لآلاف السنين ظلت الكثبان الرملية الجافة في صحراء النفود في شبه الجزيرة العربية مثيرة وهادئة بشكل غريب، لكن المنطقة لم تكن دائماً بهذا القدر من الجفاف.!
فقد اكتشف فريق من علماء الآثار مؤخراً حفريات حيوانات وأدوات حجرية في سلسلة من أحواض البحيرات القديمة في شبه الجزيرة العربية، وحسب دورية ناتشر Nature، تم اكتشاف خمس موجات مختلفة على الأقل من الهجرة عبر المنطقة على مدى 400000 سنة الماضية، حيث ترتبط كل موجة هجرة بظروف مناخية أكثر رطوبة مما هي عليه اليوم.
الأمطار الموسمية السبب في وجود خمس بحيرات قديمة مختلفة التواجد الزمني
وحسب الدراسة التي نشرتها دورية "Nature"، فالأمطار الموسمية كانت السبب في وجود سلسلة من خمسة قيعان بحيرات قديمة مختلفة التواجد الزمني، وكل واحدة تحتوي على أدوات حجرية مميزة، تم اكتشافها في موقع شمال المملكة العربية السعودية، يسمى "خال عميشان4"، وارتبطت هذه الأدوات بفترات ما قبل التاريخ، عندما كان المناخ أكثر رطوبة.
بالإضافة إلى ما أسفرت عنه عمليات التنقيب، من اكتشاف أحافير لفرس النهر والماشية البرية وحيوانات أخرى، فهذه المخلوقات قد هاجرت إلى المنطقة على طول البحيرات، والأراضي الخصبة والأنهار.
وحسب البروفيسور بيتراجليا، من معاهد ماكس بلانك للبيئة الكيميائية، وأحد المؤلفين المشاركين في الدراسة التي نشرت كذلك بموقع abc.net.au، تُظهر الاكتشافات أن الإنسان البدائي كان متواجداً في شبه الجزيرة العربية عندما كانت خضراء اللون.
دليل على حياة مائية ونباتات خضراء في شبه الجزيرة العربية قديماً
طبقاً للدراسة، فالمواقع التي كشفها الفريق الدولي قدمت دليلاً على حياة بشرية في شبه الجزيرة العربية، فالموقع المعروف "خال عميشان4" عبارة عن سلسلة من خمسة أحواض بحيرة قديمة مكدسة فوق بعضها البعض، والتي تشكلت في فترات زمنية مختلفة تعود إلى 400000 عام.
جوليان لويز، عالم الحفريات الفقارية في جامعة جريفيث، وأحد أعضاء فريق الباحثين، أكد وجود بقايا من الثدييات الكبيرة مثل الفيلة وأفراس النهر في كل من أحواض البحيرة، وهذا دليل على وجود حياة مائية ونباتات خضراء في المنطقة، وذلك حسب موقع abc.net.au.
اكتشف الفريق البحثي كذلك مجموعة مختلفة من الأدوات الحجرية التي تتوافق مع الحقبة التي كانت فيها شبه الجزيرة العربية بيئة طبيعية للنبات تغمرها المياه، حيث الأمطار الموسمية المتجمعة بشكل دوري حولت شمال شبه الجزيرة العربية إلى واحة مياه، مما أوجد فرصاً للبشر للتجول عبر منطقة "مفترق الطرق" هذه من شمال أفريقيا وحتى جنوب غرب آسيا، على أن تاريخ أقدم الأدوات الحجرية في شبه الجزيرة العربية يرجع إلى ما لا يقل عن 300 ألف سنة، والذي يعد أقدم دليل معروف على تواجد البشر في شبه الجزيرة العربية، فالأدوات المكتشفة هناك تبدو عموماً أشبه بالأدوات الأفريقية القديمة التي تشبه القطع الأثرية المكتشفة سابقاً في جنوب شبه الجزيرة العربية.
الجزيرة العربية مفترق طرق مهم في قصة الإنسان
حسب موقع abc.net.au، فإنه على الرغم من أن شبه الجزيرة العربية تشكل جسراً برياً بين إفريقيا وأوراسيا، حيث يؤكد البروفيسور بيتراجليا أن دور شبه الجزيرة العربية في قصة هجرة البشر الأوائل قد تم تجاهله إلى حد كبير حتى وقت قريب، حيث يعتقد العلماء بأن شبه الجزيرة العربية (المجهول العظيم)، من المحتمل أن تكون أرضية التقاء للبشر الأوائل المختلفين، والذين تفرقوا من أجزاء مختلفة من العالم القديم.