تضم المملكة العربية السعودية العديد من الأبنية العمرانية التاريخية ذات التراث العريق، لا سيّما تلك التي تعكس التراث الإسلامي في مختلف المناطق مثل: المدينة المنورة ومكة المكرمة حيث المساجد الأثرية. فنجدها تحفل بالأبنية التراثية القديمة ذات الأحواش والأفنية والرواشين، التي تمزج بين البساطة والفن المعماري الذي تركته الحضارات القديمة التي استوطنت فيها قبل وبعد الدولة الإسلامية. لذا فإن البيوت السكنية القديمة في السعودية تحمل بصمات الحضارة العربية الإسلامية وتراثها الغني.
1000 موقع مسجل في التراث العمراني
ولأن السعودية تزخر بالكثير من مواقع التراث العمراني، فقد قام مركز التراث العمراني بحصر وتسجيل لأكثر من 1000 موقع في سجل التراث العمراني من بينها قرابة 800 موقع قابلة لاستثمار في الوقت الراهن، وفقًا للهيئة العامة لسياحة والتراث الوطني.
نماذج التراث العمراني بالسعودية
- مسجد قباء المدينة المنورة
يقع مسجد قباء جنوب غرب المدينة المنورة على بعد بضع كيلومترات من المسجد النبوي. كان شكل المسجد بسيطاً وبدائياً لحظة بنائه فجر قيام الدولة الإسلامية في المدينة المنورة، وتم تجديده في عهد الخليفة عثمان بن عفان إذ تمّت توسعته واستبدلت أغصان النخيل فيه بالحجر وفقاً لوكالة الأنباء السعودية واس. ومن ثمّ طرأ عليه تغيير في عهد الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز إذ أقيمت مئذنته إلى جانب الرواق. تلا ذلك إضافات على طراز المسجد المعماري ليواكب الازدهار العمراني في أوج الحضارة العربية الإسلامية، فتم إدماج عدد من القباب وأنشئت له أروقة في وسطها فناء واسع إضافة إلى محراب ومنبر من الرخام. يمتاز المسجد بآثار لا تزال قائمة إلى الآن مثل الحجر المنقوش بالخط الكوفي القديم الذي يعود لعام 435 هجري. وفي العقود الأخيرة تمّت إعادة بناء مسجد قباء ومضاعفة مساحته مع استبقاء التراث المعماري القديم له.
- قصر المصمك
بُني قصر المصمك في عهد محمد بن عبدالله بن علي الرشيد، ويقع في الجزء الشمالي الشرقي من الرياض قرب السور القديم. تم تشييد المصمك كحصن حربي وشهد معركة فتح الرياض التي استعاد فيها الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود مدينة الرياض واستخدم فيما بعد كمستودع للذخيرة والأسلحة إلى أن تحول إلى معلم أثري. يتألف الحصن من أبراج مخروطية مستديرة وجدران سميكة من الطوب الطيني، كما تشكّل نوافذه بحد ذاتها معلماً فريداً إذ تتخذ شكل الثوب الصغيرة مثلثة التهوية، ومن أبرز سماته البوابة الواقعة على الجدار الغربي والمكونة من جذوع النخل والأثل.
- بيت نصيف
يعود تاريخ بناء "بيت نصيف" إلى أكثر من 150 عام، ويُجسد شكل البناء الخارجي للبيت عمارة جدة التاريخية العريقة. استغرق بناء البيت حوالي سبع سنوات وكانت تعود ملكيته لعُمر أفندي، نصير أحد أعيان جدة وتجارها المشهورين. بُنيت رواشين البيت من الخشب المستورد من الهند وإندونيسيا، كما أستخدم في بناءه حجر خاص يحفظ البرودة داخل المنزل.
وشيد البيت على مساحة تبلغ 90 متر مربع ويتألف من أربعة طوابق ويتضمن أكثر من 40 غرفة. وقد خصص الدور الأول والثاني للضيوف أما الثالث فهو لأسرة نصيف، وقد صمم الدور الأخير بنوافذ تسمح بمرور النسيم خلال فترة الصيف.
جدد البيت مرات عدة وانتقلت ملكيته إلى الدولة وتحول إلى متحف ومقر يستضيف المعارض والفعاليات الثقافية. ويعرف البيت حتى اليوم بشجرته الضخمة وهي شجرة زرعتها أسرة نصيف وظلت صامدة منذ تاريخ انشاء البيت وحتى اليوم.
- قصر البديعة
بُني قصر البديعة بأمر من الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود عام 1935هجري، ويقع على مجرى وادي حنيفة من الجانب الغربي. واتخذ منه الملك المؤسس مقراً للسكن واستضافة كبار الزوّار والشخصيات المرموقة في الدولة للاجتماعات الخاصة، إذ يتميّز بطرازه المعماري الجميل وتتوسطه أشجار النخيل الشامخة. يتبع الطراز المعماري لقصر البديعة ما كان سائداً في زمن بنائه، حيث كان التخطيط العمراني يتم على الأرض مباشرة دون مخططات ورقية، حيث يباشر البنّاء والمشرف على البناء بوضع خطوط تفصيلية بأقدامه على الأرض مستعيناً ببعض الحبال الليفية أو الصوفية وبذلك يمكن للمشرف مراقبة استقامة أساسات المبنى وتوازنها وحجم الغرف والساحات، بعد إقرار التخطيط المباشر على الأرض يبدأ البناء بحفر الأساسات.
وكُسيت جميع جدران غرف القصر ووحداته من الداخل والخارج بطوب طيني، وهو ما يعرف محليًا بـ"المشاش". مغطاة بطبقة أخرى رقيقة من الجص الأبيض، خاصة داخل المجالس وغرف القصر الرئيسية والمسجد والأعمدة والشرفات.