لا يمكن بشكلٍ من الأشكال أن نعزل أنفسنا عن الأشخاص المستفزين؛ خاصّةً أن الشخص المستفز قد يكون زميلاً في العمل نراه كل يوم، أو ربما كان قريباً من الدرجة الأولى، زوجاً أو زوجة.. لذلك من الأجدى أن نعمل على تطوير قدرتنا على التعامل مع المستفزين، والتحكّم بانفعالنا وعواطفنا عند التعامل مع الشخص المستفز.
تقول الدكتورة أميرة حبارير الخبيرة النفسية لـ«سيدتي»: تعريف الشخصية المستفزة، هو من يقوم بتصرفات مزعجة للآخرين، أو يمتلك صفات سلبية في شخصيته تجعل وجوده مزعجاً ومستفزاً، وعادةً ما تكون التصرفات المستفزة التي يقوم بها الشخص المستفز متكررة، ولا يعترف -وربما لا يدرك- أنها تصرفات مزعجة تستفز مَن حوله.. وسمّيت الشخصية المستَفِزَّة بهذا الاسم لأن التصرفات والسلوكيات التي تقوم بها تستفز مشاعرنا السلبية، مثل: الغضب والانزعاج والعدوانية؛ بل إن الشخص المستفز قد يحرك بداخلنا مشاعر الإحباط والكآبة والحزن، وقد يدفعنا للتصرف بطريقة لا نريدها ولا تعبّر عن شخصيتنا الحقيقية.
* فن التعامل مع الأصدقاء المستفزين
من خلال فهم سبب التوتر والشعور بالضيق حيال تصرف الشخص المستفز، أو حتى الشعور بالضيق لمجرد وجوده في حياتنا؛ يمكن تحديد الطريقة الأفضل للتعامل معه.
- الأشخاص المستفزون أمر واقع!
أول ما يجب عليك الإيمان به أن التخلص من الأشخاص المستفزّين نهائياً أمر مستحيل؛ فإن قمت بحظر الأشخاص المستفزين على مواقع التواصل الاجتماعي، سيظهرون لك في مكان العمل، وإن رسمت حدوداً حازمة وصارمة للمستفزين في مكان العمل، سيظهرون لك بين الأقارب والعائلة.. بالمحصلة وجود أشخاص مستفزين أمر طبيعي يجب أن تتقبله.
- حدِّد التصرفات التي تستفزك:
تحديد الشخصية المستفزة يعتمد أيضاً على معايير ذاتية؛ فقد ينزعج أحدهم من إصدار الأصوات العالية، أو إصدار صوت عند الأكل؛ فيما لا يكون هذا مصدر إزعاج لآخرين، ولذلك يجدر بك تحديد التصرفات المزعجة التي يقوم بها الشخص الذي يستفزك، ثم النظر في كيفية معالجة هذه التصرفات بحد ذاتها، مع الحفاظ على الودّ، على الخصوص في العلاقات التي لا يمكن إنهاؤها مثل: الأقارب أو مديرك في العمل.
- ركِّز على حماية نفسك من الشخص المستفز:
قبل التفكير حتى في كيفية إيقاف الشخص المستفز، يجب أن تفكر في كيفية تعاملك مع الموقف وحماية نفسك من الآثار النفسية السلبية للاستفزاز المستمر، اجعل هدفك أن تتجنب الاستفزاز وتحافظ على هدوئك وتمنع تصاعد الغضب والانفعال.
- ارسم حدوداً واضحة وحازمة:
في كثير من الحالات لا يدرك الشخص المستفز ما يجعلك غاضباً أو منزعجاً، على الخصوص عندما تحاول أن تكون لطيفاً ودمثاً؛ فيعتقد أن تصرفاته المستفزة مقبولة؛ لذلك عليك أن تكون واضحاً في رسم الحدود معه، وأخبره بصراحة إن كنت غير مهتم بحديثه، أو يزعجك تدخله في أمورك الشخصية، أو أن طريقته في الكلام تجعلك غير مرتاح في التعامل معه، في معظم الحالات يتجاوب الأشخاص المستفزون عند تحديد التصرف المزعج، ودورك هنا أن تكون حازماً في تحديد تلك التصرفات ورفضها بطريقة محترمة وهادئة.
* هكذا تتعامل مع المستفزين
- لا تحاول تحليل التصرفات المستفزة:
أيضاً عليكَ ألا تترك التصرفات المستفزة تشغل بالك، لا تفكر كثيراً بالدوافع والأسباب التي جعلت الشخص المستفز يقوم بهذا التصرف أو ذاك، يتفوه يهذه الكلمة أو تلك، اشغل بالك فقط بما يجعلك أكثر راحة وهدوءاً.
- لا تدخل معه في جدال:
لأي سبب، ولا تحاول تصحيح مساره أو تعليمه؛ فالدخول بجدال مع شخص مستفز، يعني تحريضه على المزيد من الاستفزاز والتمسك بالرأي أو التصرف المزعج، وكذلك محاولة تصحيح أفكار أو تصرفات الشخص المستفز، قد تجعله أكثر استفزازاً وإزعاجاً.
- تجاهل الشخص المستفز:
التجاهل ليس ضعفاً ولا انهزاماً؛ بل هو طريقة دبلوماسية لتجنب الصدام مع الأشخاص المزعجين، في كثير من الأحيان عليك تجاهل ما يقوله الشخص المستفز، وتجاهل وجوده بالكامل، وتجنب إظهار الانزعاج أو الغضب أو حتى الاهتمام.
- إجابات قصيرة:
على الرغم من وجود حالات استثنائية من الثرثرة غير الإرادية عند الشخص المستفز، لكن الإجابات القصيرة غالباً ما تخلق جوّاً من الرسمية، وتجعل الشخص المستفز أقل رغبة في طرح الأسئلة أو الخوض في نقاشات يعلم مسبقاً أن الرد عليها سيكون بكلمة أو اثنتين، وربما تحرضه على طرح السؤال الذهبي "لماذا تجيبني بهذه الطريقة؟" مما يتيح لك الفرصة للتعبير عن انزعاجك من نوعية الأسئلة أو طريقة النقاش.
- ألغِ متابعته على مواقع التواصل الاجتماعي:
إذا كانت مشكلتك مع الأشخاص المستفزين على مواقع التواصل الاجتماعي؛ فلديك خيارات كثيرة، منها: إلغاء المتابعة والحفاظ عليهم في قائمة الأصدقاء، ترشيح الرسائل والمكالمات، وتخصيص المحتوى الذي تقوم بمشاركته، إلى أن تصل للخيار الأخير وهو الحظر.
- استفد من الشخص المستفز:
في الحقيقة يمنحك الأشخاص المستفزون فهماً أفضل لنفسك؛ فتعرف من خلالهم ما هي الأمور التي تجعلك متوتراً وقلقاً، وعليك أن تستغل هذه الفرصة لتلقِي نظرةً أعمق على ذاتك، وتتعامل مع النقاط الضعيفة التي يسهل تحريكها واستفزازها من قِبل الآخرين، وتتعلم كيف تحميها وتقلل استثارتها.