غالباً ما تستحضر العزلة دلالات سلبية مثل الوحدة، على الرغم من أن العديد من المفكرين العظماء مثل لاو تزو، ونيتشه، وإيمرسون دافعوا عن الفوائد الفكرية والروحية لها. في حين، علق توماس ميرتون ، وهو راهب وكاتب، وناشط اجتماعي ، قضى سنوات بمفرده "لا يمكننا رؤية الأشياء في منظورها الصحيح حتى نتوقف عن احتضانها في أحضاننا" ، حيث لا تعني العزلة تجنب التواجد مع أشخاص آخرين. يتعلق الأمر بالتواجد مع نفسك، على حد تعبير لاو تزو.. فما الفرق بين الوحدة والعزلة..؟
تقول الاستشاري النفسي د. لبنى عزم الدين لسيدتي: العزلة الاجتماعية والشعور بالوحدة ليسا نفس الشيء
• العزلة
- العزلة هي حالة كونك وحيداً دون أن تكون وحيداً
- هي حالة إيجابية وبناءة للانخراط مع الذات
- هي أمر مرغوب فيه، حيث تقدم لنفسك رفقة رائعة وكافية
حيث تكون العزلة في مكان يمكن للعقل الإبداعي أن يعبر فيه عن نفسه بسعادة وشغف.
فعندما تكون قادراً على الانسحاب من مطالب الآخرين والعالم من حولك، فإنك فجأة تحرر المساحة الذهنية الخاصة بإبداعك الذاتي للتركيز على تلك الأشياء التي تبحث عنها وتثير انتباهك لفترة طويلة، يقول المخترع الشهير نيكولا تيسلا :" العقل أكثر حدة وحرصاً في العزلة، وبالعزلة المستمرة تزدهر الأصالة في بيئة خالية من التأثيرات الخارجية التي تضربنا لشل العقل الإبداعي"، .. "فلتكن وحيداً، هذا هو سر الاختراع. ولتكن وحيداً، عندما تولد الأفكار".
تدور تحديات العزلة حول إيجاد التوازن في الداخل؛ أن نكون مرتاحين في ذواتنا؛ أن نصبح حميمين مع عقولنا؛ ولننظر لتلك القوة التي تتدفق من خلالنا عندما نقبل أنفسنا الحقيقية ونعبر عنها.
على الرغم من أن مجرد التفكير في الأمر يمكن أن يكون مخيفاً. عندما نقضي بعض الوقت مع ذواتنا مع ظلنا، مع الجزء الذي نهرب منه، هذا الجزء من أنفسنا الذي ينحدر إلى أعماق اللاوعي.
تابعي المزيد: طرق التغلب على الشعور بالوحدة
• الوحدة:
الوحدة هي حالة سلبية تتميز بشعور بالعزلة، حيث يشعر المرء أن هناك شيئاً ما مفقوداً. من الممكن أن تكون مع الناس ومازلت تشعر بالوحدة - ربما يكون أكثر أشكال الوحدة مرارة.
فالوحدة هي شعور شخصي غير مرحب به بنقص أو فقدان الرفقة، ويحدث في حالة حدوث عدم تطابق بين كمية ونوعية العلاقات الاجتماعية التي لدينا وتلك التي نريدها، وهي ما يعرف بنظرية التناقض المعرفي ، حيث يُنظر إلى الوحدة على أنها تناقض بين المستويات المرغوبة والتي تم تحقيقها في نوعية وكمية العلاقات الاجتماعية.
• أسباب الشعور بالوحدة
- أسباب تفاقم الوحدة قد تعود لعوامل اجتماعية ونفسية وشعورية وبيئية.
- يمكن أن تؤثر الوحدة على الرجال والنساء بطرق مختلفة، ولكن لا يوجد دليل قاطع على أن أي جنس يشعر بالوحدة أكثر من الآخر.
- هناك أنواع مختلفة من الوحدة: الشعور بالوحدة العاطفية، والوحدة الاجتماعية والوجودية.
- ترتبط الوحدة بالعزلة الاجتماعية ولكنها ليست نفس الشيء، حيث يمكن أن تكون وحيداً في غرفة مزدحمة، لكنك لن تكون معزولًا اجتماعياً.
- يمكن أن يشعر الأشخاص من جميع الأعمار بالوحدة، ولكن مع تقدم السن تشعر بالمزيد من الوحدة.
تابعي المزيد: للشباب والبنات.. ما الفراغ العاطفي وكيف نتغلب عليه؟
- قد يشعر الشباب بالوحدة بسبب:
o انتقال الأسرة من مكان لآخر
o الانتقال من مرحلة تعليمية لأخرى
o صعوبة تكوين صداقات
o التعرض لسوء المعاملة أو التنمر
o معاناة نفسية لفقد شخص عزيز أو أحد المقربين
o وجود مرض معين أو إعاقة معينة
o اضطراب في الأكل يؤدي للاكتئاب
o العزلة بعيداً عن الأصدقاء والعائلة خلال جائحة Covid-19.
• الفرق بين الوحدة والعزلة
حيث تشير العزلة الاجتماعية إلى القليل من الروابط أو التفاعلات الاجتماعية، في حين أن الوحدة تنطوي على الإدراك الذاتي للعزلة والفعلي للتواصل الاجتماعي الذي يجعل المرء يشعر بالوحدة حتى وهو محاط بأناس آخرين، فالشخص الذي يشعرُ بالوحدة لا بد أن يكون وحيداً، فإذا كنت تفي بصلاتك الاجتماعية، يمكنك أن تعيش أسلوب حياة منعزلًا نسبياً دون أن يؤثر ذلك على صحتك العقلية، وإذا كنت لا تشعر بالرضا الاجتماعي، يمكنك أن تشعر بالوحدة الشديدة حتى عندما تكون محاطاً بالآخرين.
تابعي المزيد: 17 مليون شخص يعيشون بمفردهم في ألمانيا
الصور من موقع الصور المجانية unsplash