قصص للأطفال قبل النوم عادة جميلة تواظب عليها غالبية الأمهات بحب واهتمام، ويسعد بها الأبناء فرحين بقربهم من والدتهم، وحتى يكبر قلبهم بالمعاني الجميلة، وقصة " محمد ورحلة القطار الطويلة" تدفع طفلك للعطاء وتظهر قيمة المشاركة والعطف على الفقراء والمحتاجين، خاصة في المناسبات الدينية.
بقلم: خيرية هنداوي
محمد طفل مدلل ، له من العمر 10 سنوات، ابن وحيد وله 3 أخوات، الأم تغدق عليه بالحب والرعاية والحنان، ووالده لا يرفض له طلباً. وكل طلباته تجاب، يمتلك محمد في غرفته عشرات العربات، وقطارين كهربائيين وثالثاً يفضله محمد يمشي على العجل ويدفعه بيديه، إضافة إلى نماذج كثيرة من الرجال الخارقين، وأسلحتهم التي تصدر أصواتاً يسمعها سكان العمارة المجاورة...ولا تخلو غرفة لعبه أيضاً من الألعاب الإلكترونية والسماعات الكبيرة والسيديهات التي تحوي أفلاماً كرتونية.
حدث أن عاد محمد إلى البيت بعد شراء ملابس العيد مع والده، ولم ينس بطبيعة الحال شراء لعبة جديدة لترص على الرفوف، أو تلقى بجانب أخواتها على الأرض، وما أن دخل محمد غرفته إلا وخرج مسرعاً منها. وأخذ يسأل بلهفة وشغف شديد: القطار..قطاري الملون. لعبت به منذ أيام وتركته. ولا أعرف أين ذهب؟ هل شاهده أحد؟. الجواب: لم نشاهده.
لمح محمد بأحد أركان المنزل علبة ألوانه أقلامها مبعثرة هنا وهناك، تقدم منها وسأل اللون الأحمر: هل شاهدت قطاري؟ وكان الجواب: لم أشاهده.
بحث محمد في كل مكان ولم يجد القطار. قلد صوته لعله يسمعه ويأتي، دق على مكتبه نغمات القطار وهو يمضي، ولم يتلق جواباً.
أحست أم محمد بانشغال صغيرها المدلل محمد فسألته ضاحكة: ربما سافر القطار بإحدى رحلاته وسيعود بعد قليل! لم يبتسم محمد وظل على حاله حزيناً حيراناً. مشغول البال على قطاره المفضل الذي اختفى في ظروف غامضة.
ولما شعر محمد بالتعب دخل غرفته. ورقد على سريره، وسأل نفسه: ماذا فعلت؟ أين الخطأ؟ وأين ذهب قطاري؟ هل شعر بإهمالي له وسط لعبي الكثيرة؟ هل تركته بمكان وضاع مني؟ لماذا ابتعد عني القطار؟ أنا أحبه. ثم راح في نوم عميق.
وفي أحلامه اختلط وجه الطفل الصغير الذي كان يطل عليه ويتابعه من خلف زجاج دكان اللعب، بوجه زميله حسّان الذي يجلس خلفه بالصف الدراسي. وكثيراً ما تمتدحه المعلمة لشطارته وتطلب منا التصفيق له رغم بساطة هندامه، وحقيبة مدرسته التي لا يُغيرها، وزيه المدرسي البالي... هكذا كان محمد يحدث نفسه في الحلم.
وهنا استيقظ محمد مذعوراً وكأنه سمع صفير قطاره يناديه. معلناً عن وصوله من رحلته الطويلة، التي زار فيها مجموعة من الأطفال لا يمتلكون لعباً، أو قطارات؛ وجلس ولعب معهم كلاً على حدة، ولما انتهت رحلته عاد وعلا صفيره من جديد فرحاً واعتزازاً.
لم يرجع محمد إلى سريره. ولم يستكمل نومه، استيقظ وجمع في الحقيبة بعضاً من لعبه المكررة الكثيرة، وعدداً من أقلامه الملونة المبعثرة يميناً وشمالاً، وقطعاً من ملابسه وقمصانه، وذهب إلى والده ليهمس له بما يريد ويرغب: أيام قليلة ويأت العيد يا أبي، لماذا لا نذهب معاً لتوزيع هذه الهدايا؟ غياب القطار آلمني يا أبي وأنا أملك غيره، فماذا يفعل غيري؟!
والآن مارأيك صديقي وصديقتي في محمد؟
هل تحبين ما فعله محمد..وما الصفة التي تطلقينها عليه؟
هل أحسن محمد التصرف أم أنه تأخر في فعل الخير؟