توصلت دراسة جديدة إلى أن جودة الهواء في مكاتب العمل قد يكون لها تأثير كبير على حدّة النشاط الذهني ومدى تركيز الأشخاص العاملين هناك.
ووجدت الدراسة التي نشرتها دورية Environmental Research Letters العلمية، شارك فيها 300 موظف مكتبي في ست دول، منها المملكة المتحدة، في مجالاتٍ مثل الهندسة والاستثمار العقاري والهندسة المعمارية والتكنولوجيا، أن مكاتب العمل التي تحوي تركيزات أعلى من الجسيمات الدقيقة في الهواء ومعدلات تهوية منخفضة، جاءت مرتبطة بمعدلات استجابة أبطأ للعاملين فيها وافتقار إلى الدقة في الاختبارات المعرفية عن نظرائهم.
وبحسب صحيفة The Times البريطانية، بحثت الدراسة في نوع التلوث الهوائي القائم على تركيز الجسيمات الدقيقة المعروفة باسم PM2.5، أو التي يبلغ قطرها 2.5 ميكرومتر، والتي بات معروفاً أن لها ضرراً خاصاً على الصحة العامة. كما بحثت في مستويات تركيز ثاني أكسيد الكربون، التي تزداد في الأماكن سيئة التهوية.
وأوضح الباحثون أنهم لاحظوا تراجعاً في الوظائف الإدراكية عند التركيزات العالية من جسيمات PM2.5 الدقيقة وغاز ثاني أكسيد الكربون والتي غالباً ما يُكتشف زيادتها داخل الأماكن ذات الصلة.
وقال خوسيه غييرمو لوران، قائد الفريق القائم على الدراسة، إن "الدراسة تضيف مزيداً من الأدلة على أن تلوث الهواء له تأثير مباشر على أدمغتنا. إذ تُظهر النتائج أن الزيادات في تركيز جسيمات PM2.5 كانت مرتبطة بتراجعٍ حاد في الوظائف الإدراكية".
وأضاف أن الدراسة أكدت أيضاً أن "معدلات التهوية المنخفضة في مكاتب العمل لها تأثير سلبي على الوظيفة الإدراكية. وتوضح الدراسة عموماً أن تلوث الهواء الداخلي في أماكن العمل له تأثير ملحوظ على الصحة والإنتاجية أكثر مما كنا ندرك من قبل".
كما وجدت الدراسة أن أوقات الاستجابة ودقتها في الاختبار المعتمد على الألوان تدهورت مع ارتفاع مستوى التركيز الخاص بجسيمات PM2.5 وغاز ثاني أكسيد الكربون. أما الاختبار الحسابي، فقد ارتبطت الزيادة في تركيز ثاني أكسيد الكربون باستجابة أبطأ لدى المشاركين في الاختبار، بخلاف جسيمات PM2.5.
وفي الاختبار الحسابي، طالت أوقات الإجابة بنحو 2 % لكل 500 جزء من المليون من الزيادة في مستويات ثاني أكسيد الكربون. أما اختبار الألوان، فقد أدى الارتفاع في تركيز جسيمات PM2.5 بمقدار 10 ميكروغرام لكل متر مكعب إلى تراجع دقة الإجابات بنسبة 2 %.
كانت دراسات سابقة خلصت إلى نتائج مماثلة في الأوساط الحسابية. وتتبعت إحدى الدراسات 2400 طالب في أثناء اختباراتهم بإحدى جامعات لندن، لتجد أن جودة الهواء في القاعة يوم الامتحان له تأثير يصل إلى درجة التأثير في الدرجات التي يحصلون عليها.