بدأت القصة في عام 1948 تحديدًا فترة نزوح الفلسطينيين، عندما اضُطرت الجدة الفلسطينية «جهاد بطو»، صاحبة الـ12 عامًا وقتها لترك المدرسة مثلها مثل باقي الأطفال حينها، وتعد تلك المرة هي الأخيرة التي استطاعت «جهاد» أن تنتظم في التعليم وأن يكون لها مقعدًا داخل الصف الدراسي بالمدرسة.
وبعد مرور عشرات السنين من تركها التعليم النظامي، لم تفقد تلك الجدة الفلسطينية شغفها اتجاه التعليم، لذا عاودت الدراسة وتخرجت الحاجة جهاد، أو كما ينادونها «أم سهيل»، في الجامعة وحصلت على درجة علمية جامعية من كلية العلوم الشرعية في كفر برا، يُذكر أنها التحقت بتلك الجامعة في عام 2018، وذلك وفقًا لوكالة رويترز للأنباء.
استطاعت الجدة «جهاد» أن تواصل شغفها بالتعليم في عمر الـ81 عامًا، وذلك بعدما مرت برحلة طويلة تاركة خلفها سنوات التعليم بسبب نزوح الفلسطينيين وأنجبت خلال تلك الرحلة سبعة أبناء، لتتخرج في كلية العلوم الشرعية بعد حصولها على درجة جامعية، مرتدية الثوب وقبعة التخرج لعام2021.
وقد عبرت الجدة جهاد عن فرحتها بهذا الحدث الهام في حياتها، وقالت «واجتني فرصة إني أتعلم، كل ما أجي أسمع يعني وين فيه تعليم أروح أتعلم. هسا لما رحت على كفر برا آخر مرة كل اللي بيعرفوني أني بحب العلم ودايماً بقرا كتب جانبية يعني مش كتب منهجية، قالوا لي فيه عندك تعليم كذا كذا في كفر برا بتحبي تتعلمي قلت وين ما كان بحب أتعلم سجلوني صاحباتي هن اثنتين صاحباتي سجلوني ورحت أتعلم».
وبدأت رحلة الجدة جهاد مثل باقي الطلبة بالدراسة عن بعد من خلال شاشات الكمبيوتر متأثرة بفيروس كورونا، فقالت «المراحل الأولية كنا نتعلم نكتب ونقرا ونعمل وظيفة (واجب) ونقدمها للأستاذ. المراحل الأخيرة اجت الكورونا، صرنا نتعلم، أولادي شروا لي كومبيوتر وعلموني على الزووم صرت أحل الوظايف (الواجبات) كلها على الزووم. بعدين اجت الامتحانات عملنا كل الامتحانات على الزووم والحمد الله وكل الامتحانات نجحت فيها».
وقد عبرت الجدة الفلسطينية عن سعادتها بإشادة مدير الكلية بها، حيث قالت «يعني كل ما يطلع كان قال لي أنت كذا، أنت بضرب فيكي المثل، أنت دايماً بجيب سيرتك، أنت دايماً بحكي في. واللي أعجبني أكثر يوم التخرج، طلع الرئيس مدير الكلية الاثنين كانوا يحكوا عني سألوه سألوا الرئيس انتوا كنتوا تساعدوها قال بالعكس هي كانت تساعد الطلاب بالخطابة بالمواضيع الأخرى».
واسترسلت في حديثها موضحة «أنا بحب العلم وأنا صغيرة، وأنا صغيرة صغيرة بحب العلم، كنت شاطرة دايماً، دايماً شاطرة، دايماً أولى. هسا ظليتني بتعرف لما خلفت الأولاد والتهيت بالأولاد وعشاني بحب العلم صرت أتعلم معاهن، أمسك الكتاب وأدرس الدرس وأحفظه وأسمعلهن إياه. ظليت معاهن لوصل صف 12. صف 12 بطلت أقدر أكمل معاهن، هن فاتوا الحمد الله، فاتوا كلهن جامعات هسا صرت أروح عند أولاد أخوي».
لتختتم حديثها مؤكدة على أنها تحب مفهوم العطاء لكونه يشعرها بالسعادة.