عثر علماء آثار على "المدينة المفقودة" في محافظة ذي قار العراقية، وهي المدينة التي كانت القلب النابض للإمبراطورية السومرية القديمة، أولى الحضارات في العالم، حيث يُقدر عمر هذه المدينة بـ4000 عام، وما وجده العلماء هو بقايا مستوطنة نشأت من رماد الإمبراطورية البابلية، وذلك كما نشرت صحيفة الـ"ديلي ميل" البريطانية.
بقايا معبد وميناء قديم بعمر 4000 سنة في العراق
وفي التفاصيل، بدأ فريق يانكوفسكي-دياكونوف من روسيا أبحاثه في منطقة تل الدحيله عام 2019، إلا أن العمل الميداني الفعلي بدأ في أبريل 2021، ويبدو أن الموقع يقدم دليلا ًعلى الاستخدام الزراعي المبكر للطمي في بلاد ما بين النهرين، قبل ظهور الحضارة السومرية، كما اكتشف فريق الباحثين بقايا جدار معبد يبلغ ارتفاعه حوالى سبعة أقدام وعرضه 13 قدماً، وميناءاً قديماً كانت ترسو فيه السفن النهرية والبحرية، إضافة إلى العديد من القطع الأثرية، بينها رأس سهم صدئ، آثار لمواقد وتماثيل جمال من الطين تعود إلى أوائل العصر الحديدي.
وقد صرح الباحث في معهد سانت بطرسبرغ للمخطوطات الشرقية ورئيس قسم التنقيب أليكسي يانكوفسكي-دياكونوف لصحيفة "Al-Monitor"، أن المدينة المكتشفة مستوطنة حضرية في تل الدحيلة، تقع على ضفاف مجرى مائي، كما توقع أن تكون المدينة عاصمة لدولة تأسست في أعقاب الانهيار السياسي في نهاية العصر البابلي القديم، في حوالي منتصف الألفية الثانية قبل الميلاد.
موضحاً أن البحث عن مدن جنوب بلاد ما بين النهرين في نهاية العصر البابلي القديم، وموقع تل الدحيله على وجه الخصوص، يكشف أسراراً مجهولة وغير معروفة في تاريخ أقدم حضارة على هذا كوكب الأرض، وبما أن الموقع لم يُمس طوال هذا الوقت، يتوقع يانكوفسكي-دياكونوف العثور على وثائق مسمارية "في سياق أثري هادئ".
فيما صرح غيث سالم، أستاذ التاريخ القديم في الجامعة المستنصرية، للصحيفة ذاتها، أن لهذا الاكتشاف أهمية قصوى لأنه يعرّف العالم بإحدى المدن السومرية المطلة على الموانئ، علماً بأن معظم المدن كانت تطل على البحر لكنها تحولت اليوم إلى صحراء شاسعة،
ويعد تل الدحيله موطنا لمئات المواقع المهمة تاريخيا، بما في ذلك زقورة أور الكبرى، وصمدت في وجه أعمال التخريب والنهب والتدمير المتعمد للمواقع القديمة في العراق التي بدأت في أوائل التسعينيات. وهو أيضا بالقرب من مدينة إريدو، حيث وفقا للأسطورة السومرية، بدأت الحياة كلها.
أما مدير الآثار في ذي قار، عامر عبد الرزاق، فقال للصحيفة المذكورة أن عمليات مسح الأراضي التي تعود إلى تاريخ السكن في الموقع، ترجع إلى العصر البابلي القديم، لكنها قد تكون أبعد من ذلك بالنظر إلى القطع الفخارية والتماثيل التي عثرت عليها البعثة الروسية.
مهد الحضارة
تعد العراق من البلدان ذات القيمة التاريخية الكبيرة، ليس في العالم العربي فقط، بل في العالم أجمع، وقد أُطلق عليها اسم "ميزوبوتاميا" قديماً من قبل الإغريق، "أي بلاد ما بين النهرين"، يشير هذا الاسم إلى كونها منطقة مسطحة من الأراضي ذات التربة المؤلفة من الغرين "الطين الرسوبي" الواقعة بين نهري دجلة والفرات؛ كما أطلق عليها اسم "مهد الحضارة"، ففيها تخلى الإنسان للمرة الأولى عن نمط الحياة القائم على الصيد وجمع الثمار، لتأسيس مجتمعاتٍ مستقرة تقوم على الزراعة، التي ازدهرت بحلول عام 6000 قبل الميلاد.
وفي العراق، اكتشف هيكل عظمي عمره 70 ألف عام لإنسان نياندرتال في كهف Shanidar بالعراق؛ حيث عُثر على البقايا الجزئية لعشرة أفراد نياندرتال خلال أعمال التنقيب في الخمسينيات والستينيات، ويتميز إنسان نياندرتال ببنيته القوية، قامته القصيرة، حاجبيه الكثيفين، واستوطن عدة مناطق في أوروبا لأكثر من 300 ألف سنة.