يجلب العام الجديد تحدّيات جديدة لصناعة الطيران؛ ففي الوقت الذي يخطّط فيه عمالقة الاتصالات السلكيّة واللاسلكيّة لإطلاق شبكات الجيل الخامس بهدف تحسين الاتصال اللاسلكي في الولايات المتحدة، الشبكة التي طال انتظارها، إلّا أن الشبكة المذكورة تواجه اليوم معارضة قوية من شركات الطيران ومصنعي الطائرات ومنظمات الطيران التي تقول إن الجيل الخامس قد يؤثّر سلبًا في سلامة الطيران. على الرغم من أن شركتي الاتصال الأميريكية Verizon وAT&T كانتا أنفقتا مليارات الدولات للحصول على تراخيص تشغيل الجيل الخامس هذا العام، إلا أنّهما عقب الجدل الأخير قد ترضخا للتأجيل، فما الذي حدث؟
تأثير شبكة الجيل الخامس في مقاييس ارتفاعات الطائرات
وفق صحيفة "بزنس إنسايدر"، وصفت "اللجنة الفنية للملاحة الجوية" RTCA أجهزة القياس الراديوية بأنّها المستشعر الوحيد الذي يتواجد على متن الطائرة. توفّر الأجهزة المذكورة قياسًا مباشرًا لارتفاع الطائرة فوق التضاريس أو غيرها من الحواجز. مثلًا: قد تعتمد الطائرات التي تحلق فوق التضاريس الجبلية على أجهزة تحديد الارتفاع الراديوية لقياس المسافة التي تفصلها عن السطح، وقد تستخدم الطائرات أجهزة تحديد الارتفاع الراديوية أيضًا عند الهبوط لقياس علوّها فوق مستوى الأرض، مقارنةً بالارتفاع فوق متوسط مستوى سطح البحر. هنا، يرى المعارضون لشبكات الجيل الخامس، أنها قد تساهم في تداخل مقاييس الارتفاع في هذه المواقف الحرجة، كما عند هبوط الطائرة. بالتالي، فإنّ فشل هذه المستشعرات قد يؤدي إلى وقوع حوادث ذات نتائج كارثيّة! أحد الأمثلة التي أبرزتها لجنة مجلس النواب الأميركي للنقل والبنية الأساسية، هي طائرة الخطوط الجوية التركية رقم " 737-800" التي تعرّضت لتحطّم قاتل في عام 2009م بعد تلقّي قراءة خاطئة من أحد مقاييس الارتفاع اللاسلكية.
لاقى الجدل صدىً، فاستجابت بعض شركات الطيران. في هذا الإطار أفادت القناة الفرنسية "فرانس 24" بأن "شركة طيران الإمارات أعلنت عن تعليق رحلاتها إلى تسع مدن في الولايات المتحدة، بسبب مخاوف تشغيلية تتعلق بنشر شبكات الجيل الخامس قرب بعض المطارات الأميركية، وكذا فعلت شركة الطيران الهندية التي ألغت بعض الرحلات الجوية المتجهة إلى الولايات المتحدة، مع تغيير طرز الطائرات".
بالمقابل، قلّلت شركة Verizon الرائدة، في مجال شبكات الجيل الخامس، من المخاوف المتعلّقة بتأثير هذه الاتصالات على صناعة الطيران، مستشهدةً بالدول الأخرى التي تعايشت فيها هذه الشبكات (الجيل الخامس) مع الطيران، إلّا أن Verizon عملت، على الجانب الآخر، على إيقاف شبكات الجيل الخامس الخاصة بالشركة طوعًا حول المطارات.
رئيسة لجنة الاتصالات الفدرالية جيسيكا روزنوورسيل، قالت بدورها إن "شبكة الجيل الخامس يمكنها التعايش بأمان مع قطاع الطيران الأميركي". في هذا الإطار، يُذكر أن الخطوط الجويّة الأميركيّة أبرمت شراكة جديدة، مع رابطة الصناعات الجويّة AIA، لمشاركة البيانات التي تهدف إلى تحديد مجالات المشكلات في طرح الجيل الخامس.
مخاوف غير مبرّرة من شبكة الجيل الخامس
الجدير بالذكر أن شبكة الجيل الخامس عبارة عن تقنيّة لاسلكيّة لنقل البيانات بشكل فائق السرعة، التي تصل الى 10 "جيجابت" في الثانية، وأن الشبكة المذكورة تعمل على تقليل زمن الاستجابة، وتحسين مرونة الخدمات اللاسلكية. في هذا الإطار، يرى خبراء التقنية أن شبكة الجيل الخامس ستُحقّق نقلة نوعية في مجال الاتصالات المتنقلة.
في الخلاصة، من غير المُستغرب أن يدور الجدل حول الشبكة، إذ كانت تداولت الوكالات الإخبارية قبل وقت قصير بعض المخاوف حول قدرة شبكة الجيل الخامس التجسّس على مستخدمي أجهزة الآيفون أو خطورة الشبكة الصحّية على الأجنّة! بالطبع، كان كلّ ما أشيع حول الشبكة غير مؤكد أو مثبت بدلائل.