أخذ المساء يقترب ، انعكس وداع الشمس على قاع البئر، فَلَمعتْ عشرات القطع النقدية في أسفله كأنما تُذَكِّر النهارَ المغادرَ بقصص أناس أتوا ورحلوا.
-
الامانى والاحلام تحملها قرابين العملات
اقترَبتْ من المكان فتاة في مقتبل العمر وقفت تتمتم شيئاً كأنما تتلو صلاة دافئة...و في لحظة انفعال ألقت قطعة من نقد معدني و انتظرت كأنما تريد أن تتأكد من غرق قربانها ثم أسرعت بالرحيل... وعلى الطرف الآخر من البئر وقف كهل يحدق بالماء، فجأة حلّ من أصبعه خاتمه ثم قبّله متمتما بأمنيته والقاه الى حورية الماء. حلّ الليل والناس ما زالوا يلقون أحلامهم وأمانيهم تحملها قرابين من العملات.
عندما انتصف الليل ، فجأة من قلب الهدوء، ظهر ولد صغير في ثياب رثّة... اقترب برويّة ثم قفز الى داخل البئر. انتظر برهة ليتأكد أن صوت مغامرته قد ذاب في سكون الليل، وانحنى يلتقط قطعَ المعدن في نشاط ، يجمع كنزه الصغير...
هنا ظهر تساؤل .. كيف ستحقق الحوريات الامنيات إذا كان الفتى حمل معه القرابين ورحل؟
تابعي المزيد: خرافات عن المرأة الحامل والجنين
-
بئر مسعود ...بئر الامنيات أم بئرالاسرار
يقع بئر مسعود فى شاطئ سيدي بشر، شرقي مدينة الإسكندرية، وقد شاعت عنه الكثيرمن الاقاويل .
تقول آمنة بولخير- تونس "قرأت أنه إذا وقفت امام البحر ودعيت الله تكون الدعوة مقبولة، و قبل ولادة ابنتى التى جاءت بعد طول انتظار ذهبت إلى البئر، وتمنيت، وأنجبتها فاعتدت عند زيارتى للإسكندرية الذهاب لبئر مسعود وألقي فيه بعملة وأمنية" ...
- حكايات البئر لا تنتهى..
إبراهيم لبيب – مهندس ستينى من سكان المنطقة يقول لسيدتى : ُيقال أن سيدة لا تنجب خطفت طفلا فخباته فى البئر ورحلت وكانت منطقة سيدي بشرمهجورة مطلع هذا القرن ، وشب الطفل وحيدا لا يعرف احد، وأصبح زاهدا ورعا يستجاب دعائه، تأتيه النساء من كل مكان بمشاكلهن الى ان توفي ودفن بالمنطقة، وذاع صيته بعد مماته ....
في حين يؤكد الحاج عباسي محمود فريد – 83 عام أنه رأي الشيخ مسعود أوائل القرن الماضي وكان صيادا فقيرا ، ومشعوذا يجلس على البئر ويصطاد بالقرب منه وكان يقنع السيدات أن البئر به جان يحقق الامنيات بمجرد أن يطفن حول البئر مرتين أو ثلاث ثم يذكرن أمانيهن ويلقين النقود في البئر فتتحقق أمانيهن، والحقيقة أن الرجل كان يجعل ابنه الصغير يغطس عند الفجر ليجمع هذه النقود وغرق الطفل في البئر، ولحقه ابوه حزنا عليه فسمي البئر باسمه وظلت أسطورة الجان متوارثة حتى اليوم.
ويروى الحاج بلبل احد حراس المنطقه "أن هذه المنطقة كانت عبارة عن كبائن الإيطاليين وشاليهات العائلة المالكة الذين كانوا يقيمون حفلات السمر ليلا وكانوا يمدون انابيب المياه من البحرلحمامات السباحة في شاليهاتهم ، لافتا أن الصخور هي التي كونت البئر، وكان حارس الكبائن يسمى مسعود وهو رجل كبير السن دائم الصلوات ،وكان الاهالي يتباركون به ، ووجد ميتا داخل البئر فعرف المكان ببئر مسعود. ويضيف عم بلبل :كثير من السياح وخاصة "الطلاينة" يأتون في شهر أغسطس لإلقاء العملات المعدنية
تابعي المزيد: خرافات تعرفوا إلى حقيقتها
- بئر الامنيات تقليد اوروبي
يقول محمد عبد المجيد – باحث في التراث لسيدتى أن إلقاء العملات بالبئر تقليد للأجانب . فالإيطاليين لديهم فونتانا دي تريفي. والإنجليز لديهم نافورة الأمنيات. والصينين لديهم ينبوع جبل الماء.
وبئر الأمنيات فكرة منتشرة فى أنحاء العالم. ففى الفولكلور الأوروبى يمثل بئر الأمانى موروثا قديما يعبر عن صلة الإنسان بالآلهة، خاصة أن الأساطير القديمة أضفت الكثير من القداسة على منابع المياه وربطتها بالآلهة الطيبة ، وكان الجنود يلقون دروع وأسلحة الأعداء في برك المياه للتبرك بالآلهة.
- دراسة أمريكية .. العرب ينفقون زهاء ستة مليارات دولار سنوياً على النذور
يقول عبد المجيد: دراسة أمريكية تقول أن العرب ينفقون زهاء ستة مليارات دولار سنوياً على النذور، كما ان نصف نساء العرب يعتقدن اعتقاداً جازماً بتأثير السحر والنقود المعدنية لتحقيق أحلامهن التي تتنوع بين الارتباط بمن يحببن والإنجاب والحصول على رضا الزوج ومحبته.
- بئر مسعود مقبرة تعود للعصر اليوناني الروماني
وعن البئر يقول... بئر مسعود ليس بئرا حقيقيا، بل مجرد تجويف فى الساحل طوله حوالى 5 أمتار تكون من إرسابات صخرية جيرية يمتد أسفله نفق عبارة عن قناة مائية طولها 20 متر تصل لفتحة أخرى، تصل للبحر. كما تشير أعمال الحفائر والمسح الاثرى إلى أن بئر مسعود مقبرة تعود للعصر اليوناني الروماني ، حيث كان اليونانيين يقيمون مقابرهم فى مناطق تقع على مقربة من البحر...!