في ليلة العاشر من تموز/ يوليو، استأذن الطفل نايف أمّه ليذهب إلى بيت جدّه، ليستمع إلى ما يسرد عليهم جده من قصص عن عيد الأضحى المبارك والذهاب إلى صلاة العيد وذبح الأضحية.
كان الطفل نايف متحمّساً، لسماع قصص الجد، ليتدرب ويعرف ما عليه الاستعداد له، وعند وصوله بيت الجد محمود، كان الجدّ يجلس في غرفته، ذات المكتبة الكبيرة، يقرأ الكتب كعادته، فجلس معه، ثم ذهب نايف إلى المكتبة، ووضع كرسياً وقف عليه، وأخذ كتاباً بعنوان قصص العيد، وناوله لجدّه وقال له: هيّا يا جدي، من أين سنبدأ؟
نية ذبح أضحية العيد
قال الجد: سأحكي لك قصة الأضحية، بعد صلاة العيد، أي أول أيام العيد، يفترض أن نذهب لذبح الأضحية! فقال له نايف ما هذه الأضحية يا جدي فردّ الجد: الخروف الذي نرعاه منذ 10 أيام، تعجب نايف وحزن لأن الخروف سوف يُذبح، فقال له جده: سوف أحكي لك لماذا سوف نذبحه ولا تستعجل الحكم. فأنا أعلم ما لديك فضول ولكنني سوف أسرد عليك أولاً قصة سيدنا إبراهيم وسيدنا إسماعيل.
رؤيا سيدنا إبراهيم
بدأ الجدّ قصته: في ذات ليلة رأى سيدنا إبراهيم في المنام أنه يذبح سيدنا إسماعيل ورؤيا الأنبياء وحي، فلم يشاور سيدنا إبراهيم ولده في تنفيذ رؤيا من الله؛ ولكنه كان متردداً في تنفيذ تلك الرؤيا.
تعجب نايف وقال لجده: أسوف يذبح ولده سيدنا إسماعيل يا جدي، فضحك الجد وقال له اصبر يا بني سوف أكمل لك القصة اطمئن. سكت نايف وقال لجده إذاً أكمل القصة، قال الجد: سيدنا إبراهيم قص الرؤيا على ولده سيدنا إسماعيل فقال له يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك، فانظر ماذا ترى، قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين.
السكين التي لا تعمل
نظر نايف لجده في دهشه من رد فعل سيدنا إسماعيل ورده على رؤيا سيدنا إبراهيم له في المنام، وقال أكمل يا جدي. فقال الجد: أخذ سيدنا إبراهيم سيدنا إسماعيل وابتعدا حتى لا تشعر أمه بما سوف يحدث، وأضجعه على جبينه فقال سيدنا إسماعيل لسيدنا إبراهيم يا والدي اشدد رباطي حتى لا أضطرب واكفف عني ثوبك حتى لا يتلطخ من دمي فتراه أمي فتحزن.
بكي نايف وسأل جده: أحقاً سوف يُذبح ابنه يا جدي؟ فقال له جده لا تحزن يا صغيري ففرج الله سوف يحدث، ولكن الصبر يا بني. أكمل الجد قصة سيدنا إبراهيم وولده وقال: قال سيدنا إسماعيل لسيدنا إبراهيم يا والدي مر السكين على حلقي ليكون يهون الموت عليّ فإذا أتيت أمي فاقرأ عليها السلام مني فأقبل سيدنا إبراهيم عليه لكي يقبله وهو يبكي ويقول له نعم العون أنت يا بني على أمر الله فأمر السكين على حلقه فلم تعمل شيئاً.
اختبار الله للعبد
اندهش نايف وقال لجده ماذا حدث يا جدي ألم تكن السكين جاهزة حتى تذبح سيدنا إسماعيل، فضحك الجد وقال له: ألم أقل لك أن تصبر حتى تعرف نهاية القصة يا بني. سكت نايف وقال: حاضر يا جدي سوف لا أقاطعك ثانيا أكمل.
قال الجد: لم تذبح السكين حلق سيدنا إسماعيل فالله له في ذلك حكم فقال له سيدنا إسماعيل ما لك؟ قال انقلبت السكّين، فقال له اطعن بها طعناً، فلما طعن بها لم تقطع شيئاً فالله فقط اختبر عبده في الطاعة والصبر، فنودي يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا هذا فداء ابنك فنظر سيدنا إبراهيم فاذا بسيدنا جبريل عليه السلام معه كبش من الجنة قال تعالى "وفديناه بذبح عظيم"، أي أن الله تعالى خلّص سيدنا إسماعيل من الذبح بأن جعل له كبشاً أقرن عظيم الحجم فداء له حتى لا يحزن قلب سيدنا إبراهيم على ولده. فصاح نايف قائلاً هاااه هااه لم يذبح سيدنا إبراهيم ولده يا جدي.
ضحك الجد وقال حقاً يا صغيري لم يذبح؛ ولكن الله أراد أن يختبره على الطاعة في هذا البلاء وها هو سيدنا إبراهيم نجح، وقد اختبر ابنه في طاعته وتنفيذ رؤياه وها هو نجح أيضاً. وعنما نذبح الخروف، ستبقى للعائلة نصيبها من اللحم فيما الحصة الأكبر ستوزع على الأهل والأقارب والمساكين.
ماذا يتعلم الطفل من أضحية العيد؟
1 – أن أفضل ما في الأضحية من اللحوم يجب أن يوزع على الفقراء لأن "الله طيب لا يقبل إلا الطيب".
2 - إهداء جزء من اللحوم للأقارب والمعارف يعلمنا سنة محببة عن الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وهو أنه كان يقول: تهادوا تحابوا....
3 - يجب أن نذكر أطفالنا بقصة سيدنا إبراهيم وابنه إسماعيل وأن الابن قد امتثل لأبيه حتى في الرؤيا، التي رآها، وقد نجاه الله من الذبح جزاء لطاعته.
4 - بالنسبة للحوم التي توزع في يوم العيد يجب أن نذكر أطفالنا أن هناك فقراء ومساكين لا يتذوقون اللحم إلا مرات في السنة، فيجب أن يشكر الله على نعمه.
5 - اطلبي منه أن يوصل اللحم إلى بيوت الفقراء، وأن لا يتحدث بما قام به أمام الآخرين، وبذلك يتعلم أن عمل الخير يكون خالصاً لوجه الله.