في ظل التطور التكنولوجي المتسارع، أصبحت الألعاب الإلكترونية جزءاً أساسياً من حياة الشباب في مختلف أنحاء العالم. ومع ازدياد شعبيتها وانتشارها بين مختلف الفئات العمرية، بات من الضروري إلقاء الضوء على تأثير هذه الألعاب في عادات الشباب اليومية، سواء كان ذلك من حيث الفوائد أو الأضرار.
إعداد: إيمان محمد
الشباب والألعاب الإلكترونية
تُعتبر الألعاب الإلكترونية اليوم هواية شائعة لملايين الشباب حول العالم، وبحسب تقرير من Harvard Health Publishing، فإن أكثر من ثلثي الأمريكيين يمارسون الألعاب الإلكترونية بانتظام.
ولا تقتصر الألعاب على التسلية فقط، بل باتت تُمارس بوصفها رياضة تقوم على المنافسة في العديد من الجامعات. وعلى الرغم من هذا الانتشار اللافت، يجب أن نُقر بأن الألعاب الإلكترونية لها تأثيرات إيجابية وسلبية في حياة الشباب؛ ما يثير التساؤل حول كيفية تحقيق التوازن بين المتعة والصحة العقلية والجسدية.
فوائد الألعاب الإلكترونية
على الرغم من أن معظم الأبحاث تحذر من الألعاب الإلكترونية؛ فإن لها العديد من الفوائد التي لا يمكن تجاهلها، فقد أثبتت بعض الدراسات أن ممارسة الألعاب يمكن أن تساهم في تعزيز مهارات التفكير الإستراتيجي، والعمل الجماعي، وحل المشكلات.

الألعاب الإلكترونية قد تسبب الألم العضلي -المصدر Freepik
تحسين المهارات الحركية والتفاعل الاجتماعي
تساعد الألعاب الإلكترونية في تحسين المهارات الحركية فيما يخص مثلاً أعصاب اليدين، كما أنها قد تساهم في تعزيز التفاعل الاجتماعي، خاصة من خلال بناء مجتمعات افتراضية تتيح للاعبين التواصل والتعاون.
فوائد صحية
تمتد فوائد الألعاب الإلكترونية إلى المجال الطبي، حيث تُستخدم في تدريب المرضى على تحسين توازنهم وتطوير مهارات التفكير، خاصة لدى المصابين باضطرابات مثل اضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة "ADHD".
سلبيات الألعاب الإلكترونية
على الرغم من الفوائد السابق ذكرها؛ فإن الألعاب الإلكترونية لها جانب سلبي على الصحة الجسدية، فهناك أضرار جسدية واضحة ناتجة عن الإفراط في ممارسة الألعاب الإلكترونية، مثل:
التهاب أوتار اليدين والمعصم
مثل متلازمة النفق الرسغي وإصبع اللاعب، حيث تؤدي الحركات المتكررة إلى التهابات مؤلمة.
الإجهاد العضلي
قد يسبب فرط ممارسة الألعاب الإلكترونية إلى الإجهاد العضلي، الذي يمكن أن يتفاقم ويؤدي إلى مشكلات دائمة.
السمنة وقلة الحركة
يمضي اللاعبون ساعات طويلة أمام الشاشات؛ ما يقلل من ممارسة الأنشطة البدنية ويزيد من خطر السمنة.
مشكلات في النظر
مثل إجهاد العين الناجم عن التركيز الطويل على الشاشات؛ ما يسبب الصداع وضعف التركيز.
التأثير النفسي والاجتماعي للألعاب الإلكترونية
تمتد تأثيرات الألعاب الإلكترونية إلى ما هو أبعد من الضرر الجسدي؛ ليصل إلى التأثير النفسي والاجتماعي. أظهرت بعض الأبحاث من American Journal of Psychiatry أن ما بين 0.3% و1.0% من الأمريكيين قد يعانون من اضطراب الألعاب عبر الإنترنت، الذي يتسم بأعراض مثل:
- الانشغال الدائم بالألعاب.
- الانسحاب عند الابتعاد عن اللعب.
- فقدان الاهتمام بالنشاطات الأخرى.
- مشكلات في العلاقات أو الفرص التعليمية.
- اللعب بوصفه وسيلة للهروب من الواقع أو تخفيف التوتر.
وتؤكد الدراسات أن الإدمان يمكن أن يؤدي أيضاً إلى اضطرابات في النوم، مثل الأرق واضطرابات الساعة البيولوجية. كما أن التعرض للعنف الرقمي يمكن أن يؤدي إلى تغييرات في السلوك العدواني لدى بعض الشباب.
كيف يمكن التعامل مع هذه الظاهرة؟
وفقاً لتوصيات الأكاديمية الأمريكية للطب النفسي للأطفال والمراهقين "AACAP"، يجب على الأهل اتباع طرق مدروسة للسيطرة على عادات اللعب عند الشباب:
التأكد من ملاءمة الألعاب للعمر
جزء كبير من مشكلات الألعاب الإلكترونية نتيجة لعدم ملاءمة اللعبة للعمر؛ لذلك يجب على الأهل التأكد من خلال مراجعة التصنيفات العمرية للألعاب.
اللعب مع الأبناء
أحد أسباب إدمان الشباب والمراهقين للألعاب الإلكترونية هو انصراف الأهل عنهم؛ لذلك يُنصح باللعب معهم لفهم المحتوى ومناقشة المواقف التي قد تنشأ.
تحديد أماكن اللعب
يُنصح بعدم السماح بالألعاب في غرف النوم لتسهيل المراقبة، بل يمكن تخصيص مكان للعب مثل غرفة المعيشة.
تخصيص وقت للعب
لتجنب الإفراط في اللعب وضمان تحقيق التوازن بين الأنشطة المختلفة، يجب تحديد وقت للعب الألعاب الإلكترونية.
تشجيع الأنشطة البديلة
مثل الرياضة أو الهوايات التي تُعزز النشاط البدني؛ لأن بالأساس الهدف من ممارسة الألعاب الإلكترونية هو ملء وقت الفراغ.
مراقبة السلوك
أياً كان عمر الشاب أو الفتاة، يجب الانتباه لأي علامات تدل على الإفراط في اللعب.
هل الألعاب الإلكترونية تسبب الإدمان؟
إدمان الألعاب الإلكترونية حالة مثبتة علمياً، ووضعت منظمة الصحة العالمية مصطلح "اضطراب الألعاب" ضمن قائمة الأمراض النفسية المحتملة. وتشمل أعراضه:
- فقدان السيطرة على اللعب.
- تفضيل الألعاب على الأنشطة الأخرى.
- استمرار اللعب رغم العواقب السلبية.
نصائح لتجنب أضرار الألعاب الإلكترونية
أضرار الألعاب الإلكترونية لا يعني التوقف عنها نهائياً، في حين يمكن تجنب السلبيات من خلال اتباع النصائح التالية:

اتباع قاعدة 20-20-20
كل 20 دقيقة من اللعب، ينظر اللاعب إلى شيء يبعد 20 قدماً لمدة 20 ثانية لتقليل إجهاد العين.
ممارسة التمارين الرياضية
تجب ممارسة الرياضة بشكل منتظم لتقليل مشكلات السمنة وتحسين اللياقة البدنية.
الانتباه إلى الإشارات التحذيرية
هناك علامات مبكرة تشير لاحتمالية إدمان الشباب للألعاب الإلكترونية مثل زيادة الانعزال أو الانفعال عند التوقف عن اللعب.
في النهاية يمكن القول إن الألعاب الإلكترونية يمكن أن تكون وسيلة لتسلية الشباب، لكن المبالغة في اللعب قد يصيب الشاب بالإدمان بالإضافة إلى السلبيات السابق ذكرها؛ لذلك التوازن والانتباه للسلوك هما الحل.
اقرئي أيضاً: انتشار الاكتئاب والقلق بين الشباب: الأسباب وطرق الوقاية