"ست الحبايب يا حبيبة.. يا أغلى من روحي ودمي.. يا حنينة وكُلّك طيبة.. يا رب يخليكِ يا أمي".
تلك هي كلمات أعظم وأشهر أغنية تغنت للأم على الإطلاق، صدرت في ستينات القرن الماضي وظلت تُغنى حتى وقتنا الحالي، وعلى الرغم من وجود العديد والعديد من أغاني يوم الأم للكثير من المغنين والموسيقيين، إلا أن أغنية "ست الحبايب يا حبيبة" تعتبر أيقونة يوم الأم حتى وقتنا الحالي، ورقم واحد على الساحة الغنائية، والعلامة المستمرة ليوم الأم على الإطلاق.
"ست الحبايب يا حبيبة" أغنية تغنت بها المطربة المصرية الراحلة "فايزة أحمد"، وأصدر كلماتها الشاعر الغنائي الكبير الراحل "حسين السيد"، ومن ألحان الموسيقار العظيم "محمد عبدالوهاب".
ما هي القصة وراء هذه الأغنية؟
تروي الدكتورة "حامدة حسين السيد" ابنة الشاعر الكبير "حسين السيد" مؤلف الأغنية، في لقاء تليفزيوني لها، قصة الأغنية الخالدة وعلاقة والدها بوالدته.
قالت الدكتورة "حامدة" إن هذه الأغنية كُتبت بسرعة جداً، وتضمنت كلماتها كل المفردات البسيطة السهلة- والعظيمة في نفس الوقت- والعفوية المستخدمة في كل البيوت، والتي تستخدمها كل الأمهات في كل حالاتها، من قلقها وزعلها لفرحتها بأبنائها. وربما عفويتها وصدق كلماتها، هما السر وراء نجاحها وصمودها على مر السنين من دون منافس.
في مساء يوم 20 مارس عام 1958، ذهب الشاعر الغنائي الكبير "حسين السيد" لزيارة والدته في منزلها بعد يوم شاق وطويل من العمل، وبعد صعوده الطوابق الخمسة متجهاً لشقة والدته في الدور السادس، اكتشف أنه نسي أن يشتري هدية لوالدته ليقدمها لها بمناسبة يوم الأم، ونظراً لشعوره بالتعب والإرهاق لم يستطع النزول مرة أخرى للشارع ليشتري هدية؛ فوقف على باب الشقة وأخرج من جيبه ورقة وقلم ثم جلس على السلم وحاول أن يكتب كلمات يعبّر فيها عن حبه وتقديره لوالدته؛ ليقدمها لها فور أن تفتح له باب الشقة.. انطلقت الكلمات وخرجت بعفوية مطلقة، ووجد من دون أن يدري أنه كتب الكلمات الآتية:
ست الحبايب يا حبيبة..
يا أغلى من روحي ودمي..
يا حنينة وكُلّك طيبة..
يا رب يخليكِ يا أمي..
يا ست الحبايب يا حبيبة..
زمان سهرتِ وتعبتِ وشلتِ من عمري ليالي..
ولسه برضو دلوقتِ بتحملي الهمّ بدالي..
أنام وتسهري وتباتي تفكري..
وتصحي من الأذان وتيجي تشأري..
يا رب يخليكِ يا أمي..
يا ست الحبايب يا حبيبة..
تعيشي ليا يا حبيبتي يا أمي ويدوم لي رضاكِ..
أنا روحي من روحك إنتِ وعايشة من سرّ دعاكِ..
بتحسي بفرحتي قبل الهنا بسنة..
وتحسي بشكوتي من قبل ما أحس أنا..
يا رب يخليكِ يا أمي يا رب يخليكِ يا أمي..
يا ست الحبايب يا حبيبة..
لو عشت طول عمري أوفي جمايلك الغالية عليا..
أجيب منين عمر يكفي وألاقي فين أغلى هدية..
نور عيني ومهجتي وحياتي ودنيتي..
لو ترضي تقبليهم دول هما هديتي..
يا ست الحبايب يا حبيبة يا حبيبة..
وبعد أن انتهى من كتابة الكلمات، طرق باب شقة والدته، وقدم لها الكلمات التي ما أن قرأتها حتى بكت من فرحة تأثرها بهذه الكلمات، وسألت ابنها، هل هذه الكلمات لها، أو أنها أغنية جديدة من تأليفه؟ قال لها إن الكلمات لها وحدها وليست أغنية، ثم قال لها: "إن رغبتِ أن تكون أغنية فسيكون ذلك خلال ساعات وبصوت أجمل المطربات"؛ فوافقت على الفور.
الوفاء بالوعد
وهو لايزال بشقتها، اتصل بالموسيقار العظيم، موسيقار الأجيال "محمد عبدالوهاب" وحكى له القصة وقرأ له الكلمات، وبدأ يلحنها كوبليه كوبليه، وبالفعل لحن الموسيقار "محمد عبدالوهاب" الأغنية كاملة، وفي صباح اليوم التالي، يوم الأم، كانت الأغنية جاهزة، غناها "عبدالوهاب" بصوته أولاً في الإذاعة على نغمات العود فقط، ومع نهاية اليوم، كانت المطربة "فايزة أحمد" قد غنتها في الإذاعة بالتوزيع الموسيقي، وبذلك وفّى حسين السيد بوعده لأمه، وحوّلها لأغنية؛ إهداءً لها في يومها، ومع الاستعداد لإقامة حفل يوم الأم، كانت أغنية "ست الحبايب" من الأغاني المُرشحة بقوة من الموسيقار "محمد عبدالوهاب" عندما طلب منه وزير الثقافة حينها "ثروت عكاشة" تضمين أغنية للأم في الحفل.
لقد كانت تلك الأغنية التي احتوت كلماتها على صدق المشاعر والأحاسيس، هي السبب في صمودها وبقائها وجعلها أيقونة دائمة في كل يوم أم، ولكل أم.