قدّم عالم الأنثروبولوجيا إدوارد ب. تايلر الثقافة باعتبارها، بنية اجتماعية معقدة تشمل "المعرفة، والمعتقدات، والفن، والأخلاق، والقانون، والعادات، والقدرات والعادات الأخرى التي اكتسبها الفرد كعضو في المجتمع"، وقد تبنى علماء الاجتماع هذا المنظور لتوسيع دراسة الثقافة إلى ما وراء النخبوية العرقية "للثقافة العالية"، مع التركيز على الحياة الاجتماعية البشرية باعتبارها انعكاساً للثقافة، سعى علماء الاجتماع لفحص ممارسات الأشخاص الذين يضعون أنفسهم ضمن منظور اجتماعي لدراسة حول الثقافة وعلاقتها بالمجتمع.. «سيدتي» التقت د. نهير عبدالله أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب؛ لتضيء لنا حول العلاقة البليغة بين الثقافة والمجتمع.
تقول د. نهير عبدالله لـ«سيدتي»: لطالما سعى علماء الاجتماع إلى فهم الثقافة باعتبارها سمة اجتماعية للإنسانية، ولم يتوقفوا عند "كيف تعكس الثقافة المجتمع"، ولكن أيضاً "كيف يعكس المجتمع الثقافة".
ألهمت هذه الأفكار الجديدة علماء الاجتماع لفحص ممارسات الأشخاص الذين يكرسون أنفسهم لمنظور اجتماعي حول الثقافة وعلاقتها بالمجتمع.
تقول د. نهير: يتعلق المجتمع باجتماع الناس في مكان ما، بشكل منظم يخضع لقوانين وقواعد متفق عليها يتم تطبيقها؛ فالمجتمع ليس سوى مجموعة منظمة من الناس الذين يعيشون معاً ويتصلون ببعضهم البعض، وهذا الوصف ليس بالضبط ما ينطبق على الطريقة التي يحيا بها الأشخاص الذين يعيشون في مكان ما أو منطقة معينة؛ فلكل مجتمع ثقافته، لكنهما ليسا نفس الشيء.
• تعريف الثقافة
يشير مصطلح الثقافة إلى نظام المعتقدات والعادات والمعرفة والسلوك والدين والممارسات وما إلى ذلك، والتي تشترك فيها عادةً مجموعة من الناس، توصف بأنها طريقة حياة الناس مثل: سلوكهم المكتسب، والقيم، والأخلاق، والفن، والقانون، والرموز، وأسلوب الحياة الذي يقبلونه تماماً، بشكل عام، تُتوارث الثقافة عبر الأجيال عن طريق الاتصال والتعليم والتقليد، وتعتبر بمثابة التراث الاجتماعي للمجموعة المنظمة.
الثقافة هي نمط من الاستجابات (التفكير والشعور والسلوك)، طورته المجموعة لحل المشكلات الناشئة عن تفاعل أعضاء المجموعة والبيئة.
تابعي المزيد: أهم مكونات ثقافة المجتمعات
• تعريف المجتمع
يُحدد مصطلح "المجتمع" على أنه مجموعة من الأشخاص يشتركون في نمط حياة وإقليم ونمط سلوك وتنظيم مشترك، والذي يجعله يشير إلى مجتمع منظم ، يشارك في تفاعل اجتماعي مستمر مع الأعضاء، و يشترك أعضاء المجتمع في سمات مشتركة مثل: القيم والتقاليد والعادات، كما أنهم يتشاركون في ثقافات ودين متشابهين، كل عضو مهم للمجتمع؛ لأن وجوده يعتمد على الأعضاء فقط.
• الاختلافات الرئيسية بين الثقافة والمجتمع
تقول د. نهير: يمكن رسم الفرق بين الثقافة والمجتمع بوضوح على الأسس التالية:
- تشير الثقافة إلى مجموعة المعتقدات والممارسات والسلوك المكتسب والقيم الأخلاقية التي تنتقل من جيل إلى آخر؛ مما يعني أن المجتمع مجموعة مترابطة من الأشخاص الذين يعيشون معاً في منطقة معينة ويرتبطون ببعضهم البعض؛ حيث تساعدنا الثقافة على التمييز بين مجتمع وآخر، من ناحية أخرى؛ فالمجتمع هو مجتمع من الناس الذين يقيمون في منطقة معينة، ويتشاركون الثقافة المشتركة، مع مرور الوقت توحّد الثقافة الهيكل الاجتماعي، بينما يبنيه المجتمع.
- توفر الثقافة إرشادات للناس حول كيفية العيش، على العكس من ذلك؛ فإن المجتمع هو هيكل يوفر الطريقة التي ينظم بها الناس أنفسهم.
- تتكون الثقافة من معتقدات وقيم وممارسات المجموعة، في المقابل، يتألف المجتمع من أفراد يتشاركون معتقدات وممارسات وعادات مشتركة.. إلخ.
- تنعكس الثقافة في الموضة، ونمط الحياة، والأذواق والتفضيلات، والموسيقى، والفن.. إلخ، على عكس المجتمع، وهو ما ينعكس في الاقتصاد.
• العلاقة بين الثقافة والمجتمع
تقول:
- الثقافة والمجتمع نظيران مثل وجهي الورقة، على أن الثقافة ثانوية للمجتمع، وهي جزء من البيئة من صنع الإنسان، والمجتمع ديناميكي لأن الثقافات الثابتة تماماً، هي ثقافات ميتة وهي غير موجودة في المجتمعات المعاصرة من العالم.
- الثقافة مستقرة ومتغيرة باستمرار، إنها طريقة حياة الناس، بينما المجتمع هو التجميع المنظم للأفراد الذين يتبعون طريقة معينة في الحياة، ببساطة، يتكون المجتمع من الناس، والطريقة التي يتصرفون بها هي ثقافتهم، الإنسان هو الكائن الوحيد الذي يبني الثقافة.
- الثقافة والمجتمع وصفها ريموند ويليام، بأن أية فكرة عن الثقافة هي رد فعل لأي تغيير في حالة الحياة الاجتماعية للإنسان، هذه الحالة ليست ثابتة ولا موحدة، وأية فكرة عن الثقافة توصلت إلى استنتاج واستفسار.
تابعي المزيد: أهمية الثقافة في تكوين شخصية الفرد