أكدتُ معظمُ الدراساتِ العلمية التي آجراها أساتذةُ طب النفس والعلماءُ التربويين، إن العقوبةَ الجسدية للأطفالِ ليست فعّالةٌ في منع مشاكلِ السلوك أو تعزيِز النصائح الإيجابية، كما أن بيانَ الأمم المتحدة الصادر عن لجنةِ حقوق الطفلِ أوصى جميعَ الدول بإنهاءِ استخدام جميع أنواعِ العقوبة الجسدية ضد الأطفال. للتعرف على التفاصيل كان اللقاءُ وخبيرةُ التربية الدكتورة ماجدة مصطفى الأستاذة بتربيةِ حلوان.
تابعّي المزيد: كيف تنمين مهاراتِ طفلك اللغوية؟
العقابُ الجسدي للطفلِ بالأرقامِ
أكدت الإحصاءات أن: 63 بالمائة من الأطفالِ بين 2 و4 سنوات في جميعِ أنحاءِ العالم - حوالي 250 مليون طفل- يتعرضون للعقابِ الجسدي، واعتبرت 62 دولة هذه الممارسة من أشكالِ العنف.
- إذ يستخدمُ مقدمو الرعاية ودور رعايةِ الأطفال في مناطق عديدة من العالم العقابَ الجسدي كردِ فعلٍ على سوءِ السلوك المتصورِ لدى الأطفال.
- وهناك 94 بالمائة من الآباءِ يضربُون أطفالهم في سن الثالثةِ والرابعة، ويَعُدُّون الضربَ طريقة لحلِ المشكلات، وقد يستمرون في ذلك في مراحل لاحقةٍ من العمر.
- ورغم ذلك لا يوجد دليلٌ على أن العقابَ الجسدي مفيدٌ للأطفال، بل تشير جميعُ الأدلة إلى أن العقابَ الجسدي يضر بنموِ الأطفالِ وقدر تقبلهم لذاتهم.
- العقوبات البدنية على الأطفالِ تأتي بنتائجٍ عكسية؛ تُزيد من المشكلات السلوكية وتعزز المشاعرَ السلبية الأخرى بمرورِ الوقت.
العقاب الجسدي ونتائجه السلبية
- العقاب البدني لا يرتبط بأي نتائج إيجابية للأطفال، بل يزيدُ من خطرِ تعرض الأطفال للعنفِ الشديد أو الإهمالِ.
- الآباءُ يضربون أطفالهم لأنهم يعتقدون أن ذلكَ سيُحسن سلوكهم؛ والواقع الفعلي أن العقابَ البدني لا يحسن سلوكَ الأطفال بل يزيده سوءاً.
- محاولة تهذيب سلوك الأطفال من خلال ضربهم وصفعهم على الوجهِ يُمكن أن يؤثرَ سلبًا على حالتهم المزاجية والسلوكية، ويجعلهم أشخاصًا عدوانيين في المستقبلِ.
- الأثر الذي يتركه الضرب على تعديلِ سلوكيات الطفل يكون لحظيًّا، ويخلُف آثارًا أخرى سلبيةً في المستقبلِ.
- الأطفال الذين يعاقَبون بشدةٍ يكونون أكثر عدوانية لدى بلوغهم سن 10 إلى 11 عاماً، كما أنهم يكونون أيضًا أقل إظهارًا للسلوكيات الإيجابية.
مسؤوليةُ الآباءِ في توجيهِ الطفلِ
- طريقة تعامل الآباء مع أطفالهم في سن مبكرة يمكن أن يكون لها تأثيرٍ طويل الأمدِ على سلوكهم في مرحلةِ الشباب.لهذا ينبغي على الآباءِ تشجيعُ الأطفال على تنظيم مشاعرهم في سنٍ مبكرةٍ، والامتناعُ عن ضربهم، خصوصًا على الوجهِ.
- ولأن عقابَ الطفل بدنيًّا له آثار طويلة الأمد، ومع رغبةِ الآباء في رعايةِ السلوكيات الإيجابية للطفل، يجب تعليم الطفل كيفية تنظيمِ سلوكياته في وقتٍ مبكرٍ.
- هناك العديد من أساليب العقاب التي يمكن أن يعتمدَ عليها الوالدان في التأديب، مثل العزلِ لدقائق، وعدم التحدث معه لبعضِ الوقت، أو حرمانه من بعضِ الامتيازات.
- وتُعَدُّ هذه الوسائل فعّالة مع الأطفالِ صغارِ السن، لكن عند دمج الضربِ مع وجود خطر أصدقاء السوء، أو التعرض لوسائلِ إعلام عنيفة، ستكون النتائجُ سيئةً جدًا.
- تعرُّض الأطفال للعقابِ البدني في سنٍ مبكرةٍ يصيبهم بالعدوانية، كما يؤدي إلى تنامي التصرفاتِ العدوانية للأطفال بعد التحاقهم بالمدرسةِ.
- للعقاب البدني علاقةٌ كبيرةُ بتطور الأمراضِ النفسية لدى هؤلاء الأطفال في مراحل متقدمةٍ من العمر، مثل إصابتهم بالاكتئابِ والقلقِ وفقدانِ الأمل.
- وكذلك ضعف النموِ الذهني كذلك، وما يتبعه من ضعفِ التحصيل العلمي، ونقص المادة الرمادية في المخِ.
- ضرورة تزويد الوالدين بأساليبِ التربيةِ الصحيحة؛ يمكن توعيتهم بأن مقاومة الطفل لتناولِ الطعامِ لا يمثل تحديًا لوالديه، بل هو جزءٌ من التطورِ الطبيعي للطفلِ.
الطفل يختزنُ المشاعرَ السلبية
عندما يتعرض الطفلُ للضربِ قبل سنِ السابعة، فإنه يختزنُ مشاعر سلبية يسقطها على أبويهِ عندما يكبر.
- ويمكن أن يصابَ الطفلُ بالخوفِ بصورةٍ تجعله عاجزًا عن الدفاعِ عن حقه، ومع تصاعد حدةِ العقاب، يصاب الطفلُ باضطراباتٍ نفسيةٍ وانعزالية.
- ويزداد الأمرُ خطورةً عند تعرضِ الطفل للعقابِ البدني بعد سنِ السابعة؛ فبجانب التأثيرات السابقة يصبح شخصية سيكوباتية، فينحرفُ عن السلوكِ السوي.
- ويميل إلى السلوكياتِ المضادةِ للمجتمع والخارجة على قيمه، بحيث يشعر بالراحةِ النفسية عندما يؤذي مَن حوله، دون أن يشعر بالذنبِ تجاه أي ضررٍ يلحقه بالآخرين.
أهمية "العقاب الإيجابي"
- وهو الأسلوبُ الذي يساعدُ في تكوينِ شخصيةِ الطفل وتعليمه الالتزامَ بالقوانين المجتمعية من خلالِ تفاعله معها.
- ويكون بعقاب الطفل من خلال النظراتِ الحادة أو حرمانه من أمورٍ بسيطةٍ محببة له، مثل منعه من مشاهدةِ الكرتون وحرمانه من الذهابِ للنادي.
- يمكن إشراك الطفل في اختيارِ طبيعة العقابِ الموقع عليه، بما يساعده على الالتزامِ بالقوانين المنزلية والمدرسية.
- أن يتناسب العقاب مع حجمِ المشكلة، ولا ينتج عنه إيذاء نفسي أو بدني، وأن يتم بعد حدوثِ المشكلةِ مباشرة؛ لأن العقابَ بعد مرور الوقتِ يتحول إلى موقفٍ شخصي .
- لابد من إعطاءِ الطفلِ الفرصةَ لممارسةِ حياته بحريةٍ وأن نمنحه مساحةً للخطأ ، مع تقدير حجم الأخطاء؛ فهناك أخطاءٌ تتطلب التدخلَ الهادئ، وأخطاء تتطلب التدخلَ اللحظي بحزمٍ دون عنف، وأخطاءٌ مقبولةٌ.
العقاب مرفوض دائماً!
- هناك نظريةٌ جديدةٌ في عالمِ تربيةِ الطفل، ترى أن العقابَ بكل أنواعهِ مرفوضٌ؛ فالعقاب النفسي يتساوى في تأثيرهِ مع العقابِ البدني.
- إذ إن العزلةَ تثير مراكزَ الألم نفسها الموجودةِ في الدماغ، والتي يثيرها الضرب، ما يصيب الطفلُ بأمراضٍ مثل التلعثمِ والاكتئابِ ويُفقده ثقته بنفسه.
- بمعنى أنني لا أعاقب الطفلَ بالحرمانِ من الذهابِ للنادي أو مشاهدة التليفزيون، إنما أؤجل ذلك لحين تعديلِ الطفلِ لسلوكه الخطأ.
- ويجب أن يصلَ هذا المفهوم للطفلِ من خلال التواصل الجيد مع الآباءِ، وتفهُّم مرحلته العمرية وتوقع ردودِ أفعاله.
العقابُ الجسدي للطفلِ..جريمةٌ إنسانيةٌ
- نبذ أسلوب الشدةِ والتسلط في تربيةِ الأطفال ومحاولة تفهم متطلباتهم ومشاكلهم، والكف عن استخدامِ العقوبات كوسيلةٍ وحيدةٍ للتعامل معهم.
- التعاملُ مع الطفل بحذرٍ شديدٍ في المراحل الأولى من حياته وشموله بالرعايةِ والحنانِ والرحمة.
- العقوبات الجسدية للطفل جريمةٌ إنسانيةٌ تترك بصماتٍ سوداءٍ في شخصية الطفل خاصة في المراحل المبكرةِ من عمره.
- عدم اللجوء إلى أسلوب الإهانةِ والتوبيخ بل التوجيه ثم الملاطفة، واللين في الوقت المناسب والشدة والحزم مع الخطأِ الكبير.
تابعّي المزيد: هل تختلف ساعات نوم الطفل وقت الدراسة؟