لو لم يشعر الإنسان بالخوف منذ قديم الأزل لما استطاع أن يطور حياته لأنه حين شعر بالخوف من الحيوانات والوحوش المفترسة لجأ لتسلق الأشجار ونام فوقها ثم تدرج في محاولة حماية نفسه فنام في الكهوف وطور حياته بداخلها من أجل أن يواجه الخوف من المجهول، ومن أجل أن يحافظ على حياة أسرته التي كبرت وأصبح فيها الكثير من الأطفال.
لأن خوف الإنسان طبيعي فأول مصادر خوف الطفل حين يتجاوز العامين من عمره، ويصبح له غرفة منفردة هو الخوف من الظلام وعتمة الليل، ولذلك فقد التقت "سيدتي وطفلك" وفي حديث خاص بها بالمرشد التربوي عارف عبد الله حيث أشار إلى نصائح هامة لكي يتخلص طفلك من الخوف من الظلام ومتى يعرف معنى الخوف، وتدرج مخاوفه بشكل عام في مراحله العمرية المختلفة في الآتي:
مخاوف الأطفال حسب المراحل العمرية

- لاحظي أن طفلك في المرحلة العمرية من عمر 2-5 سنوات يخاف من الظلام والنوم وحيدًا ومن الأصوات العالية وكذلك من الظلال وأصوات الطقس في الخارج مثل صوت البرق والرعد والرياح.
- توقعي أن طفلك ما بين عمر5_7 سنوات يخاف ايضًا من الظلام ومن الأصوات العالية ومن الحشرات والحيوانات؛ ولذلك فمن الضروري أن تقرأي عليه في هذه المرحلة قصص تجعل الأطفال لا يخافون الوحوش لأنها في نظره على شكل الحيوانات، وكذلك فهو يخاف من الأطباء بشكل عام.
- اعلمي أن طفلك في المرحلة العمرية ما بين 8-11 سنة فهو يخاف أيضًا من الظلام مثله مثل الكبار أيضًا ويخاف من أشياء معنوية وليست حسية مثل خوفه من الفشل في المدرسة وخوفه من خسارة أصدقائه.
متى يبدأ الطفل الخوف من الظلام؟
- اعلمي أن خوف الطفل من الظلام وعتمة الليل أو أي مكان مظلم حتى لو كان الوقت نهارًا فهو خوف طبيعي، ويدل على أن الطفل ينمو ويتطور بشكل طبيعي، ويجب عليك أن تطمئني في حال صراخ وبكاء الطفل حين يصبح في مكان مظلم على أنه ينمو بشكل سليم؛ لأنه يكتسب مهارة التخيل فهو يتخيل أشياء في الظلام والتخيل بالنسبة للطفل هو أول طرق الإبداع والابتكار.
- توقعي أن يظهر خوف طفلك من الظلام في عمر ما بين 2_3 سنوات وحيث إنه قبل هذا العمر يكون لديه مخاوف مبهمة احيانا ويعد قلق الانفصال هو أحد مخاوفه وبعد ذلك ومع الفطام يبدأ الطفل في التخيل وكل تخيلاته تكون مخيفة، ويكون الظلام أحد أسباب التخيل وليس أحد أسباب الخوف ولا يكون لديه في هذا العمر القدرة على التفرقة بين ما هو حقيقي ويستحق أن يخاف منه في الظلام وما هو تخيلي، ولذلك يكون لديه شعور عام بالخوف من العتمة.
نصائح هامة لتقليل خوف الطفل من الظلام
عدم تهديد الطفل من أشياء خيالية مخيفة
- توقفي تمامًا عن استخدام أسلوب التهديد للطفل، بمعنى أن تقولي له لو لم تكمل تناول كل طبقك فسوف تأتي لك أمنا الغولة في المنام، أو أن هناك وحشا سوف يأتي ليأكل طبقك ويأكلك أثناء الليل، ولذلك فتهديد الطفل وربط الليل والظلام بأشياء مخيفة سوف يؤدي إلى خوف الطفل ليس من الليل ولكن من كل مكان مظلم، ولذلك نجد أن هناك أشخاصًا يكبرون ولديهم فوبيا الظلام ويصبحون مادة لسخرية الآخرين.
- راعي وراقبي كل ما يشاهده طفلك في التلفاز؛ لأن هناك بعض برامج الأطفال غير البناءة والتي تستخدم أسلوب القصص الخيالية في تخويف الطفل، وكذلك الأبطال الذين يتصدون للوحوش، فمن الطبيعي أن يتخيل الطفل هذه الوحوش أثناء نومه؛ لأن نوم الطفل هو الفترة التي يصبح فيها وحيدًا وبعيدًا عن أمه.
عدم حكاية قصص مرعبة للطفل قبل النوم

-
ابتعدي تمامًا عن رواية قصص ما قبل النوم، والتي تكون قصصًا مرعبة ومخيفة مثل قصص الساحرة الشريرة وغيرها من القصص التي تخيف الأطفال، وكل الحكايات التي ترتبط بالظلام خصوصًا، بل إن القصص التي تتحدث حتى عن أبطال وأشخاص طيبين يظهرون في الظلام يجب الابتعاد عن الحديث عنهم للطفل؛ لكي لا يشغل خياله بهم.
-
اختاري لطفلك القصص المناسبة لعمره، ولا تنسي أن هناك دراسات تؤكد: حكايات قبل النوم.. فوائدها للأطفال تفوق الخيال ولكن يجب أن تختاري المناسب منها بحيث تكون تربوية وبناءة وبعيدة عن التكرار، وتشجع الطفل أن يخلد إلى النوم مبكرًا لأنه ينتظر هذه الدقائق التي تجلسين بها إلى جواره وتبدأين في القراءة له.
عدم السخرية من مخاوف الطفل
- تقبلي بصدر رحب وباهتمام واضح حين يحدثك الطفل عن خوفه، واسأليه عن أسباب ومصدر الخوف، ولا يجب أن تسخري من خوفه خصوصًا أمام الآخرين، أو تستخفي وتسخري منه، فالخوف من الظلام هو شعور طبيعي يمر به الطفل الطبيعي، ولكن في حال أنك قمت بالسخرية من الطفل فسوف يشعر أنه إنسان غير طبيعي، وسوف يتوقف عن إخبارك عن أشياء أخرى تخيفه.
- أضيفي اضاءة خافتة في غرفة الطفل بحيث لا تكون غرفته مظلمة تمامًا كما يمكنك أن تضعي إلى جواره الإضاءة الجانبية التي يستطيع أن يتحكم الطفل بقوتها مثل أن تكون شديدة الإضاءة أو خافتة واتركي لطفلك حرية اختيار مدى إضاءتها، وسوف يكون بالتدريج قادرًا على تخفيفها بنفسه.
لعب "الغميضة مع الطفل"
- العبي مع طفلك وفي سن صغيرة جدا لعبة الغميضة "الاستغماية" وهذه لعبة تعليمية هامة وليست من باب التسلية لأن أسلوبها يعوّد الطفل على الظلام والنور، ويفهم الطفل بالتدريج أن الظلام سوف يأتي بعده النور وأنه يكون مؤقتًا كما أنه يعلم الطفل أن الأشياء قابلة للاختفاء وأنها تعود بعدما تختفي مثل وجه الأم الذي يحبه أكثر من أي شخص.
- حافظي على نظام البيت بحيث لا تنقلي طفلك من سريره في حال أنه استيقظ خائفًا ذات ليلة، بحيث تسمحين له بالنوم في غرفتك وبالتحديد بينك وبين الأب فهذا السلوك خاطئ ومرفوض تمامًا ويجب أن يبقى الطفل في سريره في حال شعوره بالخوف مع طمأنة الطفل والبقاء معه في غرفته بعض الوقت.
عدم تزيين غرفته بصور ومجسمات مرعبة

- اهتمي بعدم تزيين جدران غرفة طفلك بصور مرعبة ومخيفة؛ لأنها سوف تتسبب في إخافته خلال نومه ومع إظلام الغرفة، كما يجب ألا تضعي أي مجسمات في غرفته؛ لأنها تكون جميلة في النهار ومع وجود الإضاءة الواضحة ولكنها تتحول أشباحًا مخيفة وتطلق خيال الطفل ليتخيل أنها تتحرك مثلًا أثناء الليل ومع حلول الظلام من حوله.
- ضعي الأثاث ووزعيه بحيث لا يعكس ظلالًا مخيفة في غرفة الطفل؛ لأن إظلام الغرفة مع عدم توزيع الأثاث والإضاءة، يعني أن تحدث قطع الأثاث أو حتى ألعاب الأطفال التي تكون كبيرة الحجم مثل الدراجة والعربة الصغيرة ظلالًا على الجدران والنوافذ والستائر، مما يعني أن تحدث أيضًا خيالات مفزعة عند الطفل، خاصة أن الطفل لا يعرف أن ظل الأشياء يكون أكبر من حجمها الحقيقي، وأن الظلال تتغير في الظلام وتصبح لا تشبه صورتها الأصلية، مما يسمح له بإطلاق خياله نحو تخيلات مخيفة.
قد يهمك أيضًا: أعراض الخوف عند الأطفال
أ