تقع محافظة الوجه السعودية على بعد 325 كيلومتراً جنوب مدينة تبوك، على هضبة مرتفعة على البحر الأحمر شمال غربي شبه الجزيرة العربية، وتعد أرضاً لحضارات بقيت آثارها بارزة على جبالها منذ آلاف سنين وحتى وقتنا الحالي، وهي إحدى مناطق الجذب السياحي في السعودية، إذ يقع فيها مشروع البحر الأحمر الذي أطلقه الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي.
سبب تسميتها بالوجه
وردت الوجه في قواميس اللغة العربية ومعاجمها بمعنى القليل من الماء وتنطق بسكون الجيم وبتحريكها، والوجه تأتي بمعنى الماء العذب الصيب وتأتي بمعنى منهل الوادي ومكان وجود المياه فيه، وما يؤكد هذا القول هو وجود الماء على سطح الأرض عند مكان يسمى قلعة الزريب، وكان هذا المنهل إحدى المحطات الرئيسة على طريق الحج في العصر العباسي والفاطمي.
وقد مرَّ بـ "الوجه" عديد من الرحالة المسلمين الذين ذكروها في كتبهم ومنهم من يسميها بـ "الوش أو الوشن" كالتاموري المغربي،وذكرها في عديد من كتب الرحالة المستشرقين، ومنهم "جون لويس بوركهارت" ، كما جعل لها لورنس العرب دوراً مهماً في أحداث الحرب العالمية الأولى.
وبفضل موقعها المتميز ازدهرت الحياة قديماً في "الوجه" أكثر من غيرها، حيث كانت ممراً مهماً لطريق "الحرير" الذي كان يسير عبر موانئ البحر الأحمر، كما وانطلقت فيها الحياة التجارية والحركة الاقتصادية مبكراً، فقد انفردت "الوجه" حينها بطابع اقتصادي متنوع شمل إنتاج نوع من السمن يستخرج من حبيبات شجر "اليُسْر" الذي لا ينبت إلا في الجبال.
واتصل سكانها اتصالاً مباشراً بالعالم الخارجي، بسبب سهولة مواصلاتها البحرية إليها، ناهيك عن اشتهار سكان حاضرة وبادية الوجه بالتجارة والتصنيع خصوصاً صناعة السفن والفحم، وتصديره إلى خارج الجزيرة العربية.
مكانتها التاريخية العريقة
تحتضن محافظة "الوجه" إرثاً تاريخياً عريقاً، حيث كانت من الممرات الرئيسة القديمة للحجاج المقبلين للجزيرة العربية براً وبحراً، ومرت بها أعظم الحضارات البشرية مخلفة النقوش والرسوم الأثرية لتحكي قصص كانت تستوطنها كحضارة "الأنباط" بالعلا ، كما تحتوي على بعض القبور الأثرية التي تقع على قمم الجبال والقلاع الأثرية، بالإضافة إلى مجموعة من الأشكال الهندسية المنتشرة في عدة مواقع، والنقوش الإغريقية التي تحوي إشارات لم تفك رموزها إلى الآن، .
كما تضم الوجه مساجد أثرية عدة يعود عمر أقدمها إلى ما يقارب الـ250 سنة.
ومن أهم القلاع التاريخية : قلعة "الزريب"، التي تم إنشاؤها سنة 1026هـ في عهد السلطان االعثماني أحمد الأول لتكون حصناً لحماية قوافل الحجاج والمواد التي يخزنوها كمؤونة أثناء عودتهم من الأراضي المقدسة.
وشهد السوق القديم في الوجه حركة تجارية ضخمة أثناء حكمي المملوكي والعثماني.
وسمى الميناء الروماني حالياً بالقصير ،وهو عبارة عن بقايا معبد هلنستي الطراز بني من الحجر المرو.
أول مدرسة ابتدائية في السعودية
ظهر التعليم في الوجه في البداية على نظام الكتاتيب، وأول مدرسة ابتدائية أنشئت عام 1333هـ في "الوجه" كانت تسمى المدرسة الخيرية في أول تأسيسها ومن ثم المدرسة الأميرية عام 1344هـ،وبعد توحيد السعودية سميت بالمدرسة السعودية وما زالت تعرف بهذا الاسم إلى يومنا هذا.
أول محطة تحلية مياه في السعودية
تم إنشاء أول محطة تحلية مياه في السعودية في الوجه بطاقة إنتاجية قدرها 228 متراً مكعباً يومياً.
السياحة في الوجه
تُعَدّ محافظة "الوجه" أهم محافظات تبوك الساحلية، لما تتمتع به من مقومات جعلتها مقصداً للباحثين عن جمال الطبيعة من مختلف مناطق السعودية، كما يشهد لها بأنها بعيدة عن مصادر التلوث البحري، وتعرف بجودة مراعيها ذات الشعب المرجانية التي تجعلها صالحة للاستثمارات البحرية.
البلدة القديمة
وتشتهر "الوجه" ببلدتها القديمة المبنية على النمط الحجازي، حيث تشبه إلى حد ما مدينة جدة التاريخية، وتلفت مساجد المدينة النظر بتصاميمها الحجرية المميزة، في حين تعتبر حرفة صيد الأسماك الحرفة الرئيسة لسكان المدينة.
شواطىء الوجه
وتتميز مدينة الوجه الساحلية بشواطئها الخلابة النقيّة الممتدة شمالاً وجنوباً إضافة إلى كثرة المرافق الطبيعية والشروم والخلجان.
وتحيط بالمحافظة جزرها الشهيرة، وهي: "جزيزة ريخة، وجزيرة الشيخ ، وتمتاز بنمو النباتات الطبيعية وكثرة الطيور البحرية، وجزيرة أم رومة.
ومن أهمها شاطئ زاعم، وشاطئ الدميغة، وشاطئ حواز، وشاطئ المسدود، وشاطئ منيبرة، وشاطئ الرصيفة".
كما تشتهر الوجه إلى جانب طبيعتها البحرية بمتنزهاتها البرية والأودية، مثل وادي حرامل الغني بنبتة الأراك ووادي الزريب.
ميناء الوجه
ويعد الميناء من أكثر أجزاء البحر الأحمر صفاءً وجمالاً، ما يجعلها عامل جذب سياحي لهواة الغطس واكتشاف الأعماق بما تضمه من الكنوز الطبيعية والشعاب المرجانية والمخلوقات البحرية التي تعيش فيه ضمن إطارها البحري والبيئي البكر.كما أنها تعد مقصداً لهواة صيد الأسماك ولاسيما جراد البحر "الأستاكوزا" الذي تتميز به محافظة الوجه عن غيرها.
مشروع البحر الأحمر الأكبر في العالم
حيث تضم محافظة الوجه أكبر مشروع في العالم "مشروع البحر الأحمر"، ويشتمل المشروع على منتجعات سياحية استثنائية في أكثر من 50 جزيرة طبيعية بين مدينتَي أملج والوجه، وذلك على بُعد مسافات قليلة من إحدى المحميات الطبيعية في السعودية والبراكين الخاملة في منطقة حرة الرهاة، وسيشكل المشروع وجهة ساحلية رائدة، تتربع على عدد من الجزر البكر في البحر الأحمر.
وسيتم الانتهاء من المرحلة الأولى في الربع الأخير من عام 2022م، إذ ستشهد هذه المرحلة تطوير المطار، والميناء، وتطوير الفنادق والمساكن الفخمة، والانتهاء من المرافق والبنية التحتية، وخدمات النقل مثل القوارب، والطائرات المائية، وغيرها.