يتضمن قصر الحكم بالرياض إرثًا تاريخيًا عظيمًا يستحق أن يتم تسجيله بحروف من ذهب، فقد تم تأسيس قصر الحكم عندما انتقل الإمام تركي بن عبدالله، رحمه الله، إلى الرياض لتكون عاصمة لبلاده بدلًا من الدرعية، واتخذه عدد من الأئمة من بعده مقرًا لهم، إلى أن تعرض للهدم في أواخر الدولة السعودية الثانية.
وفي عام 1319هـ، أطلق الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن، رحمه الله، من قصر الحكم مسيرة تأسيس المملكة العربية السعودية، حيث أمر بإعادة بناء قصر الحكم في مكانه السابق، واتخذ الملك عبدالعزيز من القصر مقرًا له حتى عام 1357هـ، حيث انتقل إلى قصر المربع.
أجنحة القصر
القصر عبارة عن طابقين و4 أجنحة، حيث يتكون كل جناح من عدد الغرف الواسعة، وسلالم وقاعات وباحات.
ويبرز الجناح الشمالي من القصر لأهميته ومساحته الواسعة، ففي الدور الأرضي توجد مخازن للأطعمة، وصالة طعام كبيرة، فيما يحتوي الدور الأول على مجلسي الملك الخاص والعام، إضافة إلى 16 شعبة تتولى أعمال الديوان الملكي.
ويحتوي الجناحان الجنوبي والشرقي من القصر، مكاتب ومستلزمات الشؤون الملكية الخاصة، وإدارة الجيش ومساكن الحراس وخدم القصر، وفوقها قاعة يصلي فيها الملك وحاشيته.
ويشتمل هيكل القصر على 4 أبراج، وبوابتين كبيرتين، تقع الأولى شرق القصر والثانية شمال القصر، ويبلغ ارتفاعهما ثلاثة أمتار، وعرضهما أربعة أمتار، كما يضم القصر مدرسة الأبناء ومكتبة.
برنامج تطوير منطقة قصر الحكم
تعدّ منطقة قصر الحكم، المعلم الأبرز في معالم مدينة الرياض القديمة، بساحاتها الشهيرة، وبواباتها الأثرية، وأسواقها الرائجة، وأحيائها المتلاصقة، ومعالمها التاريخية، التي تأتي في مقدمتها قصر الحكم، وحصن المصمك.
وعانت منطقة قصر الحكم أواخر القرن الهجري الماضي، كما تعاني المناطق التاريخية في معظم المدن الحديثة، من هجرة السكان وضعف البرامج الاجتماعية والاقتصادية وتراجع اهتمام السكان بالمنطقة، نتيجة الطفرة العمرانية في الرياض، وظهور أحياء جديدة وانتقال الثقلين التجاري والسكاني إلى أجزاء أخرى من المدينة.
لذا وضعت الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، وبتوجيه وقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، حينما كان أميرًا لمنطقة الرياض ورئيسًا للهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، برنامجاً لتطوير منطقة قصر الحكم، يهدف إلى إعادة المنطقة إلى ما يجب أن تكون عليه كقلب نابض لمدينة الرياض، وإعادة القيمة الذاتية والمعنوية للمنطقة على مستوى المدينة، وعلى مستوى السعودية وعلى المستوى العالمي، كمنطقة استقطاب سياحي وثقافي.
مكونات قصر الحكم
ويحتضن قصر الحكم بعد التطوير، مكتباً للملك، وصالة كبرى للاستقبال، ومجالس ملحقة بها، وصالة رئيسية للطعام، وقاعات وعناصر أخرى.
كما يضم مكتب أمير منطقة الرياض، ومجلسًا يستقبل فيه المواطنين، وقاعات للاجتماعات، وصالة طعام، إضافة إلى مكتب نائب أمير منطقة الرياض، وقاعة للاجتماعات وصالة طعام.
ساحات وبوابات تاريخية
وتمثل ساحات منطقة قصر الحكم أبرز عناصر برنامج تطوير المنطقة، وتضم كل من: "ميدان العدل" و"ساحة الإمام محمد بن سعود" و"ساحة الصفاة"، التي غدت مقصدًا للسكان لأغراض متنوعة مثل التنزه والتسوق والسياحة التاريخية.
كما اشتمل البرنامج على إعادة بناء وترميم بوابات الرياض التاريخية، وأشهرها: بوابة الثميري، وبوابة دخنة، وبرج الديرة، وأجزاء من سور المدينة القديم.
مشاريع حيوية وأنشطة تجارية
ويضم برنامج تطوير المنطقة 7 مجمعات تجارية ضخمة تخدم سكان المدينة وزائريها بمستويات مختلفة، كما حثّ توفر البنى التحتية والمرافق الخدمية القطاع الخاص على الاستثمار في المنطقة وتطويرها وفق المنهجية التي وضعتها "هيئة تطوير الرياض" فأقيم كل من: مركز المعيقلية التجاري، مركز التعمير، مركز بن سليمان التجاري، وجميعها من المشاريع التنموية الكبرى على مستوى المدينة.
كما نفذت الهيئة عددًا من المشاريع الحيوية وفق تصاميم تتوافق مع عناصر المنطقة، ومن أبرزها: إنشاء مركز الملك عبدالعزيز التاريخي، وتطوير مقر المحكمة العامة، ومقر المحكمة الجزائية، وتنفيذ الجزء الأوسط من طريق الملك فهد الذي يخترق المدينة من جنوبها إلى شمالها مرورًا بوسطها ومنطقتها المركزية، وإنشاء متنزه سلام، وتطوير كل من حي الدحو التاريخي المجاور، ومنطقة الظهيرة الواقعة بين منطقة قصر الحكم ومركز الملك عبدالعزيز التاريخي.
برامج وفعاليات تنشيطية
كما أطلقت الهيئة العليا عديدًا من البرامج والفعاليات التنشيطية، التي تقام بشكل دوري في ساحات قصر الحكم، ومن أبرزها: احتفالات عيد الفطر المبارك، التي تعدّ الاحتفال الرسمي لمدينة الرياض.
جوائز عالمية
جدير بالذكر، أن بعض مكونات منطقة قصر الحكم، حققت جوائز عالمية، فقد فاز جامع الإمام تركي بن عبدالله، بجائزة أغا خان العالمية للعمارة، في دورتها السادسة المنعقدة في مدينة سولو بإندونيسيا عام 1415هـ /1995م.
بينما اختارت "جمعية المعماريين الدنماركية"، ساحات قصر الحكم بوسط مدينة الرياض، كأحد أفضل الساحات في العالم، وذلك ضمن كتاب أصدرته الجمعية عام 1422هـ /2002م تحت عنوان "الساحات الجديدة للمدن"، وجاء اختيار ساحات منطقة قصر الحكم في الكتاب، لتحقيقها أعلى درجة من الدمج بين الوظائف الدينية والثقافية والتجارية والإدارية في المنطقة، وتأكيد تصميمها العمراني على أصالة المنطقة وعراقتها التاريخية واحتفاظها بالطابع المحلي.