علَّم الإنسان ما لم يعلم

الدكتورة مايا الهواري

يعدُّ علمُ الذكاءِ العاطفي علماً يختصُّ بقيادةِ الذَّاتِ وتطويرِ المهارات، وقد خلقَ اللهُ الإنسانَ، وسخَّر له ما في الوجودِ لخدمته، وعلَّمه ما لم يعلم، فالحياةُ في تطوُّرٍ دائمٍ، مثل الأبحاثِ العلمية، والتطوُّر التكنولوجي والطبي الذي يرفدنا دائماً بكلِّ جديدٍ، وعلى الإنسانِ أن يكونَ واعياً للتغيير، وليس أي تغييرٍ، إنَّما التغييرُ الإيجابي الفاعلُ المثمرُ.

إنَّ الإنسانَ عبارةٌ عن جسدٍ وروحٍ، فالروحُ هي الأنا التي اشتُقَّت منها الأنانيةُ، التي ينبغي تحسينها كيلا تكون في الاتجاه السلبي، بل تتحوَّلُ إلى أنا إيجابية، فلا يقومُ الإنسانُ بفرزِ إيجابياته وسلبياته، من ثمَّ يبدأ بتعدادِ السلبياتِ، فيكره نفسه، ويكره مواجهة عيوبها، ظناً منه أنه الوحيدُ الذي يعاني من وجودِ تلك السلبياتِ لديه! ونراه يجهلُ أنَّ الإنسانَ مليءٌ بمثل تلك الصفات، إنَّما عليه القيامُ بمعرفةِ إيجابياته وصفاته الحسنةِ الجيدة، بالتالي تكون دافعاً لتحسينِ ما يحمله من سلبياتٍ، والعملِ على مواجهة الذَّاتِ بشكلٍ صحيحٍ وسليمٍ، وهو ما يتعاملُ معه علم الذكاء العاطفي على الشكل التالي:

التعرُّفُ على الإيجابيات ومناطق التحسين: ويكونُ ذلك من خلال الموازنةِ بين ما تحمله النفسُ البشرية من عيوبٍ وجمالٍ، وتعزيزِ نقاطِ القوة، والسعي إلى الحصولِ على شخصٍ أفضل من شخصِ الأمس، مع عدم إهمالِ مناطق التحسين، التي أُطلِقَ عليه "السلبيات"، والعمل على تغييرها للأفضل.

السيطرةُ والتحكُّم بالإيجابيات ومناطق التحسُّن: فالإيجابياتُ يجب تعزيزها، مع الابتعادِ عن فكرة الحسدِ والبغضِ التي تعشعشُ في عقول بعضهم بأنَّ تكلُّم الشخصِ عن إيجابياته سيجلبُ له الحسدَ والكره من قِبل الآخرين! وهذه الأفكارُ، هي أفكارٌ مغلوطةٌ، وَجُب تصحيحها، والتركيزُ على الصفاتِ الحسنة والإيجابيات، والابتعادُ عن الأنا المتكبِّرة، والتحلِّي بالأنا المتواضعة التي تجلبُ حبَّ الناس، فمَن تواضع لله رفعه.

الحماس: إذ يقودُ الحماسُ للاندفاعِ نحو الحياةِ، والاستيقاظِ باكراً بكل حيويةٍ ونشاطٍ، لتحقيق الهدفِ المنشود الذي يسعى إليه، زارعاً بصمتُه في الحياة. كلُّ إنسانٍ مهما كانت مهمَّته في الحياةِ، له بصمةٌ رائعةٌ، فالأمُّ في منزلها لها بصمتها الخاصَّة في تربيةِ أبنائها، ورعاية منزلها، فهي نواةُ الأسرة، وتشكِّلُ نصفَ المجتمع، بل هي المجتمعُ بأكمله، إذ تُخرِج جيلاً رائعاً للعمل وتطوير المجتمع.

الاهتمام بالذَّات: وهذا الاهتمامُ لا يكون بداعي الأنانية، إنَّما بغية تطويرِ الذَّاتِ وتحسينها.

الاهتمام بالمجتمع: فالمجتمع دون أفراده لا يسمَّى مجتمعاً، إذ يتمُّ تعميره وتطويره بجهودِ أبنائه، وسعيهم إلى ازدهاره ورقيِّه، والابتعاد عن الحقدِ والكراهيةِ والحسد، لأنَّ ذلك يؤدّي دائماً إلى دمار المجتمعِ وانهياره.

إنَّ سرَّ وجودِ الإنسانِ على هذه الأرض، هو الاهتمامُ بنفسه بطريقةٍ سويَّةٍ حتى يقدِّمَ رسالته للكون بطريقةٍ صحيحةٍ، بالتالي يعيشُ حياةً متكاملةً ذات جودةٍ عالية.