء الدماغ ووظائفه؛ مما يجعل الطفل عرضة للاكتئاب.
- يمكن أن تساهم الجينات، في بعض الحالات، في الإصابة بالاكتئاب؛ خاصةً إذا كان لدى المراهق قريب بالدم يعاني من هذه المشكلة.
- قد تؤدي أنماط التفكير السلبي المكتسبة أيضاً إلى الاكتئاب، إذا تعلم الطفل التفكير بشكل سلبي والشعور باليأس، بدلاً من الشعور بالقدرة وإيجاد الحلول؛ فإنه يكون عرضة لهذه الحالة.
- يمكن أن يصاب المراهق بالاكتئاب بسبب أحد الأسباب أو مجموعة من هذه الأسباب، تشمل المثيرات الشائعة التي يمكن أن تزيد من خطر الإصابة بالاكتئاب لدى المراهقين، ما يلي:
- الرسوب في الامتحانات.
- الضغط الفردي.
- الرفض الاجتماعي.
- مشاكل عائلية.
- احترام الذات السلبي بسبب السمنة والتنمر وما إلى ذلك.
- فعل من أعمال العنف والاعتداء.
- الأمراض المزمنة مثل السرطان.
- وجود اضطرابات نفسية أخرى مثل: الاضطراب ثنائي القطب، أو اضطرابات القلق، أو اضطرابات الأكل، أو اضطرابات الشخصية.
- الإصابة باضطراب سلوكي مثل: اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط «ADHD».
علامات وأعراض الاكتئاب
- بالتأكيد، المراهقون متقلبو المزاج في معظم الأوقات، وقد يشعرون بالحزن واليأس أيضاً، لكن هذه المشاعر تدوم فقط حتى تجد حلاً لمشكلتها، أو حتى تعود الظروف إلى الحالة المثالية، ومع ذلك، إذا كان هناك شعور مستمر بالحزن يستمر لمدة أسبوعين على الأقل؛ فقد يشير ذلك إلى الاكتئاب السريري لدى المراهقين.
- أعراض وعلامات الاكتئاب عند المراهقين هي كما يلي:
- الأعراض - التغيرات العاطفية، التغيرات السلوكية
- الشعور المستمر بالحزن، والذي يشمل نوبات البكاء: قد يشعر المراهق بالرغبة في البكاء دون سبب واضح.
- الشعور باليأس أو الفراغ و فقدان الهدف.
- الشعور بالضيق والغضب حتى من الأمور التافهة.
- يشعر بالانفصال، لا يبدو أن الأمور مهمة بعد الآن.
- الشعور بالذنب بسبب كل ما يحدث بشكل خاطئ.
- الشعور بالتعب حتى بالنسبة للأشياء اليومية البسيطة.
- المعتقدات والهلوسة غير العادية.
- الشعور بعدم القيمة والأفكار البارزة مثل: «أنا لست جيداً، أو لا فائدة لأي شخص» أو «أنا أفضل حالاً ميتاً».
- لوم الذات وكراهية الذات.
- التركيز على أخطاء الماضي والمبالغة فيها، والشعور المفرط بالذنب.
- قلة التركيز ووضوح الفكر.
- الإيمان بأن المستقبل قاتم ولا يستحق العيش فيه.
- كثرة التفكير في الانتحار وقتل النفس وتخيل الموت.
علاج الاكتئاب لدى الأطفال المراهقين
يفقد الشخص الذي يعاني من الاكتئاب كل أمل، ويشعر بأنه لا يوجد مخرج، لكن هذا ليس صحيحاً، يمكن علاج الاكتئاب عند المراهقين بمساعدة العلاج النفسي والأدوية في بعض الحالات.
العلاج النفسي
- تُعالج معظم حالات الاكتئاب بمساعدة العلاج النفسي أو الاستشارة، والتي تتضمن جلسات مجدولة وفي الوقت المناسب، مع طبيب نفسي مؤهل أو معالج نفسي، بتواتر محدد في حالة الاكتئاب الشديد، قد يحتاج المراهق للذهاب للاستشارة ثلاث مرات على الأقل في الأسبوع، يمكن أن يختلف نوع العلاج المستخدم أيضاً اعتماداً على المشكلات الأساسية التي تسببت في المرض.
- الخيار الأكثر شيوعاً هو العلاج بالكلام؛ حيث سيتحدث المراهق عن أفكاره ومشاعره وأفعاله في بيئة آمنة، يسمح العلاج بالكلام للمراهقين بالنظر إلى المشكلة بطريقة موضوعية وحلها دون الشعور بالارتباك، إذا لم ينجح العلاج بالكلام؛ اعتماداً على العمر، يمكنك أيضاً تجربة العلاج بالفن، والعلاج الميداني بالطين، والعلاج بالرمال، والعلاج باللعب.
- العلاج السلوكي المعرفي هو شكل آخر من أشكال العلاج، الذي يركز على أن نستبدل بأنماط التفكير السلبي الأفكار الإيجابية والعواطف الجيدة، يساعد هذا النوع من العلاج في التعامل مع الأفكار غير الصحية التي قد تؤدي في النهاية إلى أفكار العنف أو إيذاء النفس.
- يمكن أن يساعد العلاج النفسي الديناميكي أيضاً في علاج الاكتئاب، من خلال التركيز على ما يحدث في نفسية الشخص؛ للتعامل مع الصراعات الداخلية مثل: التوتر والقلق والخوف.
- يساعد علاج حل مشكلات المراهق على إيجاد طرق أفضل للتعامل مع المواقف العصيبة، كما أنه يساعد في إيجاد طرق للتكيف مع فقدان أحد الأحباء، أو انفصال الوالدين أو الفترات الانتقالية الأخرى.