العالم في عيون الأطفال ملون، وقليل من الأطفال يكرهون الرسم. عند رؤية ضربات الأطفال العشوائية عندما تلمس أناملهم الصغيرة الفرشاة، أو مشاهدة أيديهم الصغيرة مخضبة بالصبغات الملونة ليطبعوا بها على الحوائط والسجاد، أو لوحات القماش والكرتون، أو حتى ليلونوا بها وجوههم أو ملابسهم، أو عندما يسكبون كتل الألوان من أنابيبها لتملأ فضاءات المكان والزمان وسط ضحكات وقفشات وشقلبات تخرج رسومات عفوية مذهلة بتفاصيل فنية كرنفالية تحتفي بالبراءة والطبيعة والدهشة..
خربشات فوق الجدران
ولكن كم أم تترك أبناءها لفطرتهم يلوكون الفن من خلالها، تتخطفهم أحلامهم الصغيرة وبراءتهم الكبيرة لتشهدها حوائط المنزل وجدرانه، وفضاءاته الزمنية والمكانية بدون صراخ وتذمر.. تتركهم فقط يعبثون بالفن وتترك الفن ينطلق صاخبًا في كل مكان متمرداً بلا هوادة متحرراً من كل التقاليد، يزين بفوضوية ويلون بعشوائية ويجمل أو يشوه بفطرية لا متناهية..
• تعلم الرسم مثل الأطفال يستغرق عمراً طويلاً
أم مبدعة
"استغرق الأمر مني 4 سنوات لأتعلم الرسم مثل رافائيل، لكن تعلم الرسم مثل الأطفال يستغرق عمراً طويلاً"، هذا الاقتباس لبيكاسو هو الجملة المفضلة لروث أوسترمان. وروث أم مبدعة تعيش بكندا، لم تكن تمارس الفن باحترافية، حتى أنجبت ابنتها الكبرى إيف، والتي كانت كلما أمسكت قلماً وخطت به خطوطاً وأشكالاً عشوائية، تجد خيالها يسرح بعيداً وتتخيل هذه الخطوط وهي تتحول لكائنات أسطورية وأخرى كرتونية وحيوانات وتكوينات نباتية وطبيعية غاية بالإبداع والبهجة.
• حكاية الملهمة الصغيرة
استطاعت روث أن تعلم نفسها بنفسها كيف تحول الخطوط والشخابيط العشوائية الفوضوية المشبعة بالخيال والانطلاق الطفولي للوحات فنية محكمة مبتكرة عبر الألوان المائية (الأكواريل)، واستطاعت كأم عاشقة لبراءة أطفالها وفطرتهم الفنية التي ألهمتها لتكون فنانة تشكيلية محترفة، أن تحول خطوطهم الطفولية الحرة وشخبطاتهم العشوائية البريئة ولخابيطهم اللونية الفوضوية للوحات مبدعة تفيض عفوية وعذوبة.. وعبر موقع Bored Panda، تحكي روث حكايتها مع أطفالها والتي بدأت منذ سنوات عقب ولادة "إيف"
"ابنتي هي ملهمتي"... فعندما كانت ايف بشهورها الأولى، كانت روث تربطها بصدرها، وكانت روث في بداياتها الأولى مع الرسم والألوان واللوحات.
فوجئت الأم أن ابنتها بدأت ترسم معها باستخدام أقلام التلوين "الفلوماستر"، لفت انتباه روث رسمة على أحد جدران الغرفة لابنتها الصغيرة رأت فيها شخصين يقفان على الشاطئ، ومن هنا جاءت بداية التعاون بين إيف ووالدتها، استخدمت روث الألوان المائية لمعالجة رسومات ابنتها وصنعت أول لوحة تعاونية لهما بعنوان "السفينة الحمراء".
• اعطتني زوجاً من العيون لأرى العالم
تؤكد روث أن أهم ما تسعى للحفاظ عليه هو المشاعر البصرية التي ترسمها إيف أو تخطها حيث تدع الخيال وحس اللعب يتجذران في اللوحة، فتحاول قدر الإمكان الاحتفاظ بالأشكال والخطوط الأصلية العفوية التي تخطها الأنامل الصغيرة لابنتها.
تؤكد روث عبر موقع Bored Panda أن ابنتها اعطتها زوجاً من العيون السحرية لترى بهما العالم بطريقة مختلفة فلم تسع روث أبداً لإيقاف ابنتها أو تقنين شطحاتها الفنية كل ما فعلته أن تركتها مع الألوان والأوراق.. وهو ما فعلته كذلك بابنها وطفلتها الصغيرة التي رزقت بها منذ شهور قليلة وبدأت تأخذ نفس المنحى.. وكان الدرس الأول.."الأقلام فقط للتلوين وليس للأكل...!"
عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الإجتماعي فيس بوك تؤكد الفنانة الكندية المقيمة في تورونتو أن "عالم الطفل ليس له قواعد، فقط حرية غير محدودة لاستكشاف إمكانيات الإبداع والمغامرة، وعلى الرغم من أن الأطفال بحاجة إلى أن يطلبوا من الكبار الكثير من الإرشادات، فمن المهم جدًا بالنسبة للكبار أن يأخذوا وقتًا بعيدًا عن حياتهم المزدحمة ليجلسوا ويستمعوا إليهم، بغض النظر عن مدى غرابة الأسئلة التي يطرحونها. "
جذبت لوحات إيف ووالدتها الكثيرين عبر الإنترنت، بعد أن تم وضع أعمالهم على Etsy، كما قامت روث بتأليف سلسلة من الكتب بعنوان "التعاون مع طفلي الصغير " وحقق مبيعات كبيرة... وتبيع روث لوحاتها بمبالغ تتراوح بين 28 دولار اً و39 دولاراً وتذهب جميع العائدات إلى دعم تعليم إيف وأخواتها.
• نصيحة للآباء والامهات
تنصح روث الآباء عبر صفحتها الرسمية على فيس بوك " توقف عن رمي رسومات طفلك بالمنزل،لا تتجاهل كل مشكلة لديه، حاول أن تتغير، واجعل نفسك طالبًا، واجعل طفلك مدرسًا. دعه يساعدك على تذكر متعة الركض بحرية عبر الألوان..!"
فيديو لشخابيط الصغار التي تحولها الفنانة للوحات جميلة من انستجرام الفنانة: