يُدرج صعود جبل كليمنجارو البركاني الواقع في شمال شرقي تنزانيا، في إطار المغامرات السياحية التي تجذب أصحاب القلوب القوية. في كلّ عام، يحاول نحو 3500 مغامر صعود الجبل، إلّا أن نسبة 40% منهم حصرًا تنجح في بلوغ القمّة الواقعة على ارتفاع 5895 مترًا، وذلك لأن عوارض "داء المرتفعات" المشابهة للإنفلونزا تعيق الآخرين.
تابعوا المزيد: جولة على أشهر الأماكن السياحية في تنزانيا
زيارة سياحية إلى تنزانيا
كانت راودت الرحّال العماني حارث منصور ناصر الشريقي فكرة تسلّق الجبل، لبلوغ القمّة الأكثر ارتفاعًا في القارّة الأفريقيّة، في إثر زيارته الأولى إلى تنزانيا، ومقابلة بعض المتسلّقين، الذين أشعلت أحاديثهم عن المغامرة في داخله الحماسة لخوض التجربة. لذا، قام الشريقي بعد العودة إلى أرض الوطن بالالتزام بتمرينات مكثّفة، لمدّة ستّة أشهر...
بعد أن أعدّ المغامر الشاب عدّة السفر إلى تنزانيا للمرّة الثانية لتحقيق هدفه، هو قضى ليلتين في زنجبار، قبل أن يتوجه من "مطار عبيد أماني كرومي الدولي" القريب منها إلى "مطار كليمنجارو الدولي" بشمالي تنزانيا في رحلة استغرقت ساعة لبلوغ مدينة "موشي" أسفل جبل كليمنجارو، ولقاء المرافق الذي زوّده بتفاصيل المسار الذي يستغرق ستّة أيّام، صعودًا ونزولًا. الجدير بالذكر أن المسار الذي اتبعه الشاب يدعى "مورينجو"، وهو ليس الوحيد إذ تكثر المسارات حتّى بلوغ الجبل، ولكل منها عدد من الأيام، ومحطّات مختلفة.
أيّام المغامرة
1. في اليوم الأول، هو توجّه في الصباح الباكر إلى بوابة الدخول إلى "متنزّه كليمنجارو الوطني" المدرج منذ عام 1987 على لائحة اليونيسكو لمواقع التراث العالمي، وقابل الطاقم المرافق، الذي يتضمّن الحمّالين والطبّاخ والمرشد، كما مرّ في منطقة الغابات المطيرة، وتعرّف إلى العديد من النباتات النادرة التي لا تنمو إلا في منطقة كليمنجارو. يلخّص الشريقي اليوم الأوّل من مغامرته لـ"سيدتي. نت"، قائلًا: "كان المشي ممتعًا، هدفه الوصول إلى مخيّم "مندرا" حيث قضيت ليلتي الأولى".
2. قبل أن تشرق شمس اليوم التالي، عزم المغامر على الوصول إلى مخيّم "هرمبو"، ولو أن مستوى المشي كان أكثر صعوبةً. هو عاين خلال اليوم الثاني بعض النباتات والحيوانات النادرة خارج الغابات المطيرة، حتّى وصل المخيّم للراحة في بعد الظهر، والمبيت. يصف الرحّال "هرمبو" قائلًا إن "الإطلالات من المخيّم بانورامية، وإمكانية التقاط الصور الرائعة للبحيرات الكبيرة الواقعة بالقرب من مدينة موشي ممكن".
3. تتابع المسير في اليوم الثالث حتّى ارتفاع يتجاوز 4000 متر عن سطح البحر، ولم يخلو من تعب شعر به، جرّاء نقص الأُكسجين. كان عبر منطقة تلقّب بـ"صحراء الألب" لغياب أي نباتات عنها، وصولًا إلى مخيّم "كيبو" على ارتفاع 4720 مترًا عن سطح البحر. هناك، كان أخذ قسط من الراحة في أولويات الشاب، استعدادًا لبلوغ القمة في منتصف الليل، في طقس شديد البرودة، وظلام دامس لا يكسره سوى ضوء المصابيح المعلّقة في عصابات تحملها رؤوس المغامرين .
4. بدأت الرحلة الأصعب عند العاشرة مساءً، ولم تخلو من تعب شديد، كلّما تقدم موكب المغامرين جرّاء نقص الأُكسجين. يعلّق الشريقي، قائلًا: "قاومت كي أحقّق حلم الوصول إلى "سقف أفريقيا".. حين بدأ الظلام بالانقشاع، كنّا قد بلغنا ارتفاع 5600 متر". "لم يبق سوى القليل"، خاطب الشاب ذاته، حتّى النجاح وصول القمّة في السابعة والنصف صباحًا. السؤال عن الشعور في تلك اللحظة، يجيب عنه قائلًا: "كان خليط من عظمة الإنجاز والانشداه إلى جمال المكان المغطى بالثلج، تحت خيوط الشمس التي تشرق". مكث الشاب في قمة كليمنجارو نحو عشرين دقيقة، قضاها في التأمل والتقاط الصور وتغذية العينين بمشهد الشروق. بعدها، بدأت رحلة النزول باتباع المراحل المذكورة، واستغرقت يومًا ونصف اليوم.
تابعوا المزيد: السعودية حنان آشي ترفع العلم السعودي فوق قمة كليمنجارو
معلومات سياحيّة مفيدة
• الموسم الجافّ مفضل لصعود الجبل، وهو يمتدّ من شهر يونيو حتى أكتوبر (ضمناً)، أو من يناير إلى فبراير.
• يبعد "مطار كلمنجارو الدولي" نحو ساعة ونصف الساعة من مدينة "موشي" الأقرب إلى جبل كلمنجارو، وهو يستقبل معظم رحلات شركات الطيران العالمي.
• من جهة ثانية، قد يأتي البعض الذي يمني النفس بصعود الجبل زنجبار أوّلًا، وانطلاقًا منها هو يذهب إلى كلمنجارو عن طريق الطيران الداخلي.
• في موشي، ثمة محطات سياحية، منها: معاينة كل المراحل قبل أن يقدّم فنجان القهوة فيها للزائر، من طرق الزراعة والقطاف، والتحميص... في رحلة تسمى "جولة القهوة"، وهناك الينابيع الساخنة Kikuletwa، وشلال ماتروني.
تابعوا المزيد: الحياة البرية تجذب عشاق المغامرة لزيارة تنزانيا