يتبوأ الإحسان مكانة مرموقة، وقد عرّفه النّبيّ الكريم: (الإحسان أن تعبد الله كأنّك تراه فإن لم تكن تراه فإنّه يراك).
أي أن يكون عملُ الإنسان خالصاً لوجه الله تعالى، عملاً مليئاً بالنّبل والاعتراف بالفضل الجميل، علماً أنّ الإحسان يُعتبر طريقاً لكسب القلوب ونزع الحقد منها، فالله تعالى يغفر الذّنوب ويتوب على الظّالم، كما أمرنا الله تعالى بالإحسان قولاً وعملاً، والابتعاد عن المحرّمات سرّاً وعلانية، قال تعالى: (وأحسنوا إن الله يحبّ المحسنين).
إنّ للإحسان صوراً عديدة وكثيرة، كالإحسان في القول، والإحسان في العمل والواجبات، وقصص الإحسان كثيرة في حياتنا، منها نأخذ العبر والدروس ونستشعر معنى الإحسان انطلاقاً من عبادة الله وحده أفضلَ عبادة، والشعور بمراقبته لنا، ممّا يجعلنا نقوم بالأعمال على أفضل وجهٍ، ومن ثمّ الإحسان إلى العباد والأخذ بيدهم، ودعوتهم للتّعرّف على الله وعبادته، وتعليمهم ما ينفعهم دنيا وآخرة.
الإحسان لا يكون مع أشخاص محدّدين فقط، بل مع كلّ قريب وبعيد تربطنا به صلة قرابة أو لا، فالإحسان يسمو بصاحبه كثيراً، كما أنّ الصّداقة الحقيقية تعلو وترتفع بمن يتمتّع بها نحو درجات الكمال، أي أن الصّداقة والإحسان متشابهان، كلّ منهما يضمّ بين طياته أجمل معاني الصّدق والوفاء، وبالتّالي تصبح العلاقة علاقة لا تقدّر بثمن، ولا تُباع ولا تشترى، بل هي سكينةُ قلبٍ مثقل بالهموم يرمي بحِمْله على قلبِ صديقٍ لا يخذله أبداً، يرسم على ثغره ابتسامة رائعة تمنحه الثقة والأمان.
الصداقة لا تُقاس بمدى قربِ الصديق أو بُعد المسافة بينهما، فكم من صديقٍ تفصله عن صديقه ملايين الكيلو مترات إلا أنهما قلبٌ واحد في جسدين، يشعر كلّ منهما بالآخر، كالقلب والعين إن حزن القلب دمعت العين والعكس صحيح إن حزن القلب دمعت العين، كالشّجرة والجذور لا ينفصلان أبداً، هذه العلاقة الوطيدة بين الأصدقاء لا تقدّر بالسنين، بل بالمواقف الجبّارة الصّادقة تكون برهاناً واضحاً على مدى قوّة صداقتهما، فالصّديق الوفيّ ثروة باهظة لا تقدّر بثمن ولا يجب التّفريط بها، وخيرُ ما قيل عن الصّداقة هو قول الشافعي:
صادق صديقاً صادقاً في صدقه
صِدقُ الصّداقة في الصّديق الصّادق
سلامٌ على الدّنيا إذا لم يكن بها
صديقٌ صادقُ الوعدِ منصفا
فكن صديقاً مُحسناً كأنك جمعت بين ضياء الشّمس ودفئها.