يُعرّف ابن خلدون الشعر على أنه "كلام مفصل قطعاً متساويةً في الوزن، متحدةً في الحرف الأخير من كل قطعة، وتسمى كل قطعة من هذه القطعات بيتاً، ويسمى الحرف الأخير الذي تتفق فيه رَوِيّا وقافية، ويسمى جملة الكلام إلى آخره قصيدة وكلمة، وينفرد كل بيت منه بإفادته في تراكيبه؛ حتى كأنه كلام وحده، مستقل عما قبله وما بعده، وإذا أُفرد كان تاماً في بابه في مدح أو نسيب أو رثاء، في حين عرّفه ابن سينا على أنه كلام مُخيل مُؤلف من أقوال ذوات إيقاعات متفقة، متساوية، متكررة على وزنها، متشابهة حروف الخواتيم.. ونظم الشعر قضية ليست بالهينة، وإنما تقتضي مهارات معينة.. التقت «سيدتي» الشاعر صالح شرف الدين، عضو شعبة النقد باتحاد كتاب مصر؛ ليحدثك عن كيفية كتابة الشعر الموزون في السياق التالي.
- مفهوم الشعر الموزون
يقول الشاعر صالح شرف الدين لـ«سيدتي»: الشعر الموزون هو ذلك الشعر الذي يلتزم ببحر من بحور الشعر العربي، والتي يتكون كل بحر منها من تفعيلات، تتكون كل تفعيلة من مجموعة من الحركات والسكنات لا بد من الالتزام بها لكي يكون الشعر موزوناً؛ فمثلاً بحر المتقارَب تفعيلته الرئيسة (فعولن) وهي مكونة من حركتين ثم ساكن ثم حركة ثم ساكن، ويرمز للحركة ب (/) والساكن (O) الحركة والساكن أصغر وحدة موسيقية (/ O) تنطق (تن)، والتفعيلة التي لدينا (فعولن) تكتب عروضيا (//O/ O) وتنطق (تتن تن)، ومثال لها: بلادي، بلادي.. فعولن فعولن، وهناك بعض التغييرات المسموح بها في كل بحر لا يجوز الخروج عنها تسمى: العلل والزحافات، سواء في الشعر العمودي حيث وحدة الوزن والقافية ونظام البيت الشعري، أو في الشعر الحر حيث وحدة الوزن، ونظام السطر الشعري، والتحرر من وحدة القافية. تابعي المزيد: الشاعر جابر بسيوني وقوانين الشعر الحر
- كيفية وزن القصيدة
عملية وزن القصيدة تقتضي بعضاً من الخبرة والممارسة والدراية بنظام الحركات والسكنات؛ فعن طريق معرفة نظام الحركات والسكنات التي يتبعها الشاعر، نعرف وزن القصيدة. فلكل بحر من بحور الشعر الـ 16 وزن خاص به (حركات وسكنات خاصة به)، وكل حروف اللغة حركات ماعدا الألف والواو والياء وأي حرف مع السكون؛ فلو أردنا أن نزن قول الشاعر : أكاد أشكّ في نفسي لأني.. أكاد أشك فيك وأنت مني يتم تقطيع البيت عروضياً حسب صوت الحرف وليس نظام الكتابة. أكاد أشك /ك في نفسي / لأن ني.. أكاد أشك /ك في ك وأن/ ت من ني --ه---ه/--ه -ه –ه/--ه-ه...--ه---ه/--ه---ه/--ه-ه مفاعلتن /مفاعلتن /مفاعل.. مفاعلتن /مفاعلتن /مفاعل هذه التفعيلة خاصة ببحر الوافر وهو من أكثر البحور التي كتب فيها العرب.
- ماهو تعريف بحور الشعر العربي
البحر هو الأوزان الموسيقية للشعر، وعددها (16 بحراً) تعتمد على تفعيلات (حركات وسكنات) محددة تتكرر في كل بحر بنظام مضطرد، مثل بحر: المتقارَب ،الرَمَل، المتدارَك، الخَبَب، المنسرِح، والوافر. - ما مواصفات الشاعر صاحب الشعر الموزون لا يسمى الشاعر شاعراً ما لم يكتب كلاماً فيه شاعرية فكرة، إحساس، خيال، موسيقى؛ فالكلام الذي يخلو من الموسيقى المطردة بنظام معين هو نثر، ومن يكتب النثر كاتب، ومن يكتب الشعر شاعر من أول امرئ القيس في العصر الجاهلي، وحتى الشعراء المعاصرين وهم كثيرون جداً؛ فمن يستطيع أن يؤلف بيتاً شعرياً واحداً مكتملاً وزناً وقواعد وإملاء، يُعد شاعراً. تابعي المزيد: مراحل تطور الشعر العربي
- كيف نكتب الشعر الموزون فى خطوات بسيطة
هناك طريقتان: 1- الأولى حفظ عدد من النصوص في بحر من البحور وفهم موسيقاها وتقليدها بكل دقة، ومع المعايشة المستمرة يبدأ التأليف بعد التقليد، وأغلب شعراء العامية يسلكون هذا المسلك، ومن يكتبون الشعر الشعبي (النبطي). 2- الثانية دراسة بحور الشعر دراسة عروضية أكاديمية، ومعرفة كيف تقطّع البحور إلى تفعيلات موسيقية، وتقليد القصائد المشهورة، ومع المعايشة وكثرة التدريب التي قد تمتد إلى شهور أو سنوات حسب الموهبة، يتقن المتدرب تأليف الشعر وهذا أساسي في شعر الفصحى، مع الإلمام بأصول القواعد النحوية والإملاء التي لا يحتاجها شعراء العامية، وهناك تدريبات كثيرة ومتنوعة على شبكة المعلومات واليوتيوب، المهم الصبر وحسن التدريب، وقديماً قالوا: (احفظ تقُل، إن الكلام من الكلام).
- كيف يطوّر الشاعر موهبته الشعرية
القراءة المستمرة خصوصاً في نقد الشعر؛ لأن ذلك يقوّي ملَكة النقد فيكون الشاعرُ الناقدَ الأول لنصه، وعليه أن يستغل لحظات التوهج التي تنتابه فيكتب فيها، وهي تختلف من شاعر لآخر، ويمكن للقراءات الحرة أن تزيد من لحظات التوهج التي يكون فيها الشاعر جاهزاً كي يكتب شعراً. تابعي المزيد: الشعر العمودي وكيف اختلف بين القديم والحديث