اترُك في الحياة أثراً.. حتى تعيش أعماراً فوق عُمرك، طالما أنك تضع بصماتك بالحياة أينما ذهبت، فأنت تُجدّد سنوات حياتك، وتُعيدها إلى نُقطة الصفر، كأنك تولد من جديد، وتجعل مِن وجودِك نفعاً سيظل صداه باقياً مادامت الأرض باقية.
من كَتَب لِمَن جاؤوا بعدهُ لم يَمُت، ومن ساعد غيرهُ من دون مُقابل لم يَمُت، ومن وضع نفعاً وخيراً لمن عاشوا في زَمنِه لم يَمُت، هُناك الكثيرون حولنا انتهت أنفاسهم ولكن لم ينته وجودهم، مازالوا يتحركون حولنا في كُل مكان، نتذكرهُم.. حين نرى وجوهاً تمتلئ بالرضا والراحة، حين نرى أُناساً قد تعافوا من المرض، ومستشفى قد تم إنشاؤهُ لعِلاج الناس من دون مُقابل، نتذكرهُم.. حين نرى مصدراً للرزق تعتمد عليه عائلات فقيرة، أو مبنى ضخم يأوي أطفالاً ليس لهُم هوية.. كيف تعتقد أن من فعل هذا أو ذاك قد مات يوماً، ويده لازالت تُساعِد وتُقدِم الخير، إنه الخُلود بعينهِ.. حين تُدرِك أن حولك أُناساً يعيشون بسبب خيرً قدمهُ آخرون.
وليس الخير في مبلغ مالي فقط، بل بدعوة، كلمة، فعل بسيط يبدأ بفكرة وينتهي بابتسامة أحدهم بسبب منك، هل فكرت أن أحدهم ربما أحوج لكلمة أكثر من مادة؟! هل فكرت ربما تكون بطل الخلود في قلب أحدهم!
والآن.. هل مازلت تعتقد أن البطل لا يعيش سوى مرة واحدة بالرواية، هل لازالت عيناك لم تلاحظا أياً من هؤلاء السائرين على أقدامٍ مِن نور، ذهبت أجسادهم ولازالت أرواحهم تجول حولنا، تشير إلينا لنسير على نهجها، تحكي لنا كم من جناتٍ تنتظِرها لتُكافئ بما قدمت من خير للإنسان، فكُلنا إنسان.. نتشارك روحاً واحدة بأجسامٍ مُختلفة، نتشارك لحظات السعادة وساعات الحُزن، فلنسع لإحياء ما تبقى داخلنا من الإنسانية، والآدمية، والضمير، والعطاء، والأهم الحب.
فقد آن الوقت من أجل وضع بصماتٍ مِن النور لا تمحوها الأيام، فتبقى خالداً مهما مر العُمر، وتبقى آثار فؤادك تلوحُ في الأُفُقِ، حتى يُكتب لك الخلود..
فهل تفكر أن تكون بطلاً يعيش لآلاف المرات، بسبب دعوة وكلمة وفعل، فإن رغبت ذلك، إذن اترك الأثر الطيب ليكتب لك الخلود. فتأكد أن أحدهم بحاجة لك ولها.