تُشكل جبال طويق التي يبلغ طولها نحو 800 كيلومتراً أحد أبرز المعالم الطوبوغرافية في الجزيرة العربية، وتسهل رؤيتها من الفضاء الخارجي، وقد قامت المستوطنات القديمة على جانبي هذه الجروف، وثمة دلائل على وجود نشاط بشري فيها يعود إلى ما قبل التاريخ، ويقع القسم الأوسط من هذه السلسلة الجبلية على بعد 50 كيلومتراً غربي الرياض، والتي تشكل الدرع العربي"عالية نجد"، فيما يقع القسم الثاني شرقي جروف جبال طويق ويطلق عليه "سافلة نجد"، فإلى الشرق من الخط الفاصل الذي ترسمه جبال السروات الشاهقة، يصل الارتفاع الأقصى للهضبة المائلة إلى نحو 1000 متر، ومن هنا تبدأ الصحراء المفتوحة بالانحدار صوب الشرق وتتخللها سلاسل من الجروف الحادة المواجهة للغرب، وأضخم هذه الجروف هي في جبال طويق، والتي يمكن رؤيتها من الفضاء الخارجي بوصفها واحدة من أبرز المعالم الطوبوغرافية للجزيرة العربية.
الرحالة وليم جيفورد بالغريف
من أوائل الرحالة الغربيين الذين ذكروا جبل طويق أحد المعالم الطوبوغرافية المميزة بالرياض، الرحالة وليم جيفورد بالغريف، وكان ذلك في القرن الثالث عشر الهجري، القرن التاسع عشر الميلادي، وتم ذكر جبال طويق في أثناء توجهه عام 1278هـ/1862م من الزلفي إلى الرياض، ولكي يصل إلى وجهته كان عليه أن يسلك قمم جبل طويق تارة، وفي بعض المناطق الأخرى كان يقطع الجبل عبر سفوح الجروف الصخرية الشاهقة للجبل.
لقد كتب الرحالة وليم جيفورد بالغريف وصفاً دقيقاً ومثيراً لمشاهداته، وشمل الوصف رؤيته لأهمية منطقة نجد القديمة التي كان يستكشفها قائلاً:"على بعد مسافة معينة باتجاه الشرق، ثمة خط طويل يحدد المزيد من مرتفعات طويق، ويحجب عن النظر الأرض المنخفضة في الأحساء، وشواطئ الخليج. من بين كل البلدان التي زرتها، وهي كثيرة نادراً ما عاينت منظراً طبيعياً يعادل هذا بجماله ومعناه التاريخي وغناه أمام العين وللفكر".
جبل العارض
وقد ذكر الجغرافي العربي ياقوت الحموي (574-626م)، سلسلة الجروف الجبلية لجبل طويق باسم العارض، ولاحقاً صار هذا الاسم يطلق على القسم المتمدد في منتصف هذه الجبال، بما فيه الجزء الواقع مباشرة غربي الرياض. وقد تشكلت هذه الجروف من الصخر الرملي ضمن صخور العصر الجوارسي في الجزيرة العربية، وهي تشبه العمود الفقري بارتفاعها من شمالي الزلفي وتقوسها باتجاه الجنوب، وحتى اختفائها في كثبان المندفن في الربع الخالي قرب الموقع القديم لقرية الفاو الأثرية.
بلدات على حواف طويق
قامت عشرات البلدات شرقي حواف جبل طويق وعلى ضفاف الوديان ومجاري المياه المحفورة في الصخور الرسوبية لتستفيد من هذه الوديان وروافدها المنحدرة باتجاه الشرق، ومن أهم هذه الوديان، وادي حنيفة الذي ينحدر في اتجاه الجنوب الشرقي لمسافة 120 كيلومتراً قبل أن تتلاشى معالمه في الرمال على مشارف الربع الخالي. ويبلغ حوض هذا المجرى المائي العظيم مع روافده العديدة أكثر من 4500 كيلو متراً مربعاً، إذ يغطي معظم المنطقة التاريخية المعروف باسم اليمامة في شرق نجد، وقد أدى تاريخياً إلى نشوء الرياض والمجتمعات المجاورة وعزز تطورها.
رؤوس مرجانية
تنتشر العديد من الرؤوس المرجانية داخل تكوينات جبل طويق وتتداخل مع الصخور الرسوبية، والتي يقع بعضها غربي الرياض إذ تشكل شعاباً يبلغ قطرها 50 متراً وارتفاعها يصل إلى 10 أمتار، وتنتصب شاهدة على تاريخ يعود إلى 500 مليون سنة، حين كانت المنطقة مغمورة بالمياه في تلك العصور القديمة جداً، وهي الفترة التي شُّكلت فيها الترسبات الطبقة الحاوية على حقول النفط الغزيرة بالسعودية.