الرفض‭ ‬والقبول

أحمد العرفج
د. أحمد  العرفج
د. أحمد  العرفج

في‭ ‬كل‭ ‬صباح‭ ‬أردد‭: (‬هذا‭ ‬اليوم‭ ‬هدية‭ ‬من‭ ‬الله،‭ ‬فلا‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬أضيعه‭ ‬بالقلق‭ ‬من‭ ‬المستقبل،‭ ‬أو‭ ‬الحسرة‭ ‬والتباكي‭ ‬على‭ ‬الماضي‭)‬،‭ ‬لأن‭ ‬القلق‭ ‬الدائم‭ ‬هو‭ ‬شكل‭ ‬من‭ ‬أشكال‭ ‬الحماقة،‭ ‬مثل‭ ‬الذي‭ ‬يمشي‭ ‬دائماً‭ ‬وهو‭ ‬ممسك‭ ‬بالمظلة‭ ‬خوفاً‭ ‬من‭ ‬نزول‭ ‬المطر‭.!‬
حياة‭ ‬الإنسان‭ ‬ليست‭ ‬دائماً‭ ‬كما‭ ‬يريد،‭ ‬فأحياناً‭ ‬تداهمنا‭ ‬بعض‭ ‬المشاعر‭ ‬السلبية،‭ ‬مثل‭ ‬الآلام‭ ‬والأحزان‭ ‬والخوف‭ ‬من‭ ‬المستقبل،‭ ‬والاكتئاب‭ ‬والقلق‭ ‬الذي‭ ‬سيبقيك‭ ‬أسيراً‭ ‬في‭ ‬دائرة‭ ‬الفشل‭ ‬والإحباط،‭ ‬ولذلك‭ ‬يقول‭ "‬سميث‭": (‬القلق‭ ‬مثل‭ ‬الكرسي‭ ‬الهزاز،‭ ‬سيجعلك‭ ‬تتحرك‭ ‬دائماً،‭ ‬ولكنه‭ ‬لن‭ ‬يوصلك‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬مكان‭). ‬
ويؤكد‭ ‬خبراء‭ ‬الصحة‭ ‬النفسية‭ ‬أن‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬المشاعر‭ ‬لا‭ ‬يشعر‭ ‬بها‭ ‬الإنسان‭ ‬إلا‭ ‬بسبب‭ ‬رفضه‭ ‬للماضي،‭ ‬أو‭ ‬المستقبل،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬الحاضر،‭ ‬إذ‭ ‬يقول‭ ‬الدكتور‭ ‬أحمد‭ ‬عمارة،‭ ‬استشاري‭ ‬الصحة‭ ‬النفسية‭: (‬إن‭ ‬الرفض‭ ‬هو‭ ‬مفتاح‭ ‬أغلب‭ ‬الأمراض‭ ‬النفسية،‭ ‬فالاكتئاب‭ ‬والحزن‭ ‬والألم‭ ‬والمعاناة،‭ ‬سببها‭ ‬رفض‭ ‬الإنسان‭ ‬للماضي،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬الخوف‭ ‬والقلق‭ ‬والرعب‭ ‬والفزع‭ ‬سببها‭ ‬رفض‭ ‬المستقبل،‭ ‬ومشاعر‭ ‬الزهق‭ ‬والملل‭ ‬يشعر‭ ‬بها‭ ‬الإنسان‭ ‬بسبب‭ ‬رفضه‭ ‬للحاضر‭).‬
ولذلك‭ ‬قيل‭: (‬من‭ ‬أكبر‭ ‬الأخطاء‭ ‬في‭ ‬حق‭ ‬أنفسنا‭ ‬هو‭ ‬القلق‭ ‬والاستسلام‭ ‬للاكتئاب‭ ‬والشعور‭ ‬بالإحباط‭). ‬
فالرفض‭ ‬هو‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬التجارب‭ ‬الحياتية،‭ ‬ولكن‭ ‬يجب‭ ‬ألا‭ ‬نسمح‭ ‬له‭ ‬بالتحكم‭ ‬في‭ ‬المستقبل،‭ ‬فمَثلاً‭ ‬إذا‭ ‬فكرت‭ ‬دائماً‭ ‬بالرفض‭ ‬الذي‭ ‬واجهته‭ ‬في‭ ‬الماضي،‭ ‬عندما‭ ‬تم‭ ‬رفضك‭ ‬حين‭ ‬قدمت‭ ‬على‭ ‬وظيفة،‭ ‬فإن‭ ‬ذلك‭ ‬سيمنعك‭ ‬من‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬وظائف‭ ‬جديدة‭.!‬
في‭ ‬النهاية‭ ‬أقول‭: ‬إن‭ ‬الحزن‭ ‬على‭ ‬الماضي،‭ ‬والخوف‭ ‬والقلق‭ ‬من‭ ‬المستقبل،‭ ‬يحرمنا‭ ‬من‭ ‬الاستمتاع‭ ‬برغد‭ ‬العيش‭ ‬وراحة‭ ‬البال،‭ ‬لذلك‭ ‬من‭ ‬الجيد‭ ‬أن‭ ‬نفعّل‭ ‬خاصية‭ "‬التفاؤل‭" ‬ونبحث‭ ‬عن‭ ‬نقطة‭ ‬ضوء‭ ‬إيجابية‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬حدث‭ ‬سيئ‭ ‬أو‭ ‬مقلق،‭ ‬وصدق‭ ‬الحكيم‭ ‬الذي‭ ‬يقول‭: (‬القلق‭ ‬لا‭ ‬يمنع‭ ‬ألم‭ ‬الغد،‭ ‬لكنه‭ ‬يسرق‭ ‬متعة‭ ‬اليوم‭).!‬