ارتبط عالم الرياضة في ذهن الطفل بالتدريب الشاق والعمل الجاد..حتى يتوج في النهاية بالبطولات والميداليات الذهبية أو الفضية أو البرونزية، والمفاجأة ما حدث بأولمبياد طوكيو هذا العام؛ فقد مزجت البطلة البولندية " ماريا اندريتشيك" بين البطولة الرياضية والعطاء والتضحية. "سيدتي نت" اختارت ان تشارككم حكاية البطلة التي تنازلت عن قيمة ميداليتها الفضية من اجل رضيع لم يبلغ عامه الأول بعد
بقلم: خيرية هنداوي
"ماريا اندريتشيك" بطلة بولندية عمرها 25 عاماً، حققت مجدها وحلم حياتها بحصولها على ميدالية فضية في لعبة الرمح، ضمن فعاليات أولمبياد طوكيو هذا العام،..لكنها لم تبق والميدالية بين يديها طويلاً!
فبعد أن سجلت ماريا اسمها في سجل البطولات الرياضية العالمية، أرادت أن تحفره من جديد بحروف من الحب والتضحية في تاريخ الإنسانية؛ قررت أن تتبرع بقيمة جائزتها إلى طفل رضيع -8 أشهر- يصارع الموت، بعد ان أصيب بمرض في القلب، يحتاج لآلاف من الدولارات ..385 ألف دولار لينجو بحياته، واستطاعت الأسرة تجميع نصف المبلغ خلال أسابيع، عبر جمع التبرعات من العامة على الإنترنت.
فماذا فعلت "حسناء الأولمبياد"؟ وهو اللقب الذي تداولته وسائل التواصل الاجتماعي لجمالها ومرونتها ..أثناء فترة الاولمبياد، وماذا وراء استغنائها بطيب خاطر عن ميدالية أولمبية انتظرتها لسنوات؟
دعوني أخبركم بالحكاية: قبل عدة سنوات مضت، وبعد عامين من حصول ماريا على المركز الرابع في أولمبياد رويو بالبرازيل عام 2016، أصيبت بسرطان في العظام..مرض قاس وصعب؛ ولكنها انتصرت عليه لتستقبل بعده عدة انتصارات.
لم يكن وحش المرض بعيداً عن مخيلتها..لقد أحست بخطورته وذاقت مرارته والمأساة التي يتركها في قلوب المحيطين..وأشد ما تكون قسوته ..حالة عدم القدرة على مداواته وعلاجه لضيق ذات اليد !
فما ان طرقت العائلة المحزونة باب البطلة الأولمبية طلباً للمساعدة؛ لإجراء جراحة حساسة وعاجلة بقلب صغيرهم، وأنهم يحتاجون لآلاف الدولارات لتغطية بقية تكاليف السفر والعلاج، وهنا أتى دور حسناء الأولمبياد في توفير النصف الثاني من المبلغ..ولم تتردد ماريا ولم تنتظر كثيراً..وكان يمكنها الاحتفاظ بالميدالية، رمز النضال والإيمان، وكم المحن التي قابلتها
عرضت "ماريا" ميداليتها الفضية في مزاد، لتصبح في النهاية من نصيب إحدى شركات متاجر الغذاء الكبرى ببولندا، ولكن ما حدث فاق الخيال والتوقعات؛ لقد أهدت الشركة مبلغاً كبيراً من المال لعائلة الطفل الرضيع، والمفاجأة الثانية..أنها أعادت الميدالية إلى ماريا وسلمتها لها مرة أخرى..ومن دون مقابل..تكريماً وإعزازاً بموقفها الإنساني
وقبل أيام من كتابتي لقصتها الجميلة..سافرت العائلة ورضيعها إلى كاليفورنيا لإجراء العملية بأحد المستشفيات هناك، وآن لماريا حسناء الاولمبياد أن تحتفظ بميداليتها، وتستمتع بنجاحها وتتفاخر بها؛ لتذكرها بموقفها الإنساني..كلما طلت عليها
- أي صفة يمكنك ان تطلقها على ماريا؟
- وأنت: هل يمكنك الاستغناء عن شيء ثمين.. تعتز به من اجل محتاج؟
- هل لديك موقف إنساني يمكنك ان تحكيه لنا؟
- ماذا يحدث لو كان هناك ألاف مثل "ماريا" في العالم؟