النّيّة الصّادقة

الدكتورة مايا الهواري

الدّنيا ممرّ وليست مستقرّ، وما دام الإنسان ينوي الخير فهو بخير، ولا سيّما عندما يحرص على النّيّة الحسنة لأنه (على نيّاتكم تُرزقون)، فالنّية الصّادقة الخالصة لله تعالى هي التي تعطي للإنسان قيمة ووزناً وأجراً عند الله، وهو ميزانُ الحقّ والإيمان، فالله تعالى لا يقبلُ إلّا ما كان خالصاً ويُبتغى به وجهه الكريم.

كثيراً ما نجد بعض المدرّبين والمستشارين والّذين يدّعون الإيجابيّة وصناعة السّعادة يقدّمون النّصحَ والإرشاد لمن يقصدهم بغية معرفة العلم النّافع، فنجد هذا المدرّب يقدّم المعلومات والنّصائح الّتي لا يطبّقها أصلاً، ويقول مالا يقوم به، فيقدّم تلك النّصائح والنّظريّات لمن أتى إليه ويطلب منه تطبيقها، وهو نفسه لم يقم بها مسبقاً، فرفقاً بهؤلاء الأشخاص المساكين الّذين لجؤوا إليكم يبغون العلمَ النّافع، ولتكن نيّتك صافية، فالنّظريّات سهلة ولكنّ التّطبيق صعب، فاجعل نيّتك صافية مع نفسك ومع النّاس، وابتعد عن النّظريّات العشوائيّة غير القابلة للتّحقيق، أو التي لا تدلّ على أنّك ناصحٌ جيّد أو تبغي الإيجابيّة وصُنع السّعادة وحلّ مشاكل الغير، لأنّك بذلك تُلحق بنفسك صفات غير جيّدة، كما أنّك تقول مالا تفعل.

لذا وَجب العمل بنيّةٍ صادقةٍ صافية، فالشّخص النّاجح لا بدّ أن يكون ناصحاً أميناً، يقول ما هو مقتنعٌ به ومُصدّقهُ، حتّى يستطيعَ إقناعَ من أمامه بأقواله، وبالتّالي يكونُ التّوفيقُ حليفه، كما أنّ أكثر النّاس توفيقاً أصدقهم نيّةً (فَعَلِمَ ما في قلوبهم فأنزل السّكينةَ عليهم وأثابهم فتحاً قريباً).

فنصيحةٌ لكلّ مدرّبٍ ومستشارٍ وصانعِ سعادة ومطبّق الإيجابيّة في حياته وحياة الآخرين أن يكونَ شفّافاً في معلوماته ونصائحهِ لمن يطلبها منه، وأن يكون واقعيّاً، يطرح كلّ ما هو معقول ويمكن تطبيقه، فما يقبل تطبيقه على نفسه يقبل تطبيقه على غيره، وأن يكون صادقاً في حياته قولاً وفعلاً، وألّا يكون متناقضاً بين قولٍ جميلٍ وفعلٍ لا يليقُ، فمن جمالِ الحياة وروعتها أن يتوافقَ الكلام مع الأفعال، وأن يتحلّى بالإيجابيّة التي ترسم الطّريق المنير، فيكون بذلك منارةً يستضيء بنورها كلّ تائهٍ، فكلّ إنسانٍ على هذه الأرض يحملُ رسالةً ساميةً، استخلفه الله في هذه الأرض ليعمرها وينشر الخير والسّلام والسّعادة عليها، ويمتلك بذرة الطّيبة في قلبه، تلك الطّيبة التي لا تُرى بالعين، ولكنّها تلمسُ القلب، فتمسح على ندبة كل قلبٍ كسيرٍ ليشعر بالأمان، وهذا هو الجمال الحقيقي الذي لا يشيخ، ويبعث الجمال والفرح في قلب كلّ محتاجٍ، فكن أيها الإنسان شاطئ الأمان الذي يمدّ كلّ محتاجٍ بالعلم الصّادق والنّصائح الجيّدة.