جبل التوباد : الشاهد على جنون قيس بن الملوح

تخلد الأماكن الأثرية الحكايا وقصص الحب والأساطير على مر الأجيال والعصور، كأسطورة العشق التاريخية قيس وليلى، التي شهدتها مدينة "ليلى" بالمملكة العربية السعودية.وجاءت تسمية مدينة "ليلى" نسبةً إلى ليلى العامرية، كما ذكرت في إحدى قصص العشق الشهيرة في التاريخ العربي، وبحسب ما أكده عدد من المؤرخين.

والتي تسمى الآن مدينة الأفلاج، وتقع بالجنوب الغربي من العاصمة الرياض، وتبعد بمسافة ٣٥٠ كم. تحديداً بالقرب من قرية الغيل، وتشتهر بالعيون ومزارع النخيل، وباحتضانها لإرث تاريخي عظيم، ومنها جبل التوباد الذي شهد قصة حب ليلى العامرية وقيس بن الملوح.

قصة العشق:

جرت أحداث قصة عشق قيس وليلى في بداية القرن الأول الهجري، بين عامي ٢٤ و٦٨ للهجرة؛ أي بين ٦٤٥ و ٦٨٨ للميلاد، في زمن حُكم مروان بن الحكم وعبدالملك بن مروان في العصر الأموي. ولُقب قيس بن الملوح بـ"مجنون ليلى"؛ لحبه وهيامه بليلى، فنشآ معاً، وعندما كبرا؛ تقدم قيس لطلب الزواج منها، ولكن أهلها رفضوا أن يزوجوه منها، وقاموا بتزويجها لـ"ورد الثقفي"، ورحلا معاً للطائف، وهام بعدها قيس البرية؛ ينشد الأشعار، متنقلاً بين نجد والشام والحجاز، حتى جُنّ.

صور قيس بن الملوح، أو كما يكنّى بـ"مجنون ليلى"، بالحب العظيم الذي يحمله تجاهها بتقبيله ديارها..

أمر على الديار ديار ليلى.. أقبل ذا الجدار وذا الجدارا

وما حب الديار شغفن قلبي.. ولكن حب من سكن الديارا

جبل التوباد

 

شهد هذا الجبل المتدرج، سهل الصعود، الذي يرتفع نحو 20 متراً من باطن الوادي، ويمتد طوله قرابة 100 متر، قصة حب قيس وابنة عمه ليلى العامرية، وفي الجبل غار يقال إن قيساً "مجنون ليلى" كان يرتاده، فسُمي بغار (قيس وليلى)..

ومن الأبيات التي أنشدها قسي بعد فراقها، وزواج ليلى من ورد الثقفي، هذه الأبيات:

وأجهشت للتوباد حين رأيته... وهلل للرحمن حين رآني

وأذريتُ دمع العين لما رأيته... ونادى بأعلى صوته ودعاني

فقلت له أين الذين عهدتهم... حواليك في خصب وطيب زمان

أمير الشعراء

وكتب أمير الشعراء أحمد شوقي جبل "التوباد"، بأبيات شعرية:

جبل التوباد حياك الحيا.. وسقى الله صبانا ورعى..

فيك ناغينا الهوى في مهده.. ورضعناه فكنت المرضعا

التوباد وجهة سياحية

خلّد قيس ابن الملوح جبل التوباد، حتى بات ملتقى للعاشقين بغار يحمل اسم "غار قيس"، ودوّن العشاق الجدد والزوار أسماءهم على جدرانه.

حيث يحظى جبل التوباد بشهرة، وبات معلماً لقرية الغيل بمحافظة الأفلاج، وبات وجهة سياحية تاريخية مميزة، وتخليداً لذكريات لا يُبليها الزمان، استوحى منها الشعراء قصائد رائعة.

وهو ما دفع عدداً من الأدباء والمهتمين بالأدب العربي بإعادة تهيئة المكان؛ ليصبح أهم الموارد الرئيسية للسياحة الثقافية بالأفلاج.